الدكتور مقبل التام الأحمدي في حوار: عملت على إحياء التّراث العربي باليمن
الدكتور والباحث والمحقق مقبل التام الأحمدي في حوار: عملت على إحياء التّراث العربي باليمن - حوار هبة علي أبو زيد
يكشف الدكتور مقبل التام عامر الأحمدي رئيس مجمع العربية السعيدة، تفاصيل عن حياته ومشاريعه على صعيد البحوث التاريخية واللغوية، ويقول إنه أن أعمل على إيجاد بيئة جديدة صالحة للتحصيل العلميّ والمعرفيّ بعيدًا عن الإطار التقليديّ الّذي لا يختلف عن التعليم ما قبل الجامعي.
كما يكشف الأحمدي في لمقابلة التي ينشرها نشوان نيوز عن مساعيه لرعاية المتفوّقين ليكونوا نواةً لمشروع آخر يهدف إلى إخراج التّراث العربيّ باليمن الهاجع في دور المخطوطات، ويسلط الضوء على العديد من الجوانب المتصلة بسيرته المهنية وإلى الحوار:
الضيف هو الأستاذ الدكتور مقبل التام عامر الأحمدي، أستاذ في جامعة صنعاء، ووكيل وزير الثقافة لشؤون المخطوطات في اليمن، وخبير في اللغة العربية والتراث العربي، وله إسهامات مميزة في حفظ التراث والمخطوطات العربية، ويعمل الآن خبيرا لغويا في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.
المقابلة:
يسعدني أن أجري هذا اللّقاء مع شخصيّة علميّة متميّزة عملت بدأبٍ واجتهادٍ، فحصّلت مكانةً علميّة مرموقةً، ومنزلةً اجتماعيّة لها أثرها الواضح في خدمة اللُّغة العربيّة والتّراث العربيّ، أرحبّ بالأستاذ الدّكتور مقبل التام عامر الأحمديّ من الجمهوريّة اليمنية الشّقيقة.
* دكتور مقبل، هل يمكن أن توجز لنا سيرتك العلميّة؟
حصلت على شهادة الدّكتوراه في الأدب القديم بمرتبة الشّرف من جامعة دمشق2007م، عن أطروحتي (شُعراء حِمْيَر، أخبارُهم وأشعارُهم في الجاهليّة والإسلام)، وحصلت قبلها على شهادة الماجستير من الجامعة اللُّبنانيّة 2002م، عن أطروحتي (شعراء مَذْحِج، أخبارهم وأشعارهم في الجاهليّة)،
وقبلهما حصلت على إجازتين اثنتين، أولاهما في الدّراسات الإسلاميّة واللُّغة العربيّة من ليبيا 1994م، وثانيتهما في اللُّغة العربيّة من جامعة دمشق 1997م. عملت باحثاً بالموسوعة العربيّة بدمشق وحرّرت مجموعةً من الأبحاث فيها. صرت عضو هيئة تدريس بقسم اللّغة العربيّة وآدابها بجامعة صنعاء 2009م،
ودرّست فيه الأدب الجاهليّ وعَروض الشّعر وموسيقاهُ، وتحقيق المخطوطات لطلبة الدّراسات العُليا. فزت بجائزة رئيس الجمهوريّة للبحث العلميّ الصّادرة عن وزارة التّعليم العاليّ والبحث العلميّ باليمن، مرّتين 2010، 2011م،
وأنشأت مع طائفة من أهل العلم -منهم: الدكتور عبد الكريم الإرياني، وأخوه العلّامة مطهر الإريانيّ، والدكتور محمّد مطهّر، رحمهم الله جميعًا- مجمع العربيّة السّعيدة للعناية بالتّراث واللُّغة العربيّة 2011م، وترأّسته حتّى الآن، وشغلت منصب وكيل وزارة الثّقافة لقطاع المخطوطات ودور الكتب 2012– 2016م.
