اليمن.. الجمهورية الأخيرة
كريم الفضول يكتب عن: اليمن.. الجمهورية الأخيرة
هنا تقف الأمور على مراد اليمنيين كما أراد غالب اليمنيين ؛ وكما أرادها العالم أن تبقى زهرةً على أطراف الجزيرة ؛ ولؤلؤةً على شواطئ بحرها ومحيطها.
اليمن..
عطر التاريخ، وميلاد الأمّة، ونبض العروبة الباقية النقية. وستبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، ومن عليها.
اليمن..
حبيبة الخلق والناس …
وعاشقة الحياة، والبقاء الذي حاول من إبنائها من يلاقيها إلا بالفناء، ومنهم من نذر لها إلا الوفاء. ها هي تخرج عاشقة ً، بارقة ً، من رحم المأساة، وحلق الكارثة، وفم الغول.
فشكراً للأوفياء من أبنائها الأتقياء. وليس التقيّ من صلّى وصام ؛ بل من رفض؛ وسقط ؛ وقام.. وفي يده تموت الأنفاق، وعلى كتفيه عصافير الحياة تعلن صباحاً جديداً..
نقف الآن - جميعنا بلا استثناء حتى من أًبى احتضان النور الجديد - على مشارف الحقيقة التي تؤكد أنّها آخر فرصةٍ - لبناة حضارةٍ خلدت، وصناع حياةٍ مجدت، وأنصار نبيٍّ وناشري وسالته - وآخر مشاوير الرّحلة المضنية التى خضناها كالنّار !
نعم..
هنا تبدأ الحياة !
في هذه اللحظة، ينتشر الصباح، يريد ملاقاة الأرض، والنّاس، والحياة.. فهل نحن أهلٌ لملاقاته، وملاقاتهم ؟
سؤال لا يجيب عليه إلا اليمنيون !..
.. فمن مجد مروءة المرء، إحسانه لأرضه. ومن أحسن إلى أرضه فقد أحسن لناسه، وأهله، ونفسه. ومن حسن إسلام المرء، وفاؤه لأرضه. وقد أقسم الله بالأوطان !..
إنّ رسالة الأوطان هي مقاصد الرسالات التي منحها الله للناس في كل مكان وزمان. وما هو الدين إلا عمارة الأرض ؛ وما هي عمارة الأرض إلا أمانة استخلاف ؛ وعمارة الأرض وأمانة الإستخلاف هما الوطن ؛ وما هو الوطن إلا الإنسان !..
هنا تبدو رحمته سبحانه وتعالى في شريعته : الوطن أولاً. هل تذكرون شوق محمَّدٍ لمكّة ؛ وكيف أكرم بلده، حين أكرم ناسها.
.. هنا لفتة فلسفية رفيعة قد تفوتنا من الثائر الأول ؛ الرسول والقائد والنبي والرئيس ؛ تعلمنا أنّ الوطن فوق الحقد، والقتل، والنقمة، والإنتقام ؛ وأنّ الوطن هو الإنسان، والإنسان هو الوطن.. وكلاهما شبحٌ دون الآخر.
إنّه البناء …
والإلتفات إلى الأمام ب
عيداً هناك..
حيث تلقى الحياة، والأرض، والإنسان. وليس النظر على قدر أرنبة أنوفنا !
تعب روح اليمن..
فهلا أزحتم عن عيونه هالة السّهاد !
ونفقت في الوطن ألحان النّاس، وبكيت أغانيهم.. فهلا أعدتم للوطن ناسه، ووهبتم للناس ألماسه، في الطمأنينة، والسكينة، والسلام، والبناء..
وهل تنبت الأيام فيكم رؤئً، ونهىً، وعبقريةً - في نسقٍ فريدٍ - يعيد للتاريخ حقّه، ورمقه، وفيضه الغامر.. !
... إنّها الجمهورية الأخيرة..
والفرصة الأخيرة من الله ورحمته ؛ أن فتح عليكم من أنفسكم، ومن أشقائكم، ومن أصدقائكم، من خلقه الطّيبيين !..
فلا تعبثوا برحمته ليصيبنّكم ما قد أصابكم، وخبرتموه عياناً، بياناً.
فتمثلّوا أيام الله في التّاريخ …
والنّاس
والكون
والحياة
والإنسان
ومن الذّرّة للمجرّة.
… وهو المستعان.
وحيّا لمن وفى واللعنة على من خان الوطن !
والله من وراء القصد.
كريم الفضول