المبعوث الأممي من الصين: الحل في اليمن لا ينحصر بعلاقات السعودية إيران (مقابلة)
المبعوث الأممي هانس غروندبرغ من الصين: الحل في اليمن لا ينحصر بعلاقات السعودية إيران وهذا واقع التطورات - مقابلة مع التلفزيون الصيني نص وفيديو
شدد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ على أن الاتفاق السعودي الإيراني ينعكس بأثر إيجابي على دعم المسار اليمني، لكنه استدرك بأن الوضع في الأخير يظل غاية التعقيد.
جاء ذلك في مقابلة أجراها معه تلفزيون الصين الدولي، على هامش زيارته، وكشف خلالها عن سعيه لحشد دعم صيني لجهوده، في أعقاب الاختراق الدبلوماسي الذي حققته بكين على صعيد طهران – الرياض.
وقال غروندبرغ في الحوار الذي يعيد نشوان نيوز نشر نصه "أرى أنَّ ذلك الاتفاق بتجديد العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية لا شك في أنه سينعكس على دعم التقدم في المسار اليمني".
واستدرك بأن "الوضع، كما تحدثنا سابقًا، في غاية التعقيد ولا ينحصر ببساطة على العلاقة العامة بين إيران والسعودية، وبالتالي أعتقد أنه يمكن أن يساعد، لكنه لن يحل الوضع بالكامل. فحل النِّزاع هو أمر في يد اليمنيين في النهاية".
فيما يلي نشوان نيوز يعيد نشر نص مقابلة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ- شبكة تلفزيون الصين الدولية
حاوره: وانغ غوان
- المبعوث الخاص غروندبرغ، شكرًا لك على القيام بهذا (اللقاء) . ومرحباً بك على شبكة تلفزيون الصين الدولية.
* شكرًا جزيلاً لك.
الزيارة الأخيرة إلى اليمن
- بعثتك في غاية الأهمية وقد زرت اليمن مؤخرًا، أخبرنا ماذا رأيت؟ وماذا يحدث على الساحة؟ وما مدى صمود وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه عن طريق وساطة الأمم المتحدة هناك؟
* اعتقد أن أول شيء يمكنني قوله هو أن الأوضاع في اليمن من منظور إنساني واقتصادي ما زالت متردية والوضع صعب، ولا شك في أنَّ اليمن سيحتاج إلى الدعم من المجتمع الدولي في الفترة القادمة. إلا أنَّنا السنة الماضية، كما أشرت أنت، رأينا تطورًا إيجابيًا على المسارين السياسي والعسكري، فقد أُبرِمَت هدنة قبل أكثر من سنة من خلال عملي أنا ومكتبي، وما زالت بنود الهدنة قائمة إلى حد كبير حتى هذا اليوم.
والفرصة متاحة الآن أمامنا إذا ما أحسنت الأطراف التدبير وشارك الجميع مشاركةً بنَّاءة. فيمكننا أن نخطو الخطوة القادمة للسعي إلى اتفاق يجمع الأطراف لتنفيذ هدنة أكثر تضافرًا وانتهاج خطوات نحو عملية سياسية ووقف لإطلاق النار في جميع أنحاء اليمن. وأرى في ذلك فرصة يجب أن يغتنمها اليمنيون والمجتمع الدولي للمضي قدمًا.
- إنّ الوضع في غاية التعقيد وهناك الكثير على المحك وهناك العديد من الأطراف والجهات المعنية هذا بالإضافة للأطراف المتحاربة داخل اليمن، ما هو توقعك فيما يخص القدرة على تقديم وبدء هذه العملية في البلاد؟
* كما ذكرت، كان هناك تطور مؤخرًا حيث رأينا خطوات تم اتخاذها أثبتت لليمنيين أنهم قادرون على تحقيق نتائج إذا اتفقوا.
