ندوة حول إعدامات الحوثي في اليمن: توصيات ودعوات
ندوة حول إعدامات الحوثي في اليمن: توصيات ودعوات للحكومة والمجتمع الدولي - علي الحسام ونشوان نيوز
دعا مشاركون في ندوة افتراضية حول إعدامات الحوثي في اليمن المجتمع الدولي إلى القيام بدوره في الضغط على مليشيات الحوثي لإيقاف عمليات الإعدام السياسي والتي تطال من وصفتهم بـ"مناهضي الفاشية الحوثية".
جاء ذلك ضمن توصيات ندوة "تهامة تنزف واليمن حزين"، والتي نظمها مركز يمنيون للدراسات عشية احتفالات اليمن بأعياد الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر.
ودعا المشاركون منظمة العفو الدولية والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى القيام بدورها في العمل على سرعة إطلاق السجناء السياسيين والمعتقلين والمختطفين في سجون مليشيات الحوثي قبل أن تطالهم عقوبات الإعدام الوحشية بتهم ملفقة.
كما وجهوا الدعوة إلى قيادة الشرعية والجهات ذات العلاقة للقيام بتكريم "شهداء تهامة ضمن شهداء الأمة اليمنية، وطالبوا الحكومة بسرعة العودة إلى الأراضي اليمنية، وتفعيل مؤسسات الدولة للقيام بواجبها، والعمل على ردع الاعتداءات التي طالت المواطنين الأبرياء بالإعدام السياسي خارج نطاق القانون".
وشددت التوصيات حسب بيان اطلع نشوان نيوز على نسخة منه، على ضرورة العمل على توحيد الشعب وعدم السماح بتمزيق النسيج الاجتماعي، والعمل على انتزاع الشعب اليمني من براثن الفقر والتخلف، وبذل الجهود لإيقاف العمل باتفاق ستوكهولم الذي أضرّ بتهامة وأخرَّ عملية تحريرها".
كما دعت توصيات الندوة جماهير الشعب اليمني إلى توجيه جام غضبها نحو عدوها المتمثل بحركة الحوثي الإرهابية الفاشية -الهاشمية السياسية- وتوحيد جهودها ونضالها لاستعادة الدولة ومقاومة الانقلابات. وكذلك دعوة وسائل الإعلام للتعامل مع كافة القضايا بروح اليمن الكبير، وعدم إثارة الصراعات والخلافات الجانبية.
وشملت دعوة الباحثين والمؤرخين ومراكز البحث العلمي إلى الاهتمام بتهامة وتاريخها، وإخراجها من دائرتي الإهمال والنسيان. وكذلك دعوة المانحين والجهات الإنسانية إلى الاهتمام بأسر الشهداء. ودعت توصيات الندوة المؤسسات والمنظمات إلى دعم المشاريع التنموية في تهامة وعموم محافظات الجمهورية اليمنية.
نضال ومأساة تهامة
وقد اشتملت الندوة على ثلاث أوراق عمل، وفي ورقته حول (نضال أبناء تهامة ومقاومتهم للإمامة) أشار الأستاذ زايد جابر وكيل وزارة الثقافة إلى نضال ومأساة تهامة وصراعها مع الإمامة، وما مثلته تهامة من غصة للإمامة، مما جعلها عرضة للانتقام.
وأضاف أن "الإمامة عبر تاريخها لم تستطع أن تصهر تهامة في مذهبها الوافد على اليمن والممتلئ بالعنف وعوامل الصراع، فقد عجز المذهب الهادوي أن يجد له بيئة حاضنة في تهامة، لذا ظلت تهامة تقاوم هذا المد واستمر الحقد على أبنائها".
وقال وكيل وزارة الثقافة كان الأئمة بحاجة إلى ثروة تهامة وأراضيها وموانئها على الدوام. وأشار إلى أن الأئمة لم يشاركوا في الجهاد في فلسطين عندما سقطت في يد الصليبيين، فقد كانوا يدعون إلى الجهاد في تهامة بدلاً عن فلسطين، وأورد في حديثه: “جهادنا في تهامة اذهبوا هناك" وهي عبارة عبدالله ابن حمزة - أحد أئمة الزيدية- والذي لم يعتبر اعتناق بعض هاشميي تهامة المذهب الزيدي بالشيء المهم، "لأنهم لم يهاجروا إلى إمام الحق ولم يقاتلوا معه" ولذلك استباحت الإمامة أراضي الناس في تهامة وأموالهم بحسب هذه المفاهيم وهذه النظرية الإمامية.
ونوه الباحث زايد جابر أن تهامة ظلت عصية على الإمامة، وظلت مستقلة من قبل مجيء السلطة المتوكلية في 1918م، منوهاً إلى أن ما قام به الإمام أحمد من جرائم ضد أبناء تهامة عندما أسر منهم 800 شخص وأرسلهم إلى سجن حجة ثم قام بإبادتهم جميعاً في السجن، كما تم في عهده وعهد أبيه إغلاق المدارس العلمية في زبيد، وبرغم كل ذلك فإن تهامة لم تستسلم، ولم تعتنق المذهب الزيدي، بسبب مقاومة وصلابة قبائلها.
رؤية سياسية
وفي ورقته حول (الرؤية السياسية للخروج من الحالة اليمنية الراهنة) قال البروفيسور أحمد الدبعي أن ثورة 26سبتمبر اعتبرت في القواميس الدولية من أعظم الثورات كونها موجهة ضد الظلم والطغيان، ولم تكن موجهة ضد شخوص أو جهة معينة فقط، وأضاف "أنا أفتخر بالانتماء إلى الشعب اليمني الذي قام بثورة 26 سبتمبر".
وأشار إلى أن تهامة ينتمي لها ناس يعملون بالزراعة، ولديهم نشاط إنتاجي كبير، وتمثل تهامة سلة غذاء اليمن والمنطقة كلها، فأبناء تهامة يحملون الفؤوس والمحاريث أكثر من حمل البنادق، لذا كان وما يزال هناك أطماع في تهامة، والتي قد تعرضت لكثير من الظلم، بحسب قوله.
وأضاف الدبعي أن على اليمنيين أن يعترفوا بأنهم أخفقوا في حمل أهداف وقيم الثورة اليمنية، لذا أنتجت اليمن طبقة سياسية رثة لم تستطع أن تفتك بفيروس الإمامة، ولذا عاود في الظهور، وذلك - بشكل جوهري - بسبب عدم جودة التعليم. وأكد البروفيسور الدبعي على ضرورة التمسك بقيم وأهداف ثورة 26 سبتمبر لإعادة المناعة لليمن ضد الإمامة وخطرها.
وقال: "لابد من العودة إلى النظام الديمقراطي الذي أنتجته الوحدة اليمنية في عام 1990م للخروج من هذا المأزق الذي وصلت إليه اليمن" ولابد من التمسك بقيم المواطنة المتساوية، وهي أهداف كبرى تجمع الشعب اليمني حولها، ولذا يجب استمرار النضال للوصول إليها، ولابد لليمنيين من التنافس عبر البرامج لا عبر المدافع. موضحاً أن أزمة اليمن هي أزمة إدارية وأزمة رؤية.
وأشار لضرورة إعادة إنتاج خطاب إعلامي جديد يبني قيم وأفكار الشعب ويساهم في صناعة الوعي، كما أنه لابد من ترميم قيم التعايش لمعالجة تشوهات الحرب، والعمل معاً لاستعادة الدولة والبدء بعملية الضغط الشعبي لعودة الشرعية والحكومة إلى اليمن.
