آراء

صراع الهويات.. عوائق في طريق الأقيال (2-3)

د. لمياء الكندي تكتب عن: صراع الهويات.. عوائق في طريق الأقيال (2-3)


وكما شكل الدين محور صراع تم استخدامه كأداة حرب مذهبية لمواجهة التيارات الوطنية وبالذات تيار القومية اليمنية "أقيال" ومنتسبيه، وإطلاق تهم المولاة ل لليهود والنصارى والتفريط بالتعاليم القرآنية ومخالفة النصوص الدينية والتشريعية وإدخال عادات وتقاليد وإحياء مناسبات وثنية قديمة تتنافى مع الإسلام، أداة لتشويه الحراك الوطني والقومي وجميع الفئات المقاومة للمشروع الحوثي على ادعاء أنهم أي "الحوثيين"، يمثلون الإسلام الصحيح وأنهم يخوضون حربا عقائدية لنصرة الدين والدفاع عنه في وجه المرتزقة والأعداء حلفاء أمريكا وإسرائيل، إلا أنهم فشلوا في حملاتهم التشويهية هذه.

فكلما أثاروا علينا غبار اتهاماتهم انتفض من عمق المجتمع اليمني الإسلامي المحافظ ضمن تيار الاقيال وخارجه، ما يسقط عنهم كل تهم التدليس والتكفر والتزييف بمنهجية دينية وثقافة وسطية إسلامية محببة.

وتأتي القاعدة الثانية من قواعد الصراع حول الهوية" القومية اليمنية"، في المرحلة الثانية من مراحل الصراع والاستهداف الذي يجابه بحرب حوثية انتقامية وتضليلية تجاه القاعدة الفكرية التي ينطلق من خلالها الاقيال كتيار قومي ووطني وضع نفسه في مجابهة العنصرية السلالية الهاشمية باعتبارها مشروع عدائي يستهدف الهوية اليمنية الجامعة ببعدها ورمزيتها التاريخية وواقعها الذي يفترض أن يتم استعادته وفق للبعد الحضاري لنا كيمنيين.

تاريخيا دخل العلويون والفاطميون بفكرتهم السلالية التي لا تنتمي للتكوين اليمني التاريخي في صراع مفتوح، حيث استفادت الزعامات الدينية الهاشمية عبر دعوتها الإمامية الباطلة وأحقيتها في الحكم من حالة الفراغ بل والإفراغ التاريخي المتعمد للأدوار القيادية للشخصيات اليمنية الكبيرة..

بل وللدور المحوري للقبيلة اليمنية التي وقع على عاتقها مهمة نصرة الدين الإسلامي وإسهامها في حركة الفتوح الإسلامية وفي تشييد ممالك وولايات إسلامية تنطلق من شرق أسيا إلى أقصى المغرب العربي "موريتانيا"،

وحتى أجزاء واسعة من أسبانيا والبرتغال وغيرها من الممالك الأوروبية التي عرفت الإسلام وتلقت تعاليمه على أيدي فاتحين وقادة ودعاة يمنيين فكان إسهام القبائل والقادة اليمنيين في تغيير الخارطة السياسية والدينية في بلدان العالم القديم الذي جاء لصالح مركز الخلافة الاسلامية على حساب موطنهم اليمن،

حيث لم يرَ الفاتحون الكبار في وضع اليمن الداخلي ما يمكن أن يحمل تهديدا للإسلام أو لهويتهم القومية فكانوا يأمنون على اليمن وعلى القبائل اليمنية من أي تهديد يلامس عقيدتهم الإسلامية أو ما يمكن أن يهدد هويتهم القومية اليمنية المستقلة، أو قيام أي محاولة لمصادرة مكانتهم وانتمائهم،

لذا توجه جهد هؤلاء القادة نحو الفضاء الخارجي للدولة الإسلامية وعلى وجه التحديد توجهوا نحو الثغور الإسلامية للدفاع عن الدين الإسلامي ونشره في حين كانت التطلعات العلوية السلالية عبر نظرية الحكم المخترعه تواصل عبثها وتفتيتها وعدائيتها للدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي والمجتمع اليمني بشكل خاص من الداخل.

فوجدوا (أي السلاليين) من اليمن بيئة خالصة لبذر خرافتهم وانطلقوا في مهمة نسف وإلغاء الهوية الوطنية لليمنيين واستبدالها بالهوية السلالية على قاعدة الولاء والبراء الإمامية التي تم التحضير لها من الوهلة الأولى لخلافة ابي بكر رضي الله عنه وما تلاها لتفصح عن ذاتها بشكل أوضح وأكبر خلال القرنين الأول والثاني الهجري.