نُشر لي أبحاثٌ محكّمة منشورةٌ عدّة، منها: السّجلّات والزُّبُر المتوارثة من الجاهليّة في اليَمَن، والدّوامغ الشّعريّة بين القحطانيّة والعدنانيّة، ولي تحقيقاتٌ عدّة، منها: العسجد المسبوك، وأخبار الزّيديّة (المُطَرِّفيّة)، فضلًا عن فهرسة كتاب تاج العروس للزَّبيديّ 1205هـ. أعمل الآن خبيرًا لُغويًّا بمعجم الدوّحة التّاريخيّ للُّغة العربيّة، بعد التحاقي به سنة 2016م.
* بما أنك درست في جامعة دمشق وحصلت على الدكتوراه فيها بمرتبة الشّرف، مما يعني أنك كنت من المتميزين، ما الذي أفادتك به جامعة دمشق؟
تعدّ جامعة دمشق، بما تمثّله من قيمة علميّة ومعرفيّة، رافدًا قويًّا، ومنبعًا غزير الجريان، لطلبة العلم عامّة وشُداة العربيّة وعلومها خاصّة، لأسباب كثيرة، أبرزها الإحساس العالي بالعربيّة هويَّةً، وبالعربيّة لُغةً، وبالعربيّة أداةً للتّفكير والتّعبير بسورية، فضلًا عن تناغم هذا الإحساس بين المؤسّسات الرّسميّة ومختلف قطاعات الشّعب العربيّ السّوريّ.
يُضاف إلى ذلك أن جامعة دمشق كانت تحتضن طبقةً كبيرة من أساطين العلم فيها، في مختلف التّخصّصات، وقد أثّرت تلك الطّائفة تأثيرًا كبيرًا في أجيال متعاقبة، إمّا بالتّدريس والتّلقّي المباشر، وإمّا بالمقرّرات التي كانت تترجم بعض ما في تلك العُقول، فضلًا عن المساحة التي كانت متاحة للنّقاش المعرفيّ بين الطّلبة وأساتذتهم، إذ كان جلّ وقت الأساتذة خارج المحاضرات ملكًا لطلبتهم، يجيبون فيه عن أسئلتهم واستفساراتهم، ويوجّهون فيه مسيرات تلك الأفئدة التّواقّة إلى العلم والمعرفة،
يُضاف إلى ذلك ما كان يدور بين الطّلبة أنفسهم من حوارات، ولم تخلُ دفعةٌ من عصبةٍ أفاد بعضهم من بعض، وأعان بعضهم بعضًا على حمل راية العلم والمعرفة، وعلى أن يكونوا حُماة جُدُدًا للعربيّة لسانًا وبيانًا، وقد أفدت من ذلك كلّه بانتمائي إلى تلك العُصبة.
* واضح أن خبرتك في اللُّغة العربيّة والتّراث عظيمة جدًّا، فهل استطعت أن تقدم خدمة لوطنك اليمن؟ حدّثنا عن ذلك لو سمحت.
عدتُ إلى اليمن قُبيل الأحداث التي شهدتها عدة دول عربية، وكان مقامي فيه نحو ستّ سنوات، ومع ذلك فقد حاولت منذ التحقت بقسم اللُّغة العربيّة وآدابها بجامعة صنعاء، أن أعمل على إيجاد بيئة جديدة صالحة للتحصيل العلميّ والمعرفيّ بعيدًا عن الإطار التقليديّ الّذي لا يختلف عن التعليم ما قبل الجامعي،
وكنت أنوي أن أرعى المتفوّقين ليكونوا نواةً لمشروع آخر يهدف إلى إخراج التّراث العربيّ باليمن الهاجع في دور المخطوطات، فسعيت إلى إنشاء مجمع العربيّة السّعيدة للعناية بالتّراث واللُّغة العربيّة، وكنت أضمّ إليه كلّ نابهٍ من الطّلبة في كلّ دفعة، يستوي في ذلك طلبة الدّراسات الجامعيّة وطلبة الدّراسات العُليا، وكانوا يتلّقون فيه تدريبًا يعينهم على الانتقال من التّلقين إلى التّمرين، ثمّ الاستمرار في العمل، وَفقًا لأهداف المجمع، وهي:
- الأَخْذ بيد النَّشء وتعريفُهُ مفاخرَ أسلافه وإسهاماتِهم في الحضارة الإنسانية.
