آراء

كلمات على أنقاض منزل الشدادي

سعاد الحدابي تكتب: كلمات على أنقاض منزل الشدادي في مأرب وسط اليمن


"لن تسقط أرضٌ ارتوت بدماء الآباء، وأزهرت بدماء الأبناء" سعاد الحدابي.
ذاكرتنا القريبة لا تزال تحتفظ بملامح وجهه...
هواتفنا محملة بمقاطع لبطولاته، ليس من السهولة أن ينسى الشعب رموزه الوطنية.
لا زلنا نذكر القيل اليماني الذي رحل خفيف الزاد.
القيل الذي ترك بصمته في معارك مأرب، ولم يترك للحوثي لحظة لينعم فيها بالراحة، لقد أوجعهم صموده فوجهوا إليه صاروخا في محاولة لإنهاء وجوده وماعلموا أنه يسكن قلوب الشعب حتى بعد رحيله، وأنه سار على خطا أبي الأحرار القيل اليماني السبتمبري الذي لم يجد ما يفتدي به الوطن غير قلبه:
بحثت عن هبة أحبوك يا وطني ,,, فلم أجد لك إلا قلبي الدّامي
نعم رحل الشدادي بعد حياة حافلة بالصمود، رحل عن بيت طيني وديون كان يغطي بها احتياجات المرابطين معه، و هكذا يرحل الأبطال دون عقارات وأرصدة في البنوك وشقق.
نعم رحل الشدادي و هولا يمتلك غير بيت طيني في قريته، وهو الذي لوشاء لكان له قصر في الرياض، أو فيلا في القاهرة، لكنه آثر حب الآخرة على حب الفانية.
لقد ظل جبلا أمام زحف حنشان الظمأ وخفافيش الكهوف، حتى عدّه الحوثيون هدفا استراتيجيا، و لا يزالون يحقدون عليه حتى بعد رحيله، فهاهم يفجرون بيته الطيني، على عادتهم في النيل من خصومهم، في محاولة منهم لطمس هوية كل من قاوم مسيرتهم الشيطانية.
وينسى الحوثيون أن الشدادي رمزا سبتمبريا قبل أن يكون قائدا وطنيا.
ينسى الحوثيون أن للشدادي موضعا في قلب كل يمني، وأنه في ذاكرة الوطن صورة لا تمحى، وفي سفر التأريخ رجل بأمَّة.
ينسى الحوثيون أنهم إنما يقاتلون رجالا أمثال الشدادي، لا يضرهم من خذلهم، ولا يزيدهم هدم بيوتهم إلا إصرارا على الثبات.
لن ينال الحوثيون من رجال العبدية حتى وإن فجروا المنازل وشردوا الآمنين، لن ينالوا من تأريخ الشدادي حتى وإن اعتلوا جبال العبدية، لن يزيدونا إلا ثقة بأنهم دمويون وخصوم غير شرفاء.
لم تُهزم العبدية اليوم، و المهزوم هو من دمر بيوت الآمنين، لم تفقد العبدية رجالها الشرفاء، والذين فقدوا هم أولئك الذين ألقوا بأبنائهم في صحراء مأرب، فلا هم عاشوا، ولا عادت جثامينهم.
العبدية اسم لملحمة الأقيال في مواجهة بقايا الإمامة والكهنوت، العبدية وإن تألمت فإنها ستنتصر بصبر رجالها وعزيمتهم.
سيحترق الحوثيون في صحراء مأرب، وستتبخر أحلامهم وتطوى كما طوت الرمال جثامين أولئك المغرر بهم.
أما تلك البيوت الطينية التي دكها الحوثي اليوم بصواريخه فهي ليست أغلا من الرجال الذين يفتدون الأرض والعرض، ليست أغلا من الشدادي وكل الشهداء.
المعركة مستمرة ويكفي العبدية فخرا أنها صمدت بصدور أبنائها في مواجهة هي الأشرس منذ بدء الحرب، يكفيها فخرا صمود رجالها ونسائها وصغارها، وجرحاها ومرضاها، والخزي والعار لمن يحاصر المدنيين ويجوعهم ويروعهم مستقويا عليهم بالدرونز الفارسي وصواريخ بدر والحسين.
لم تسقط العبدية، ولئن سقط مركزها فإن ما حولها من العزل والقرى لم تسقط ، ولن تسقط وفيها رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى