صنعاء في الماضي!
د. عبدالوهاب طواف سفير اليمن الأسبق في سوريا يكتب عن صنعاء في الماضي!
معظم مآسي الأمة الإسلامية أتت من كهوف ومنابر وزوايا أناس يقدمون أنفسهم للناس على أنهم وكلاء للسماء في الأرض. فحولوا دولهم والمجتمعات التي لهم وجود وظل فيها إلى أطلال وخرائب، بسبب دفعهم بعقدهم ومعتقداتهم إلى الحياة العامة، وإصرارهم على تقييس الدولة بمقاييسهم المذهبية، وتسييج حياة الناس بمعتقداتهم الطائفية، وتكبيل الحريات الشخصية بمروياتهم العنصرية، فمثلت تلك فخاخا وقيودًا لحركة الدولة والمجتمع، وسياطا لحرية الفكر والإبداع، ومشانق لمن يعترض فجورهم ومعتقداتهم الخاصة.
مثلا كنا في صنعاء خلال ثمانينيات القرن الماضي في وضع أفضل بكثير من وضعنا اليوم، فقد كانت هناك جامعات حكومية للجميع ولا وجود لجامعات مذهبية، وكان لدينا مراكز ثقافية ودور سينما وأندية رياضية، وصالات ألعاب ومتنفسات رائعة للناس، وكان لدينا نقاط تلاق وتعايش كثيرة، ومحطات للإبداع، ولكنها بدأت بالانحسار أواخر ذلك العقد بعد أن ظهرت الحركات الدينية المتطرفة، وجمعيات للعلماء والإرشاد والوعظ وملاحقة الناس بالحرام والحلال، ورجوع جماعات أفغان العرب من أفغانستان، وانتشار المدارس والجامعات السنية والشيعية والسلفية المنغلقة.
من ذلك الحين تراجعت الحياة الطبيعية لصالح التطرف والتشدد الديني، والزج بقصص قريش ومرويات وفتاوى المذاهب إلى مؤسسات الدولة، وإلى كل تفاصيل حياة الناس وحرياتهم، فضاقت البلاد لصالح التطرف الديني.
لم تأت جماعة عبدالملك من فراغ، فقد جاء أخوه حسين في بداية القرن الجديد ليضيف فقط بهارات ملازمه على الطبخة الجاهزة، التي طبختها أيدي وعاظ الجماعات السنية والسلفية وغيرهم.
مصيبتنا في التطرف الديني الآتي من كل الكهوف الشيعية والسلفية والسنية.
نريد دولة للجميع، وتعليم موحد للجميع، ونريد أن ننأى بمؤسسات الدولة عن تجاذبات وصراعات المذاهب والتشاعيب الإسلامية المسيسة، وجهل الوعاظ وتطرفهم.
قناعتي أن كل أشكال الوعاظ ومذاهبهم كانوا أسباب رئيسية في الإطاحة بدولتنا لصالح التطرف والإنغلاق الديني، ولا فرق بين عمامة شيعية وأخرى سنية، أو سلفية.
اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: صنعاء على موعد مع الفجر