- كَشْف خبيئة تاريخنا المحجوب إمّا بالإقصاء وإمّا بالإهمال وقلّة الاعتناء
- ترسيخ الإحساس بالهُويَّة الوطنيَّة والعربيّة، وتنمية القدرات وتطوير المهارات.
- تحقيق التُّراث وبَعْثِهِ حَيًّا طَيِّبًا، والسَّعي إلى نشرِهِ في حُلًى قَشيبة تَقَرّ بها أَعْينُ شُداة العلم وأساطينِهِ، والتُّراث اليمنيّ الغابر خاصّة؛ لنُدْرتِهِ ونَفاستِهِ، وشدّة احتجابِهِ، وعِظَم هُجوعِهِ ودُروسِهِ.
- صُنْع مدونّة تشتمل على كلّ ما يمكن أن تقف عليه اليدُ ممّا كُتِب على أيدي المستشرقين، ولاسيّما النّقوش، ثمّ نقل ذلك كلّه إلى العربيّة حتّى يسهل تداوله بين النّاس.
* إذًا عملت أستاذًا في الجامعة ومسؤولًا عن قطاع المخطوطات في وزارة الثقافة، هل استطعت أن تنشئ فريق علميًّا أسهم في خدمة التّراث العربيّ باليمن؟
كان لي بعض ما أريد، ولا سيّما بعد تعييني وكيلًا لوزارة الثّقافة لقطاع المخطوطات ودور الكتب، فقد سعيت منذ التّعيين إلى إحداث تغيير جذريّ في هذا القطاع المهمّ، الّذي كان من مشتملاته دور المخطوطات بالجمهورية اليمنية، بما فيها من تراثٍ يحاكي ما كان عليه أهل اليمن في عصور الازدهار المعرفيّ ولا سيّما في عهد الملكة أروى بنت أحمد الصُّليحيّ 532هـ، الّتي حكمت اليمن نحو نصف قرنٍ، وامتاز عهدها بالرّخاء والتّسامح والعلم والتّدريس، ولاسيّما أنها كانت عالمة، وتربّت في حجر سيّدة الحزم والعلم أسماء بنت شهاب الصّليحيّ، رحمهما الله.
وممّا تحقّق لي في المدّة الّتي تحمّلت فيها مسؤوليّة القطاع، ما يأتي:
- توظيف 85 طالبًا وطالبة من المتخرّجين الذين تمّ اصطفاؤهم من كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بجامعة صنعاء، في التّخصّصات الآتية: اللُّغة العربيّة، والتّاريخ، والآثار، والمكتبات، فتحوّل القطاع إلى خلية نحلٍ تقوم بترميم المخطوطات وفهرستها وصيانتها، بعد أن كان موظفو الدّور من كبار السّنّ الذين لم يتلقّوا تعليمًا يؤهّلهم للعمل في حقل المخطوطات.
- استجلاب المخطوطات من بيوتات العلم باليمن، نحو: مخطوطات بيت الإرياني، ومخطوطات آل الورد الثّلائي، ومخطوطات القاضي إسماعيل الأكوع، وتلك الخطوة الأولى لجمع شتات المخطوطات اليمنيّة التي في بيوت أهلها، وهي من الكثرة بحيث إن مخطوطات أسرة واحدة تضاهي دارًا من الدّور الرّسميّة، مع العلم أن عدد الأسر تلك بالمئات.
- فهرسة المخطوطات فهرسةً موضوعيّة، ويرجّى أن يخرج ذلك الفهرس في عشرات المجلّدات، وسيكون من فوائده الوقوف على النّوادر المتضمَّنة في المجاميع التي لم يُكشف محتواها من قبل، فضلًا عن فهرسة المكتبات الخاصّة المهداة إلى دور المخطوطات.
- إيجاد معرض مفتوح لعرض صور نوادر المخطوطات وإشهارها وَفْقًا لأحدث الأساليب المتّبعة.
- صياغة مشروع قانون لحماية المخطوطات، يعدّ من أجمع القوانين وأحدثها.
* أرجو أن تحدّثنا عن مشاريعك العلميّة الّتي قمت بها.
