الفنان ملاطف الحميدي وعولمة البرع اليمني خلال مشاركته في كأس العالم - عبدالرزاق الحطامي
بحضوره في مونديال قطر 2022 يستعيد البرع الشعبي اليمني وظيفته الأساسية التي تفسر ماهية وجوده.
فالبرع بإيقاعه الفلكوري يشبه مباراة ما، وهو في جوهره فن حضاري متمدن، يقوم على براعة تحويل الحرب إلى رقصة، والعنف إلى إيقاع تحاوري بلغة الجسد المتحرك.
ولو كان البرع رقصة حرب أو يرمز إليها لكانت اليد أداته التعبيرية الأساسية بين فريقيها، لا الأقدام التي هي المتحدث الرسمي على بساط البرع، كما على أعشاب الملاعب.
والبرع بكل تنويعاته الإيقاعية الراقصة فن جماعي تشاركي في فضاء خارجي مفتوح، وحضوره في المجال الكوني العالمي للمونديال هو اتساع وانفتاح إلى أقصى مدى في أفقه الفني الطبيعي.
وكان للفنان المبدع ملاطف حميدي دور تاريخي في إعادة الاعتبار للبرع الشعبي اليمني، بوصفه فنا مدنيا حضاريا يمتلك كل مؤهلات الحضور العالمي، والقابليات الثقافية لكل شعوب العالم في التعاطي التشاركي معه، واستيعابه فنيا ضمن التراث اللامادي للإنسانية.
لقد أسهم ملاطف في تصحيح المساق الحضاري للبرع الشعبي الذي وجد من جذوره لتصريف شحنات العنف القبلي والنزعة الجبلية القاسية والقارسة في المحافظات الشمالية وتفريغها في عمل فني فلكلوري يتربع عرش الفنون التراثية التقليدية في اليمن.
ولملاطف دور تاريخي في إدراج اليونسكو البرع اليمني في قائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية، كما أن لقطر دورا رياديا في إعادة تعريف البرع الشعبي اليمني ضمن وظيفته الكونية الحضارية، عبر توجيه الدعوة لملاطف ليكون أحد رموز إحياء فعاليات المونديال الأول في تاريخ وأرض العرب.
والشكر جزيلا لقطر وسفيرتنا النوبلية توكل كرمان بدعمهما الفنان اليمني ملاطف حميدي الذي أمتع العالم، وقدم البرع الشعبي اليمني باعتباره مباراة فنية ما وليس منازلة قتالية كما تعسكره التفسيرات المغلوطة، وبصفته إيقاعا فلكوريا حضاريا يعبر عن براعة تحويل نزعات الحرب في اليمن المصطرع إلى فن إبداعي، وتفريغ شحنات العنف والتوتر على مسرح فلكلور شعبي عابر للحدود والآفاق، ويرمز إلى حضارية اليمن العريق حين تتهادى على إيقاعات ملاطفه المتمرد روح العالم.
اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: البرع اليمني… رقصة الحب والحرب