جريمة الإعدام السياسي
وفي ورقته تحدث توفيق الحميدي رئيس منظمة سام للحقوق الحريات عن جريمة إعدام عشرة من أبناء تهامة، وقال فيها أن هذا الإعدام السياسي لأبناء تهامة مثّل حالة استفزاز لمشاعر اليمنيين لا توازيها إلا مشاعرهم لحظة الانقلاب وسقوط العاصمة صنعاء بأيدي الميليشيات الحوثية في 2014م.
وأشار إلى أن الانتهاكات لحقوق الإنسان في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي لا يمكن فصلها عن الإرث التاريخي لهذه الجماعة، فالإمامة الجديدة تعيد انتاج نفسها بنفس أدوات وأسلوب الامامة القديمة، واصفاً المحكمة التي حكمت على أبناء تهامة بأنها محكمة هزلية وما تم فيها هزلي غير مستند لقانون أو ضمير.
وأفاد الحميدي إلى أن صالح الصماد قتل من قبل غارة قام بها التحالف في 2018م وتم اعتقال معظم من أعدموا ما بين سبتمبر ونوفمبر من نفس العام بمعنى أنهم ظلوا لفترة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وقال إنهم تم اعتقال أفراد الخلية المزعومة تباعاً ولم يهرب منهم أحد إلى خارج مناطق سيطرة الحوثي، مع علمهم أن زملائهم في الخلية -بحسب توصيف جماعة الحوثي- تم اعتقالهم وايداعهم في سجون سرية، واعترافاتهم المنشورة في وسائل إعلام الجماعة لا قيمة قانونية لها.
ونوه رئيس منظمة سام إلى أن المحكمة لم تستمع للمتهمين والذين كانوا في مناطق بعيدة عن مكان ضرب التحالف للصماد ولديهم إثباتات وشهود ولم تأخذ بحقهم في الدفاع عن أنفسهم، كما أن تقارير الاتصالات التي قدمتها استخبارات جماعة الحوثي كانت في صالح المتهمين ومع ذلك أهملتها المحكمة، لذا ما تم هي جريمة قتل خارج القانون اشتركت فيها جماعة الحوثي مع أعضاء من النيابة والأمن والمحكمة.
ووصف رئيس سام قضاة المحكمة بأنهم كتيبة عسكرية بلباس قضائي تنفذ أوامر الجماعة. وقال لابد من إيقاف المحاكمات والاعدامات، واستنكر عدم اكتراث الشرعية والحكومة بحادثة الإعدام.
ونوه الحميدي إلى ضرورة الالتفاف المجتمعي ضد ظلم وتعسف جماعة الحوثي، وأن هذا الظلم يجب أن يكون المحرك الاساسي للجماهير ويجمعهم ضد هذه الانتهاكات، كما فعل ظلم الأئمة الذين قامت ضدهم وضد ظلمهم ثورة 26 سبتمبر.
ودعا الحميدي الحكومة للتحرك السياسي والدبلوماسي، وتشكيل جبهة عريضة لمواجهة جماعة الحوثي، وإلى توحيد الخطاب الإعلامي ضد ظلم وبشاعة جماعة الحوثي وأعمالها الإجرامية، وتحليل خطاب جماعة الحوثي تحليلاً قانونياً حقوقياً وتقديمه للمنظمات الدولية.
ودعا الحميدي إلى ضرورة خروج مقاومة في مختلف المناطق اليمنية لأجل إيقاف جماعة الحوثي وإيقاف ظلمها الذي تمارسه على الناس، من خلال الاستلهام من ثورة سبتمبر في مواجهة الانتهاكات القائمة اليوم، وقال: "علينا العمل على إعادة البوصلة كأمة يمنية، وأن نتحرك كنُخب وجماهير لا أن ننتظر للخارج ولا للشرعية" .
حضر الندوة العديد من المثقفين والأكاديميين الذين أثروها بالنقاشات والمقترحات الهامة والتي سيؤخذ بها في فعاليات مركز يمنيون خلال الفترة القادمة.