ليس يخفى وَفْقا لما تقدّم أنّ وقتي كان متناهبًا بين الجامعة والمجمع والوزارة، ومع ذلك فثمّة مشروعُ التّحقيق الّذي كان الهدف من إنشاء المجمع، وقد كان لي في المدة التي مكثتها باليمن فرصة إخراج أثرين عظيمين من آثار أهل اليمن في القرن السّادس الهجريّ، والقرن الثّامن الهجريّ، وهما:
- تحقيق كتاب المُطَرّفيّة، لمُسَلَّم بن محمّد اللَّحْجيّ 530هـ، عن نسخة يتيمةٍ منسوخة سنة 566هـ، وهو الأثر الوحيد لفرقة المُطَرّفيّة، وهي فرقة من أهل العلم أُبيدت بالقرن السّادس الهجريّ لأسباب ليس هذا وقت ذكرها، وحُرّقت آثارها ونفائسها، ولم ينج منها سوى كتاب مُسَلَّم، والكتاب من الحسن في محلّة لا نظير لها، وصاحبه من المُكنة في العربيّة وحسن العبارة يُعدّ في طبقةٍ عالية معدوم المثل والقرين.
- تحقيق كتاب (العسجد المسبوك والزّبرجد المحكوك في تاريخ دولة الإسلام وطبقات الملوك) لعليّ ابن الحسن الخزرجيّ 812هـ، وهو من أهمّ الكتب في تاريخ اليمن، إذ يؤرّخ لصقع عظيمٍ ناءٍ من أصقاع الجزيرة العربية، لثمانية قرون، وفيه من الأخبار ما لا يدرك في كتب التاريخ المتعاورة، وفيه من الفوائد ما يجعله في مصافّ الأصول النّادرة في تاريخ اليمن وأخباره.
* ما المشروع العلمي الذي تطمح إلى إنجازه على مستوى اللغة العربية؟
ثمّة مشروعات عدّة كنت أطمع في إنجازها، غير أنّه حِيل بيني وبنيها لما يمرّ به اليمن اليوم والبلدان العربية جمعاء، إذ صار ذلك حائلًا دون القيام بالمشروعات الاستثنائيّة، ومع ذلك فثمّة مشروعٌ موازٍ أنتهب له الوقت بين الفينة والأخرى، وهو تحقيق كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيديّ 175هـ، بما يمثّله الكتاب من أهمّية كونه أوّل معجم في العربيّة، وبما يمثّله صاحبه، بوصفه صاحب بصرٍ وبصيرة نافذين، وعقل مبدعٍ مبتكر، ولاسيّما أن الطبعة المبذولة من كتاب العين تمور بالتّصحيف والتّحريف، ولا تدلّ على علم الخليل، رغم ما يُقال حول صحّة نسبة الكتاب إليه.
* أنت تعمل اليوم في معجم الدّوحة التّاريخي للُّغة العربية، أرجو أن تعرّف القارئ العربي بأهمية هذا المشروع وفائدته.
معجم الدّوحة التّاريخي للُّغة العربيّة، صنفٌ من المعجمات اللُّغويّة يتميّز بتضمّنه ذاكرة كلّ لفظٍ من ألفاظ اللُّغة العربيّة، تُسجّل تلك الذّاكرة تاريخَ استعماله بدلالته الأولى، وتاريخ تحوّلاته البنيويّة والدّلاليّة، وتحوّلات استعمالاته، مع توثيق تلك الذاكرة بالنّصوص الّتي تشهد على صحّة المعلومات الواردة فيها.
وهو بهذا المفهوم يُعيد قراءة اللُّغة وَفقًا لشواهد حيّة لها مقرونةٍ بزمن محدّد لاستعمالها، ومستعمل معلوم، مع مراعاة البناء الصّرفيّ للّفظ المعالجة، ومن هذه المعطيات سيوفّر مادّة ضخمة، يمكن من خلالها إعادة قراءة التّاريخ وَفْقًا لأقوال من عاشوه أنفسهم، لا كما حُكي ذلك عنهم، وقد استوعب مادّة متنوّعة المصادر، كالنّقوش والقرآن الكريم والحديث النّبويّ والشّعر والرّجز، والنّثر المتمثّل في الخطب والوصايا والرّسائل والتّوقيعات.