الهدنة هي مثال مهم في هذا الصدد، لكن هناك أيضًا اتفاقيات أخرى أدت إلى نتائج. فمثلاً شهدنا إطلاق سراح المحتجزين قبل العيد مباشرة، وأعتقد أنَّ ذلك كان إنجازًا مهمًا بحد ذاته، وهو إنجاز مهم من الأطراف حيث أثبتوا للشعب اليمني أن بإمكانهم الاتفاق وأن الدبلوماسية ممكنة. وستواصل الأمم المتحدة عملها على إيجاد حل مستدام للنِّزاع، وآمل أن نتمكن، مع هذه النتائج، من المضي قدمًا والعثور على حلول ملموسة.
- تحدثت عن حلول مستدامة وملموسة هنا. من خلال التواصل مع أطراف مختلفة في اليمن، هل ترى أن هناك إمكانية للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في المستقبل المنظور؟
* ذلك ممكن باعتقادي لكنني لا أقول إنَّه أمر سهل المنال، بل يتطلب تقديم الطرفين للتنازلات للوصول إلى اتفاقية بذلك المستوى. نحن الآن في وضع تجري فيه مناقشات مستمرة على مستويات مختلفة لدعم جهود الوساطة التي تبذلها الأمم المتحدة وما أريد رؤيته أن تتحول هذه الجهود إلى وضع أشعر فيه أنني قادر على تقديم مقترح إلى الأطراف يمكنهم الاتفاق عليه ويسمح بإجراء مفاوضات من أجل وقف دائم لإطلاق النار، وذلك ممكن باعتقادي لكنَّه ليس سهلاً.
لا إطار زمني لوقف إطلاق النار
- ألن تخبرنا ضمن أي إطار زمني يمكن أن يكون هناك وقف دائم لإطلاق النار؟
* أود أن أكون معتدلاً في تقدير ما يمكن للمستقبل أن يأتي به، إلا أنَّني أستطيع أن أقول إنني والأمم المتحدة لن ندخر جهدًا للوصول إلى ذلك ما في أقرب وقت ممكن.
- نعم نعم. لكنك لو فكرت بذلك ستجد عدة عوامل لا بد من حلها فهناك حكومة في المنفى في السعودية. وهناك الحوثيون، المسلحون الحوثيون، الذين يسيطرون منذ وقت طويل على الكثير من أراضي البلاد بما فيها العاصمة. ثم هناك المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يرى أحقيته في إقليم له أيضًا، في ظل ذلك، لو كان هناك اتفاق للسلام، كيف سيكون شكل الحكومة مستقبلاً برأيك؟
* أولاً أعتقد أن الحكومة موجودة في عدن، وهي ليست في المنفى. أما بقية ما ذكرت من تحليلات فهي صحيحة دون شك. الوضع معقد وهو هكذا منذ سبع سنوات، إلاَّ أنني عند الحديث عن أول أولوياتي، فإنني أسعى إلى ضمان وصولنا إلى وضع تتفق فيها الأطراف على الدخول في عملية سياسية. مما يعني أن على الأطراف الاتفاق على نهج منظم لحل الخلافات عن طريق التفاوض.
- هلى تقصد التشارك بالسلطة؟
* من الواضح أنَّ ذلك سيكون جزءً من المفاوضات التي سوف تحدث، لكنني لا أستبق أيًا من الحلول التي تريد مني الحديث عنها لأنَّ الأمر كله عائد إلى الطرفين وهما من يحدد الحلول من خلال التفاوض.
انفراج في العلاقات بين السعودية وإيران
- ما رأيك في الانفراجة والتقارب اللذين حدثا مؤخرًا بين السعودية وإيران؟ أي نوع من التأثير سيكون لهذا التقارب على الوضع الحالي في اليمن لأننا نعلم أن الخصمين، السعودية وإيران، قد دعموا، أو على الأقل هناك زعم بأنهم دعموا أطرافًا متعارضة في اليمن؟
* كما ذكرت لمجلس الأمن قبل شهرين، رحبت بالإعلان الذي صدر هنا في بيجين بخصوص اتفاق إيران والسعودية على استئناف العلاقات الدبلوماسية، وهذا الترحيب ناتج عن إيماني بأنَّ اليمن له مصلحة في تعزيز قنوات الاتصال المفيدة والصحية وتمتينها بين جميع جيران اليمن اذا أردنا دعم اليمن للخروج من التحديات الحالية.
