تقارير ووثائق

تهريب الآثار اليمنية - معالم حضارة عريقة في معارض النهب والاستغلال

تهريب الآثار اليمنية - معالم حضارة عريقة في معارض النهب والاستغلال بدول العالم - تقرير خلود الحلالي


تهريب الآثار اليمنية والاتجار بها، تصاعد في الفترة الأخيرة في ظل حالة الفوضى والصراع التي تشهده اليمن منذ سنوات، لتتحول البلاد إلى مرتع خصبا لعصابات الآثار والمتاجرة بها.

مع كل حديث عن تهريب الآثار اليمنية، يعود تقرير تلفزيوني لقناة فرانس انفو، إلى الواجهة، ليثير فضول الصحافة العالمية وناشطي وسائل التواصل الاجتماعي حول الآثار اليمنية وما تضمنه التقرير الذي قال انه تتبع حركة تهريب وعرض "الوعل" البرونزي في متاحف العالم بالمخالفة للقانون الدولي الذي يمنع الاتجار بالآثار او تهريبها.

وعل مريمة البرونزي
مصدر هذا الوعل هو مدينة مريمة القديمة الواقعة في وادي حريب، والمعروفة حاليا باسم هجر العادي على بعد حوالي 100 كم من مدينة مأرب جنوبا والتي صدر عنها وعن آثارها كتاب جديد للدكتور محمد علي الحاج تضمن توثيقاً لأثارها ونقوشها البرونزية والحجرية بما فيها تلك التي تم تهريبها إلى الخارج أو بحوزة مجموعات خاصة.

ويعد الوعل البرونزي واحدا من أهم الأثار التي تم تهريبها من مدينة مريمة وهو من النماذج الفنية والأثرية الجميلة التي تعكس قدرة الفنان اليمني ومهارته في الصب والنحت.

ما يميز هذا الوعل، وفق المختصين، هو أنه نحت بشكل واقف وبقرون طويلة ملتوية وملامح واضحة وعليه نقش بخط المسند يذكر اسم المدينة التي جاء منها وهي مدينة مريمة. ما يؤسف له أن هذا الوعل تم تهريبه للخارج وهو حاليا ضمن مجموعة الشيخ حمد ال ثاني.

العرض في أكثر من دولة
عُرض الوعل البرونزي الاثري خلال العام 2018م في متحف قلعة "فونتينبلو" الفرنسية وتم عرضه مرة واحدة في بكين قبل أن يتم نقله إلى المتحف الوطني في "طوكيو" اليابان، ضمن المجموعة الأثرية التي يملكها الشيخ "حمد آل ثاني" وهو ابن عم أمير قطر دون اعتراض رسمي من الحكومة اليمنية الشرعية، او أي من مؤسسات الدولة اليمنية.

القناة الفرنسية في تقريرها الشهير، الذي بث للمرة الأولى في العام 2019، نقل عن عالِم الآثار الفرنسي "جيريمي شيتيكات" أن الوعل البرونزي جرى نهبه من وادٍ لا يمكن للبعثات الأثرية دخوله دون المخاطرة بتعرضها للاختطاف، وقد استغل الناهبون الوضع الفوضوي في اليمن للحصول على الوعل.

وذكر "شيتيكات" أنه تحصل على صور للموقع الذي جرى نهب القطعة منه وتظهر آثار حفريات سرية تمكن اللصوص من خلالها من النفاد وسرقة الوعل.

وأشارت القناة إلى أن فريق تحقيقها التقى في العام 2019م بالمسؤول عن المجموعة الأثرية للشيخ "حمد" في طوكيو، وأبدى المسؤول رغبته في الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بمصدر التمثال ولكن على انفراد، ما يؤكِّد حقيقة نهب القطعة الأثرية القيِّمة.

كما تم الكشف عن تمثال آخر مصنوع من المرمر والذهب والعقيق وهو عبارة عن سيدة يمنية تحمل في إحدى يديها سنبلة وباليد الأخرى تلقي التحية ويعود عمله للقرن الأول الميلادي وهو من بين القطع الاثرية اليمنية المنهوبة والمعروضة في متحف طوكيو ضمن معروضات مجموعة آل ثاني القطرية.

ما ذكرته القناة الفرنسية ليس جديدا حيث سبقها لذلك كريستيان دارلز، وهو دكتور مختص في إدارة البحوث في علوم الآثار في مدينة تولوز الفرنسية في ندوة عقدت في الجمعية الوطنية الفرنسية بتاريخ 13 سبتمبر 2018م وأكد وصول بعض الآثار اليمنية عن طريق أحد الأمراء القطريين إلى فرنسا ويتم استعمالها في ترميم درج أحد القصور الفرنسية.

