عبدالسلام القيسي يكتب: فوز المنتخب السعودي.. شعور لا يمكن أن يكون إلا يمنياً
الشعور الذي يلمني بفوز المنتخب السعودي شعور يمني، لا يمكنني أن أشعر هكذا وأبتهج الا لليمن، وأقسم أنني رقصت أنا الذي لا أجيد الرقص، وقفزت أعلى وأعلى وأعلى،
وفي الشارع كنت أحدث من رأيت: فازت السعودية.
الرابط العربي متين، يكمن في اللاشعور، ويتعاظم .. غصباً عنك وفي اللاوعي والوعي تجد نفسك منتمياً للفوز العربي بأقدام السعودية..
لست رياضياً، لم أشاهد المباراة، كنت نائماً وضجني صوت المباراة من غرفة جيراني، نهضت اليهم لأطلب منهم خفض الصوت، ولما دخلت اليهم، أكتشفت أن المباراة بين السعودية والأرجنتين، وأن النتيجة لصالح السعودي، اثنان واحد، في الدقيقة 63، فوجدتني أقفز بحجرة الجيران من الفرح، والخوف يملأ قلبي، ولم اشاهد معهم، أنا ضعيف وتهزمني الدقائق الحاسمة، عدت الى فراشي ودسست رأسي بعمق البطانية خشية أن أسمع ما يعادل النتيجة، أنا أعاني من رهاب الإنتظار، تقتلني الصافرة في كل شيء، بمعركة أو في لعبة كرة قدم ..
كلما تناهى الصوت الى سمعي أغلقت أذناي، لكن ضجة الإستراحة المقابلة لبيتنا تغلبني، كلما سمعت صوتاً قفزت الى جيراني لأطمئن أن التقدم السعودي لا زال هو، ومرت نصف ساعة أخيرة أكثر من قرن، وأقسم أن إنتظاري لإعلان النهاية وكأن الملاك يفتح أبواب الفردوس كي أدخل، فلتسرع أيها الملاك، دعني أفرح، وأنت أيها الحكم: إنهِ.
ولكأن العقارب تجمدت، وتوقف الوقت عن الدوران، مشاعري تحترق والزمن يتحنط، أدركت معنى أن تبجد الكتب في كيفية توقف الزمن، وأختفي هرباً من كارثة، ثم أعود، أريد أن أشاهد، لكنني لا أستطيع ..
هو مرضي الوحيد، في الأوقات الحاسمة أنسحب، أنتظر فقط اللحظة الآخيرة، وهذا الخوف المريع يلازمني بأغلب الأشياء، طالما لست ضمن الشيء الحاسم ولست من صناع الحدث، أي حدث كان، فأنا جبان وأفضل الإختباء من المواجهة دون إستطاعتي فعل أي شيء، وأول مرة، أنا الذي أمقت الرياضة، لمني هذا الشعور وشعرت أن القتال في الملعب معركة وجودية، وأن الأرجنتين أسطورة الكرة عندما تنكسر بأقدام العربي معناه أن العربي الذي يمثله السعودي يستعيد ذاتيه وكنت كمن في معركة، أنا ابن هذه الحرب، ومن المعيب أن العالم الذي أتى الينا يعود ساخراً من خساراتنا، فليفعلها السعودي لكي نشمخ ..
عندما أطلق الحكم صافرة النهاية دارت بي الأرض، وكأنني أحلم، وضربت الجدار مرات، ربما رؤيا، ولكنها الحقيقة وشاهدت ميسي يغادر الملعب حاسراً منكسراً مهزوماً وزاد تلذذي، ليس تلذذاً بخسارته بقدر فرحي بفوز العرب، العربي الذي دحر الأسطورة العالمية وحول الأقدام الذهبية لميسي الى أقدام من قش، ولم يخطر بحلم أحد فوز الأخضر، وعدت بعد المباراة وضمان الفوز وشاهدت، رأيت ترنيمة النمور في ملعب الكرة، رقصة الأحصنة الماجدة، فالحارس يستحق قبلة من كل عربي، كان هو الحارس السطوري للشباك العربية، والضامن للفوز من الخسارة، وهذه أول جسارة عربية توحي بتخلق تمكين عربي باذخ..
العالم ينذهل، الصحف والوكالات، المشاهير ظنوا أن الفوز وعلى الإرجنتين بالذات ليس قدراً عربياً فالعرب أقل من ذلك، والسعودية فعلتها وأعادت تصويب دورة العالم، منحتنا بهجة وزهو النصر، المجد للأقدام السعودية في مرمى التأريخ الذي أعيد تشكيله هذه الظهيرة
هذا الفوز من وجهة نظري لمحة عن الحاضر السعودي.
السعودية تنافس، في كل منحى، وشبابية محمد بن سلمان مثلت للسعودية عزماً وقوة، سياسة وإقتصاد ورياضة وموقف دولي، تبنى المملكة بجهد الشباب وبوتيرة عالية، وفي تويتر بإمكانك أن تلقى شباب السعودية ومدى وعيهم، وإقتحامهم المجالات الهامة، من خلال طريقة كتابتهم تشعر بمقدار الوعي القادم، في الأدب والشعر والتكنولوجيا والفلسفة والمنطق، والعلوم، تغرق وأنت تتصفح إنتاج السعوديين، جيل واعد.
اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: شاهد صور تاريخية من مباراة السعودية – الأرجنتين في كأس العالم