ولذلك أرى أنَّ ذلك الاتفاق بتجديد العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية لا شك في أنه سينعكس على دعم التقدم في المسار اليمني. لكنَّ الوضع، كما تحدثنا سابقًا، في غاية التعقيد ولا ينحصر ببساطة على العلاقة العامة بين إيران والسعودية، وبالتالي أعتقد أنه يمكن أن يساعد، لكنه لن يحل الوضع بالكامل. فحل النِّزاع هو أمر في يد اليمنيين في النهاية.
- ما هو الدور الذي تعتقد أن الصين يمكن أن تلعبه من خلال محادثاتك مع الدبلوماسيين الصينيين والمسؤولين المعنيين؟
* أرى أنني محظوظ لأنه خلال العامين الماضيين تقريبًا منذ تسلمي لمهامي، حظيت بدعم كبير من المجتمع الدولي ومن القوى العظمى، بما فيها الصين، وكذلك من الولايات المتحدة وروسيا وغيرهما من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. وأعتقد أنَّ المجتمع الدولي ينتهج مقاربة موحدة، فالجميع يرغبون برؤية حل للنزاع في اليمن.
وبالحديث عن مقاربة الصين، أعتقد أنَّ الصين واحدة من القوى العظمى في العالم وعضو دائم في مجلس الأمن ويمكنها ممارسة الضغط أيضًا للتأكد من اتخاذ جميع الخطوات الضرورية ودعم الجهود المستمرة التي أبذلها والأمم المتحدة. وهذا ما أتحدث عنه مع المسؤولين الصينين هناك في بيجين وأتطلع إلى نتائج ملموسة لهذه التبادلات.
- ماذا يمكنك أن تكشف لنا عن مفاوضاتك مع النظير الصيني فيما يتعلق بإيجاد حل لإنهاء النِّزاع في اليمن؟
* المناقشات التي أُجريها هنا هي جزء من الجهد المستمر الذي أقوم به في محاولة للتأكد من أن الدعم الموحد الذي أتلقاه من المجتمع الدولي لا يزال قويًا قدر الإمكان. ومن المهم لي أن أشرح للمحاورين مثل الصين قراءتي للوضع وما ينبغي للجهود الحالية أن تركز عليه، وأن أتأكد من حصولي أيضًا على الدعم لهذه المقاربة منهم.
وإذا شعرت بأنني أحظى بهذا المستوى من الدعم من الصين، وكذلك من الآخرين، ومن الولايات المتحدة، ومن جميع أعضاء مجلس الأمن، فسيمنحني ذلك قدرة أكبر على تحقيق النتائج. وذلك هو جوهر النقاشات التي أنخرط فيها هنا في بيجين.
الاعتدال وعدم التسرع
- هل لديك شعور بتقارب أصحاب المصلحة المختلفين خلال السنة الماضية خاصة خلال العام الماضي، خاصةً خلال الأشهر القليلة الماضية، إذا فكرت في حقيقة أن سوريا عادت إلى جامعة الدول العربية وإيران والسعودية حققا انفراجة، والمنطقة تترقب دورًا صينيًا فيها، بل بعضهم يقول إن المرحلة حالية هي مرحلةانفراجة مهمة في الشرق الأوسط، ما شعورك تجاه ذلك؟
* هنا أيضًا أؤمن بالاعتدال، فأعتقد أنَّه على المرء أن يرحب بالتطورات الإيجابية ويعززها، إلاَّ أنَّه عينا أن نكون حريصين أيضًا على ألّا نتسرع كثيرًا في تحليلاتنا وآمالنا حول المستقبل للتأكد من صلابة الأرضية التي نخطو عليها. لكنني أتفق معك في أننا شهدنا تطورًا إيجابيًا في المنطقة التي أعمل بها كما نرى الدول في المنطقة تعبر عن رغبتها في حل خلافاتها بنفسها وهذا أمر مشجع.