* عودة إلى دراستك في سورية، كيف وجدت الحركة العلمية فيها، ومن تذكر من المتميزين في اللغة العربية فيها؟
كانت الحركة العلميّة بسورية في أثناء دراستي في جامعة دمشق، نشطةً إلى حدّ ما، ولا سيّما بعدما صار بمكنة أساتذة الجامعة ألّا يحتاجوا لغير عملهم فيها، وكان ثمّة اهتمام بتأليف مقرّرات جديدة تحاكي متطلّبات العصر، اشترك فيها أعضاء هيئة التّدريس في مختلف الأقسام، فضلًا عن كون سورية كانت على أعتاب الانفتاح الثّقافي الّذي كان سيمكّنها من منازعة العراق ومصر على الرّيادة في مستويات عدّة، رغم شحّ الإمكانيّات المتاحة قياسًا إلى العراق، وحجم التّجربة قياسًا إلى مصر، على أنّها لو استمرّت على ما كانت عليه، لاستحوذت في مدّة قصيرة على إرث العربيّة منطوقه ومكتوبه ومرئيّه.
وأمّا المتميّزون في العربيّة بسورية فكثير، غير أنّه لا يحسن بي أن أنسى منهم من درّستني، كالدّكتور عبد الحفيظ السّطليّ، والدّكتور وهب روميّة، والدّكتور محمّد الدّالي. وكان من الأصدقاء المميّزين جدًّا الدّكتور محمّد شفيق البيطار، ومن الزّملاء الدّكتور محمّد قاسم.
* ما الصعوبات التي واجهتك في الحياة العلمية؟
لا يخلو عمل من صعوبات، والحياة العلميّة خاصة، لأن المرء فيها يكون بين همّين، همّ العلم للعلم، وهمّ العلم مردفًا بتأمين متطلّبات الحياة، والصعوبة الحقّة هي في القدرة على المزاوجة بين الإخلاص للعلم وتحمّل تبعات الحياة معًا، وعدم الانصراف إلى العلم بوصفه عملًا منفصلًا عن الحياة، أو جعله سببًا من أسبابها دون النّظر إلى خصوصيّته، ومع ذلك فبالصّبر والمثابرة واستثمار الوقت، يمكن لمن يشتغل في العلم أن يتجاوز ما يعرض له من صعوبات.
10- ليستفيد الجيل من خبرتك، بم توصي أبناءك الطلاب والباحثين على مستوى الوطن العربي؟
يحسن بالمرء مراعاة الرّغبة في العلم الذي يسعى إلى تحصيله، شرط أن تكون الرّغبة مشفوعة بالقدرة، فإذا تمّ له ذلك بذل في سبيل الحصول عليه الوقت والمال، وأحاط نفسه بالفئة الملائمة، وجعل له فيمن سلف قدوة يتمثّلها، على أن يجعل ما يقوم به من عمل رسالة ممتدّة طول العمر، غير مرتبطة بشهادة أو وظيفة، ثّم لا بدّ له من التّحلّي بالصّدق مع نفسه وزملائه، وبالوفاء لأساتذته وكلّ من أفاد منهم، وأن يهيئ نفسه ليكون قدوة لغيره، والأهمّ من هذا كلّه أن يحتسب ما يقوم به، وأن يفخر به ويعتدّه في ميزان أعماله، إيمانًا وامتثالا، لا قولًا وادّعاء.
ختاماً،(من المحاور)
أتوجه بالشكر الجزيل والتقدير والاحترام للأستاذ الدكتور مقبل التام عامر الأحمدي الأكاديمي المتميز والباحث في التراث العربي والخبير في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية على ما تفضل به من معلومات أوضحت سيرته العلمية الجادّة وغيرته على اللغة العربية وحرصه على تراث الأمة وإسهامه في بناء جيل عربي يعتز بعرُوبته ولغته وتراثه، هذه السيرة التي تعد هادياً ومرشداً للأجيال يقتفون أثره ويفيدون من علمه وخبرته وتجربته. وكنت أتمنى أن تكون هذه المقابلة في ظرف أكثر أماناً وطمأنينة بعيداً عن هذا الوباء الذي يجتاح العالم. مع التمنيات لك بدوام الصحة والتوفيق ومزيد من النجاحات والتألق..