صحف

تفادي التناقض وتعزيز الانسجام

د. أحمد ردمان يكتب: تفادي التناقض وتعزيز الانسجام


تمر الشعوب بمحطات مفصلية تؤثر على مستقبل بنيها لعقود أو لقرون، وتتعدد الأحداث المتشابهة ليعزز لاحقُها سابقها في لوحة تُستكمل تحت ريشتها صور القيم المزدانة بروائع الجمال .

وفي مسيرة الانسجام يبرز أناس متحمسون لهذا الحدث أو ذاك دون فقه بأهمية صناعة الانسجام فيكون الغلو في تلك الحماسة حتى يضروا بالحدث المُتحمّس له ظنا منهم أنهم يعززون قيمته.

لقد مرّ على اليمنيين قبل بضعة أشهر حدث لا يضاهيه حدث قبله منذ دخولهم الإسلام، ألا وهو الثورة السبتمبرية الخالدة والتي جددت معالم الدين، وصقلت معاني الإنسانية في أنفس اليمنيين بعد أن رانت الكهانات على قلوبهم لأكثر من الف عام

ورغم تلك النعمة السبتمبرية إلا أن اليمنيين لم يعطوها حقها من الشكر، بل إن الكثير منهم لم يستشعر نعمتها فذبل سبتمبر في قلوب الغافلين عن فضائلة، وحينها تعزز دور الثقافة الإمامية على حساب القيم السبتمبرية ، ونضج مشروعهم على حرارة الخلافات البينية بين اليمنيين حتى أتى انقلابهم قبل بضع سنين.

وقبل الانقلاب كانت هناك حركة شبابية تحولت إلى شعبية كحراك وطني استجابة لدوافع الشعوب في التغيير إلى الأفضل ، إلا أن تلك الحركة غدت يتيمة في بيداء المتناقضات المتوجة بالانتقام من جهة والفشل من جهة أخرى، وكانت تلك الخلافات تُغذّى من أساطين السلالة الذين وظفوها ليحصدوا الثمار، وحينها انتقل اليمنيون إلى مرحلة تجاوزت فبراير واضحى سبتمبر 2014م هو المتحكم في المشهد الجديد، لينتقل أبناء فبراير من السلمية إلى الصراع العسكري مع الاماميين الجدد.

ولان الإمامة لا ترى في اليمنيين أكثر من مُستخدمين لها فقد ناصبت العداء كل يمني لا يقف مع مشروعها فتشكّل في هذه البيئة بعد ديسمبر الثورة في العام 2017م أعداء جدد للامامة بعضهم تموضعوا في جبهات لقتالها، وبعضهم مازال مشردا عن بلده، وتلك نعمة تمنًها الإمامة أن وضعت اليمنيين في جبهة واحدة استوى فيها أبناء فبراير وخصومه ومحايديه إذ أصبحوا جميعا في مرمى الكهنوت ، وحينها كان لزاما على هؤلاء جميعا أن يتناسوا مناكفاتهم السابقة ليقفوا صفا واحدا في نصرة الثورة السبتمبرية على الكهنة الرسيين.

ولعل الحل الأمثل يتمثل في جعل سبتمبر الثورة حاكما على ما بعدها وأرضية تجمع عليها كل الاطراف المؤمنة به كون صدر سبتمبر الرحيب يتسع لكل اليمنيين بكل توجهاتهم وخلافاتهم التي كانت في البيت السبتمبري والتي لا ينبغي لها أن تبقى بعد أن أصبحت المعركة مع غزاة من خارج البيت وبما يعزز من روابط الدم اليمني في معركته مع الإمامة.

إن شرط سبتمبر على أبنائه أن يتناسوا مناكفاتهم لتلتئم جراحهم ، ولتكن وجهتهم صنعاء دون تفريق بين الستين أو السبعين أو غيرهما من الميادين التي كانت محكومة بمبادئ سبتمبر العظيم.

اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: الاصطفاف اليمني الذي تفرضه المرحلة

زر الذهاب إلى الأعلى