وأشار إلى أن ن أحد المختصين الفرنسيين في شئون الآثار أبلغهم عن وجود قطع أثرية يمنية معروضة في قصر فونتينبلو وهو أحد القصور الملكية الفرنسية على بعد 55 كيلو من وسط باريس، والذي عرضت فيه قطعتان أثريتان يمنيتان، الأولى عبارة عن وعل والثانية فازه وتم عرضهما من قبل مؤسسة آل ثاني.

وتحقق نشوان نيوز من بيع قطعة أثرية يمنية منقوش عليها نص سبأي قديم بمبلغ 44 ألف يورو بتاريخ الأول من ديسمبر لعام 2011م، والذي كشفه خطاب وزارة الثقافة للسفارة اليمنية في باريس للمطالبة بتحرير خطاب لوزارة الخارجية الفرنسية لفتح تحقيق حول قطع آثار اليمن والتي وصلت فرنسا عن طريق التهريب والتجارة غير المشروعة بالممتلكات الثقافية.

وأفادت وثائق رسمية أن القطعة التي بيعت تعود لأحد النقوش المكتشفة في البهو الداخلي المسمى منطقة الأنكس في معبد أوام محرم بلقيس بمحافظة مارب وقد تم الكشف عن هذا النقش المهم من قبل أعضاء فريق المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان عام 2005م وتم توثيقه وتسجيله في كشوفات الحفريات الأثرية تحت رقم MB2005 1-50.

ومنذ بداية الحرب في اليمن اندثرت ونهبت وجرفت العديد من الآثار اليمنية في عدة محافظات يمنية منها ما تم الإعلان عنها ومنها ما لم يكشف الإعلان عنها.

ومؤخرا، وضع ائتلاف تحالف الآثار، وهو منظمة غير حكومية تعارض بيع القطع الأثرية المنهوبة والمسروقة واليمن، قائمة تضم 1631 قطعة تم سرقتها من العديد من المتاحف في اليمن.

كاتي بول، وهي عالمة آثار تدير "ائتلاف تحالف الآثار" قالت في تصريحات لوسائل الإعلام، أنها أكملت مؤخرًا دراسة متعمقة لأربعة من المجموعات التي يوجد مقرها في سوريا ، حيث عثرت على 56 منشورا يفيد بأن لديهم قطعًا أثرية للبيع من اليمن و 450 منشورا يعرض قطع أثرية سورية.

وأضافت بإن العناصر المعروضة من اليمن مهمة، حيث تحتوي بعضها على الحجر المنحوت، والتماثيل البرونزية، وحتى العناصر التاريخية والأسلحة.

اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: سفير اليمن في اليونسكو لـ”نشوان نيوز”: تهريب الآثار مستمر
فيما يقول وزير الثقافة اليمني السابق مروان دماج ان نشاط التهريب في الفترة الأخيرة اصبح اكثر تنظيماً وهناك مجاميع او مافيا خاصة بالتهريب وهي اغلبها مافيا محلية لكنها اصبحت مرتبطة بجهات اقليمية ودولية، لافتا إلى تعرض مواقع أثرية رئيسية للتهريب مثل (هجر العادي في منطقة حريب) حيث تم تهريب مئات القطع ان لم تكن الالاف خرجت من هذه المواقع بمساعدة ابناء المنطقة.

وكشف الوزير السابق عن 300 قطعة اثرية يمنية في بريطانيا خرجت من شبوة ما يحتم ضرورة التوقيع على اتفاقية مع المملكة المتحدة لأنها سوق كبير من الاثار اليمنية ويجب ان نجد تعاون كافي لحماية الاثار اليمنية.

وأشار إلى أن كل عمليات التهريب تتم عبر وسطاء محليين لكن الان الظاهرة الجديدة تتمثل في وجود سماسرة ذو طابع مرتبط اقليميا ودوليا مع ابناء المناطق ويقوموا بالتهريب.

وتحدث عن تضرر خمسة متاحف باليمن خمسة من بين 25 متحفاً، منوهاً إلى أن وزارته سابقا نقلت مئات القطع الموجودة في المتحف الوطني في تعز لخزائن البنك الأهلي في مدينة تعز وجزء من الاثار الذي كانت موجودة في متحف زنجبار "نقلناها لخزائن البنك المركزي في عدن كأسلوب للحفاظ او الحماية الاثار في ظل هذه الظروف ايضاً حتى المخازن صعب تأمنيها، فالأفضل التأمين بالبنوك".

وأكد على أولويات حكومية ينبغي سرعة القيام بها بينها التوقيع على بعض المعاهدات الدولية حتى تمكن من المخاطبة وانشاء تعاون مع اليونسكو ومع المنظمات الدولية بما يتعلق بالآثار، وتوسيع معاهدة حماية الآثار مع الدول المحاطة باليمن فيما يتعلق بحماية الاثار.

زر الذهاب إلى الأعلى