المحتوى دائم الخضرة، كيف نوظفه في الإعلام الإنساني؟
المحتوى دائم الخضرة، كيف نوظفه في الإعلام الإنساني؟ - كتب: عارف بامؤمن
مرحباً، هل سمعت من قبل عن المحتوى دائم الخضرة؟ ولماذا تحرص وسائل الإعلام ليأخذ هذا النوع حيّزا كبيرا من المادة التي تقدمها؟ وهل يمكن توظيف هذا النوع من المحتوى في إعلام المؤسسات الإنسانية والتنموية؟ حسنًا هذا ما سنتناوله في هذه المقالة.
"المحتوى دائم الخضرة Evergreen Content " هو مصطلح يشير إلى نوع المحتوى التسويقي الذي لا يفقد قيمته وأهميته بمرور الوقت، أي أنه شبيه بتلك الشجرة التي تتميز بخضرة أوراقها طيلة العام دون أن تتأثر بفصول السنة الأربعة.
لو افترضنا أن موقعاً على الإنترنت يهتم بأخبار السفر والسياحة، فنشره خبراً عن سقوطِ طائرةٍ ما، قد لا يكون مهماً لجمهوره بعد ثلاثة أيام أو أسبوع على الأقل، لكن محتوى من قبيل ( 10 نصائح تحتاجها قبل السفر إلى أوربا) سيظل مهمّاً لدى الجمهور لسنوات طويلة وسيحظى بآلاف الزيارات والقراءات، دون أن يفقد أهميته، وبالتالي تعزيز حظوظ الموقع في تصدر نتائج محركات البحث.
***
بعد أن عرفنا أهمية المحتوى دائم الخضرة، كيف يمكن توظيف هذا النوع من المحتوى في الإعلام الإنساني؟
قبل الحديث عن توظيف المحتوى دائم الخضرة في الإعلام الإنساني، هناك خطأ شائع تقع فيه كثير من المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني وهو التركيز بشكل كبير على الأخبار، "تدشين مشروع، زيارة تفقدية، تسليم مشروع" وعلى أهمية الأخبار في جزئية إبراز حضور فعالية المؤسسة أو الجمعية، لكن ليس هذا ما ينبغي التركيز عليه، وصرف الوقت والجهد بشأنه، لأن هذه الأخبار ستفقد قيمتها خلال يومين أو ثلاثة.
نعود إلى كيفية توظيف هذا النوع من المحتوى في الإعلام الإنساني.. يقال دوما بالمثال يتضح المقال، لو افترضنا أن مؤسسة ما استكملت مشروع تدريب في مجال الخياطة لـ 500 امرأة معيلة أسرة، وتم تسليم المستفيدات أدوات المهنة كنشاط ختامي لمشروع، لكنها إعلاميا اكتفت بخبر على صفحتها يقول (مؤسسة ........ تسلم أدوات المهنة لـ 500 مستفيدة من مشروع ..........، بحضور المسؤول الفلاني ووالخ) فهذا الخبر لن يكون مهمًا لدى الجمهور بعد يوم أو يومين أو على الأقل بعد أسبوع، هل رأيت كيف توارى مشروع بهذا الحجم عن الأنظار بكل بساطة؟
لكن ماذا لوكان المحتوى مغايرا، مثلا (بفضل مشروع......... أصبح بإمكان 500 امرأة من الفئات الأشد احتياجًا في محافظة ......، توفير مصدر دخل إضافي لأسرهن لمواجهة الأعباء المعيشية).. هل رأيت الفرق الآن؟، وستكون الصورة أروع لو تابعت المؤسسة مخرجات المشروع بعد أشهر ونشرت قصة عن عمل إحدى المستفيدات من بيتها، فالمحتوى الأول لن تستطيع المؤسسة إعادة نشره في منصاتها بعد يومين أو ثلاثة، لكن المحتوى الثاني والثالث بإمكانها إعادة نشره حتى بعد عام كامل.
وإجمالا، يمكن إنشاء محتوى دائم الخضرة في الإعلام الإنساني من خلال التركيز على:
أولا: قصص النجاح المصورة والمكتوبة مع الحرص على تجنب ذكر تواريخ أو فترات زمنية في ثنايا القصة حتى لا تقلل من قيمتها، والتركيز على المخرجات والأثر.
ثانيا: التركيز على الفوائد والقيمة التي تركها المشروع أو التدخل، فبدلا من القول (سلمت مؤسسة ...... مشروع خزان مياه بسعة كذا متر مكعب في منطقة ....... بمحافظة حضرموت يستفيد منه 5000 نسمة) يمكن القول (5000 فرد يحصلون الآن على مياه شرب نقية في منطقة ....... بمحافظة حضرموت، بفضل مشروع....).
ثالثا: رصد انطباعات المستفيدين، فهذا الانطباع يمكن إعادة نشره عدة مرات فلن يفقد قيمته لأن الحديث بالتأكيد سيكون عن الأثر.
رابعا: الاستفادة من الأبحاث والدراسات التي تتعلق بمجال عملك أو مشروعك، مثلا إذا كان لديك مشروع يستهدف الصيادين أو النحّالين، فإنشاء محتوى يربط نتائج هذه الدراسات مع مخرجات مشروعك سيضفي نوعاً من القوة لمحتواك.
خامسا: المحتوى التعليمي، إذا كانت مؤسستك تهتم بالتعليم أو الصحة يمكنك تقديم نصائح حول كيفية الحصول على المنح، أو طرق إعداد بحث علمي، أو مشاركة نصائح طبية لتجنب أنواعًا من الأمراض المنتشرة، فهذه النصائح لن تفقد قيمتها ولو أعيد نشرها عشرات المرات.
خلاصة القول، لا يمكن الاستغناء عن الأخبار كجزء أساسي من المحتوى الإعلامي للمؤسسة، لكن من الضرورة التوجه نحو إنشاء محتوى ذو قيمة يبرز أثر تدخلات المشاريع بشكل يتوافق والأموال والجهود التي بذلت لإنجاحها.
*صحفي، مهتم بالتسويق الرقمي والإعلام الإنساني.
اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: صحفيون يناقشون تغطية القضايا الإنسانية في اليمن بدعم أوروبي