وبالعودة إلى الحديث حول دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، أعتقد أنَّ هناك مسؤولية على عاتقنا لمساعدة تلك الدول على حل خلافاتها، وهنا أرى أنَّ دور الصين إيجابي وعلينا أن نتأكد من إدامة الخطوات الإيجابية التي شهدناها.
- هانس، دعنا نتحدث عن الكوارث الإنسانية التي تحدث على الأرض فثلثي اليمنيين أو 22 مليونًا يعيشون على المساعدات الآن، ماذا يمكنك أن تخبرنا عن ذلك من أرض الواقع؟
* الوضع في اليمن صعب حتى قبل الحرب، وأول عهدي مع اليمن كان عملي هناك بصفتي دبلوماسي سويدي شاب في عامي 2007 و2008، وكان الوضع الاقتصادي في اليمن وقتها يعاني من تحديات. وكنت وقتها أعمل في السويد إنما ضمن سياق الاتحاد الأوروبي أيضًا، وكان من الواضح وقتها حاجة اليمن الماسة إلى المساعدة الحقيقية من المجتمع الدولي للتصدي إلى التحديات التي رأيناها وقتها.
حتى لو لم تكن هناك حرب، كان الوضع في اليمن صعبًا باعتباره من أفقر بلدان العالم. وقد تعرض لحرب منذ سبع سنوات، ولا شك في أن ذلك تسبب في معاناة إنسانية كارثية، وستبقى الحاجة قائمة لتقديم المجتمع اليمني الدعم إلى اليمن في المستقبل المنظور. وقد يساهم العمل المتواصل الذي أبذله على المسار السياسي في تيسير الانتقال من الدعم الإنساني الصرف إلى التنمية بعيدة الأمد، وذلك باعتقادي سيقدم مساعدة عظيمة لليمن، إلا أنَّ حدوث ذلك مرهون باتخاذ الخطوات الجادة التي تحدثت عنها من قبل، وعملية انتقال والتزام من الطرفين نحو وقف إطلاق شامل للنار في عموم اليمن والدخول في عملية سياسية للحصول على ثقة المانحين في أنَّ التنمية ستكون ممكنة.
- كيف ترى دور الصين عندما يتعلق الأمر بصنع السلام إذا فكرت في برنامج البنية التحتية الضخم في الصين، مثل مبادرة الأحزمة والطرق في المساعدة في التنمية والبنتة التحتية؟
* قدمت الصين الدعم لليمن في بناء الطريق الرابط بين العاصمة صنعاء وميناء الحديدة في نهاية الخمسينيات، وهو الطريق ذاته الذي أسافر عليه، وهو خط مهم اليوم يربط البحر الأحمر بصنعاء. لكن من الواضح أنَّ الدعم سيحتاج ألّا يكون مقتصرًا بالضرورة على البنية الأساسية، بل قد يتعدى نطاق ذلك. ومجددًا، لا بد من التأكيد على أنَّ الدعم الجمعي والمنسق والمتماسك للمجتمع الدولي سيكون الأكثر أهمية مستقبلاً.
- أخيرًا، أنت تعمل منذ مدة لا بأس بها في الحقل الدبلوماسي، وأنت تمثل الأمم المتحدة التي تُعدُّ الصين واحدة من أهم أعضائها، فكيف تنظر على العموم إلى دور الصين في العالم بالنظر إلى المبادرات الصينية بدءً ببناء مجتمع المصير المشترك وانتهاء بمبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية؟
* بصفتي ممثل عن الأمم المتحدة، سأشير إلى أنَّ مبادرة الأمن العالمية تؤكد دور الأمم المتحدة وتشير إلى رغبة الصين بدعم العمل الذي تتولاه الأمم المتحدة للترويج للسلام في العالم، وذلك شيء أرحب به وآمل أن نتمكن من البناء عليه.
- المبعوث الخاص هانس غرودندبيرغ. شكرًا جزيلاً على وقتك.
* شكرًا لك!
اقرأ أيضاً على نشوان نيوز: غروندبرغ لمجلس الأمن: اليمن نقاشات مشجعة وهدنة هشة (نص الإحاطة)