لقد أوجد التحالف الفارسي والعلوي الفاطمي عبر التاريخ سواء من ناحية الاتفاق المذهبي أو الأطماع السياسية حضوره في إعادة تعريف الهوية اليمنية واستهدافها بما يتوافق مع عقيدة وأهداف هذا الحلف بداية من محاولة إبراهيم بن موسى بن جعفر المعروف بالجزار تأسيس الخلافة العلوية الهاشمية في اليمن سنة 200 هجرية ومواجهة القبائل اليمنية من إكيليين وشهابيين وبني الحارث والحواليين وبني نافع وسرو حمير والسعي إلى إبادتها في محاولة عدائية ناقمة لتغيير الهوية اليمنية وسلب اليمنيين الفاعلية الحضارية لحكم بلادهم، وهي ذات المهمة القديمة الجديدة لهم بداية من الاحتلال الفارسي لليمن والحروب الفارسية اليمنية قبل الإسلام أو بعد ظهور الرسالة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.

وعلى النهج ذاته قامت دعوة الكاهن يحيى بن الحسين الرسي سنة 284 هجرية كدعوة سلالية بعقيدة مذهبية تستهدف الهوية القومية اليمنية واستمرت على ذات النهج العقائدي والفكري العدائي لليمن واليمنيين منذ تاريخ انطلاقها وحتى اليوم.

إن الفارق اليوم في حربنا مع بقايا الكهنوت السلالي الهاشمي الفارسي تختلف عن ما خاضه اليمنيون من حركات مقاومة وثورات ومحاولات إصلاح تستهدف الوجود السلالي سابقا.

وتأتي أهمية المواجهة اليمنية الإمامية اليوم من أن اليمن التاريخي والحضاري العريق قد وجد اليوم ذاته في ذهنية الفرد العادي فتغلبنا على مشروع الهوية السلالية بمشروع الهوية اليمنية وهذا التغيير في طريقة فهم طبيعة الصراع لدى اليمنيين اليوم سيكون حاسما لمعارك اليمن ضد الإمامة.

إن مساعي استحضار الهوية القومية اليمنية وجعلها عقيدة وطنية في تكوين الشخصية اليمنية الحديثة هو التغيير الأهم لنا كيمنيين عبر قرون طويلة حتى وإن لم تكن معطيات الواقع اليوم في صالحنا بالنظر إلى الحرب القائمة إذا ما قارناها بمعايير النصر والخسارة فمشروع القومية والهوية القومية أقيال يبني انتصاره وفق معطيات وتراكمات ستكتب تغيير وجه الصراع اليمني السلالي وتتحكم في مسار الحرب ومآلاتها على المدى المتوسط والبعيد.

فمجرد شعور الشعب بالوعي الذاتي لذاته وتبني خيار إسقاط نظام الحكم الامامي بكل مخلفاته وأشكاله وترابط التهديد الوجودي للشخصية اليمنية على أنه مرتبط مع وجود تيار الحكم الإمامي وبقاء عناصره وفقهه وتراثه وأساليبه وسياسته ونسف وإسقاط الفكرة السلالية من ذهنية اليمني ووعيه ونبذ تقديسها لهو الانتصار اليمني الأكبر عبر التاريخ.

فحربنا اليوم هي حرب تظهر آثارها ونتائجها كمسلمات طبيعية تلامس هوية المجتمع اليمني مستقبلا وتعزز من حضوره ومكانته حاضرا.

وإذا كان ثمة خاسر في هذه الحرب فأنهم السلاليون الإماميون بفطرتهم وعقيدتهم التآمرية.

إن المعطى الثقافي والعقائدي للحراك القومي الذي انطلق كتيار يمثل القومية اليمينة الأقيال يعيد صقل الهوية اليمنية وترتيب وضعها ومكانتها وتحديد قواعد ارتباطها بوطنها وأرضها وعلاقة اليمنيين فيما بينهم وحقهم باختيار الحكومة التي تمثلهم.

إن حالة الوعي القومي وتزايد الشعور بالحاجة للمواطنة العادلة ونبذ العنصرية وتعرية الأهداف والمشاريع الفارسية العلوية الإمامية تعكس تغييرا في البنية التكوينية للشخصية اليمنية التي يتم إعادة إنتاجها وفق مقومات حضارية وتاريخية تعود لآلاف السنين قبل الميلاد وتتكامل مع الفعل والأثر الحضاري لليمنيين كأمة مسلمة، وهو ما يحتم علينا ك"اقيال وإكليلات يمنيات ماجدات" أن نؤسس وننطلق في هذه المرحلة من منطلق قومي يمني جامع يمثل كل الأطياف اليمنية ويختزلها بنهج وعقلية وسلوك حضاري ودور ريادي يراد له ان يكتب تاريخا مغايرا لليمن بعيدا عن سطوة وأكاذيب الخرافة العلوية وأدواتها الفارسية.

يتبع..

اقرأ أيضاً: صراع الهويات.. عوائق في طريق الأقيال (1-3)

زر الذهاب إلى الأعلى