آراء

اليمن وبارقة الأمل

أحمد الشرعبي* يكتب عن: اليمن وبارقة الأمل


غضون الفترة القليلة الماضية لاحت من تخوم اليمن بارقة أمل بعد طول انتظار ولهف ترقب كادا يصلان بالشعب مرحلة اليأس.

وجآ اعتزال الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ونقله كامل صلاحياته الى مجلس قيادة رئاسي يتصدر الأخ الدكتور رشاد العليمي وزملائه أعضاء المجلس كواحدة من الضرورات التي انتظرها الناس بما يشبه حاجتهم الملحة للإنقاذ.. إنقاذ ما تبقى في مؤسسات النظام من روح وما بقي في وسع الجماهير من صبر. وإنقاذ ما يمكن العثور عليه خلف الاطلال من شجن وما تحت الأنقاض من بقايا عظام.

والحق أن فرصأ كثيرة -نادرة الحدوث- اتيحت لمتخذ القرار خلال العقد الماضي ولم يتم الإفادة منها بل إنها أهدرت لغيرما سبب معقول أو مبرر مقبول.

فلأول مرة في تأريخ الديمقراطيات -الشرق اوسطية- الناشئة يتوافق اليمنيون سلطة ومعارضة على خوض انتخابات رئاسية بمرشح واحد ووحيد.. لا لشيء غير الحرص على رأب التصدعات التى لحقت وحدتهم المباركة وتوقهم الخروج من نفق الأزمة وتداعياتها الكارثية.. ولاول مرة احتشد العالم حول القادم من قلب النظام السابق حيث يقرر مجلس الأمن الانعقاد في العاصمة صنعاء تاييدأ لرئيس الجمهورية واستنهاضا لملكات القيادة وحتميات التغيير للافضل وبالافضل..

ولأول مرة يقف الخليج العربي بامكاناته السياسية والاقتصادية والعسكرية إلى جانب معركة استعادة الشرعية.. لكن شيئأ من ذلك لم يؤت اكله لأسباب تتعلق بوضع السيف في موضع الندى على رأي المتنبي. !

ولبحث تلكم الأسباب وقفة اخرى بل وقفات مطولة تستهدف إعادة بوصلة الوعي المجتمعي والمساعدة في ترميم الانكسارات التى انتابت عقل الإنسان ونالت في الصميم ثقته بنفسه وتاريخه مثل نيلها من قناعته تجاه اكثر القضايا عدالة وأشدها وثوقأ في متواليات التأريخ.
والحقيقة التى يتعين الإقرار بها اننا كيمنيين خسرنا بسبب أداء مركز اتخاذ القرار لعقد من الزمن ما يفوق كل الخسائر التى منينا بها على مدى نصف قرن أو يزيد.
سنرجئ الحديث عن هذا إلى وقت لاحق إذ في ثنايا اللحظة ما يبدو عاجلأ لا يحتمل التأجيل. ولئن كان من سابق القول الحكم على مجلس القيادة الرئاسي أو الطرق التى أحاطت تشكيله فإن الضرورة تستدعي التركيز على ملامح الأمل الذي اخاله وليدأ ويتطلب احاطته بالرعاية وخدمته بالموقف النزيه والكلمة الصادقة والرأي المخلص.

وبهذا الصدد فأن القيادة الجماعية بقدر ما تمثله من عوامل ثرآء وروافد خصب الا انها في المقابل تنطوى على دواعي قلق لا سيما في مثل ظروف اليمن وتحدياته الراهنة على طريقي السلم أو الحرب.

ذاك ان تعدد الإرادات يقود إلى الوهن ويغري على تضارب الاجتهادات.. بينما يتطلب الأمر تجميع المصبات الصغيرة باتجاه النبع.
بيد أن الأمور جرت على ذلك النحو وأخذ القطار يشق طريقه نحو البدايات الأولى على درب شائك ومعقد وطويل وليس من خيار امام المجلس الرئاسي غير النجاح كما جآء على لسان رئيسه في كلمته بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك.

أجزم أن البدايات هي الأساس الذي تتوقف عليه رهانات المجتمع وما لم تكن محكمة وقوية وسليمة وفاعلة ودائبة فإنها ستؤصل لانتكاسات كالتي شهدناها في سنواتنا العجاف الماضية.

ان اكثر عوامل النجاح ضرورة في الوقت الحالي دعم مركز اتخاذ القرار السياسي بما  يحتاجه من عوامل إسناد وطني جامع فيما تتجه ركائز القوة العسكرية وجهتها المثلى للقيام بمسئولياتها الجسيمة وإعادة بناء المؤسسة العسكرية وتحصينها بالولاء الوطني وتمكينها من القيام بمهامها الجليلية سلمأ أو حربأ.

على أن استعادة الدولة وبسط نفوذها على كامل التراب اليمني لن يتأتى بالوصول إلى صنعاء فقط ولكنه يكمن في طبيعة وطريقة الانطلاق من عدن.. وما من وسيلة مثلى لبلوغ الغايات المنشودة اكثر نجاعة من فرض سيادة القانون ووضع هذه المهمة على رأس الأولويات الماثلة أمام مجلس القيادة الرئاسي.

سيادة القانون وتوجيه وتوجه مختلف السلطات للعمل وفق مقتضياته سوف يحيي موات الأجهزة الرخوة ويمنح عدن وبقية المحافظات المحررة جاذبية تهوى إليها افئدة الشعب وتحمى السلطات القائمة من التسوس الذي مرغ أنفها في الدرك الاسفل وتوغل في معظم انحائها ولم يبق هيئة أو دائرة من هيئآت ودوائر النظام الاونخره بالمحسوبية والعبث وإهدار هيبة الدولة والنيل من حقوق المواطنة وفصد وريد الثورة اليمنية واهالة إلغثآء على مكتسباتها.

يحسب للدكتور العليمي حفاظه على ارث تكونه المعرفي في إطار المؤسسات التى تحمي القانون وتلك المعنية بترسيخ مفاهيمه الأكاديمية.
فهل تعينه هذه الجذور على استحضار الهمة وبلوغ الغايات المؤملة منه.؟.

اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: الرئاسي يقف أمام التحديات كافة ويتخذ قرارات بشأنها

هل نجده يهب لتقليم اظافر المتنفذين على حساب العدالة وسيادة القانون.؟
وهل تسعه الارادة الوطنية المحترمة فيضع المهاد المناسب لمواطنة متساوية تضمن عدالة توزيع الثروة وتكافؤ الفرص.؟

ان في اليمن حاجة لمصائر تنم عن بصائر وفي اليمن ما يستوجب إعلان الحرب على العنصرية بسلاح المساواة وحق الشعب في الحرية والرغد.. وفي العيش الآمن والكرامة المصانة وبناء أنموذج عصري يستحق السلم تماما كما يستحق نزف الدم اذاقتضت الضرورة مصابأ مؤلمأ كالحرب بين أبناء الوطن الواحد.

رئيس مركز الدراسات بمجلس الشورى*
.

زر الذهاب إلى الأعلى