صحف

مسؤولية تاريخية

د. أحمد ردمان يكتب: مسؤولية تاريخية


لكل خلق أو مسلك في الحياة طرفين ووسط، وذاك ما يؤسس للتطرف والتساهل والاعتدال فليس كل ما يحدث من أخطاء المتدينين تُعد معاص عن قصد، وليس كلما يتساهل فيه البعض بشان العبادات ناتج عن تقصير متعمد إنما قد يكون هذا وذاك نتيجة لطبيعة الفهوم الخاطئة لمبادئ الدين وشرائعه.

وبقدر اتساع المسافات بين بني البشر تتشكل أرضيات الاختلاف التي يكون مؤداها في الكثير من الأحيان صراعات وحروبا لا تنتهي حتى تتغير خارطة المفاهيم لدى طرفي الصراع وحينها تنحسر مسببات الصراع وفقا لاتساع مساحات الاتفاق بشان المفاهيم المحددة لتصورات البشر وأفعالهم.

إن الهوة التي صنعها السلاليون بينهم وبين مُضيفيهم من اليمنيين واسعة نظرا لتعامل السلالة مع مبادئ الدين ومفاهيمه باعتباره مطية لشهوات بنيها ومركبا لرفاهيتهم، وتلك جناية سلالية بحق الدين ومعتنقيه.

لقد عانا اليمنيون من زيغ الأدعياء أكثر من ألف عام من الدم والخوف والحرمان، وما زال الصوت السلالي ينعق بشعارات الموت غير آبه بما يحدث منذ ثمان عجاف، وسيظل كذلك إذ ليس لديه أدنى شعور بمسؤولية ولا يهمه نزيف الدماء من رؤوس القبائل كون الارض مليئة بالأحجار.

إن التماهي مع منطق السلام الأجوف سيطيل أمد الصراع وبالتالي سيضمن استمرار المعاناة بحق اليمنيين، ولعل الشاعر أبي تمام لم يكن واهما يوم أن قال:
السيف أصدق إنباء من الكتب.. في حده الحد بين الجد واللعب.

والحق أن اليمنيين اليوم يقفون على بوابة مستقبل الأبناء والأحفاد وذاك ما يضفي على مسؤوليتهم الراهنة بُعدا تاريخيا ستدرسه أجيال الغد بعد أن تتأثر به في جانبيه السلبي والايجابي وحينها سيكون هذا الجيل محل افتخار القادمين أو محطً ازدرائهم.

إن المسؤوليات التاريخية عظيمة لا يقدر على حملها إلا العظماء، ولا شك أن اليمن لا تخلو من أولئك وقد رأينا الشواهد من الشهداء ماثلة للعيان، ولا خوف على اليمنيين إلا أن يؤتوا على حين غرة من أبواب السلام الزائف ليقعوا في فخ السلالة التي تجعل من شعار السلام ستارا لأسلحتها، وتتخذ من معاناة اليمنيين منظارا تضعه أمام أعين الإنسانية بغية التسليم لشروطها الضامنة لاستمرار عدوانها، وذاك ما ينبغي أن يتنبّه له اليمنيون ليتخذوا قراراتهم وفقا لذلك كي لا يُلدغوا من جحر السلالة مرة أخرى، فالتاريخ لا يرحم المغفلين.

26 سبتمبر

اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: الرئيس العليمي لسفراء الاتحاد الأوروبي: تحمل المسؤولية إزاء خروقات الحوثي

زر الذهاب إلى الأعلى