يوم الوعل اليمني.. ترميز الهوية وثراء الدلالة في هذه المناسبة - عبدالرزاق الحطامي
يحيي الأقيال - وكل يمني قيل بالضرورة - يوم الوعل اليمني، وهو يوم قومي ووطني مهم، نعيد به الاعتبار لأثرى رموزنا الحضارية الدالة على خصائص هويتنا الإنسانية المائزة.
في اللغة، كما في الموروث الثقافي العربي وشواهد الشعر في علم اللسانيات والاشتقاق الصرفي والتأصيل المعجمي، ومساجلات المدارس النحوية يحظى الوعل بحضور كثيف، كمفردة تنفتح على دلالات عدة، وتمثل ثيمة ثرية في الأمثال والحكم وخلاصات التجارب والمواقف.
ويكاد يكون الوعل/ الأيل رمزا شاخصا في معظم الحضارات الإنسانية القديمة، لكنه في الحالة اليمنية الأكثر شبها وارتباطا وتمثيلا لأبناء بيئته.
وإذا تتبعنا الوعل في منحوتات الشواهد الأثرية، وفي الأفاريز التصويرية في جدران الحضارات اليمنية العريقة، كذلك في كون الوعل اليمني أغلى ما يمكن بيعه لمتاحف العالم الكبرى، وقصور الأثرياء في مزادات السوق السوداء للصوص الآثار، لأدركنا ما ذا يعنيه وعل من خزف ، فضلا عن المجسمات البرونزية والذهبية والفضية.
يشبه الوعل طبيعة الإنسان اليمني وسيكولوجيا مجتمعه في السلوك والتصرف، وشغف الحرية والشموخ والتفرد، ويتماهى معنا في النزوع نحو الأعالي والعيش المعلق بين السماء والأرض على قلل الجبال وشعف المرتفعات العالية.
كما أن فترات التراجع الحضاري لليمن تتوازى وانحسار التقدير الشعبي للوعل المنزوي حد الانقراض على حافة التاريخ وهامش الحياة.
وبإحياء يوم الوعل اليمني يتم تشبيك العلاقة الأثيلة بين الوعل والذاكرة، ونستنهض في خضم هذه العلاقة ذاتنا الواحدة والطربدة في زمن التحوت والحيات التي لدغتنا ألف مرة، كان آخرها الحوثيون.
وما تطمح إليه هذه الفعالية القومية السنوية من إحياء يوم الوعل اليمني هو ترميز الهوية وتدميك الذاكرة عبر أثرى الأيقونات وأخصب الدوال الطبيعية والأثرية.
لذلك نأمل من تبني مشروع إحصاء عدد الوعول الموجودة في الجبال اليمنية، وسن قوانين تجرّم صيدها وتفرض عقوبات رادعة على من ينتهكها.
ومن المهم أن يحضر الوعل بوفرة في نصوص المنهج المدرسي، ولو في كتب التاريخ والتربية الوطنية، في مطبوعات الكتاب المدرسي بمحافظات الشرعية.
وستكون المدن اليمنية أجمل، لو تربع مجسم الوعل بقرنيه الهلاليين جولة شارع عام، ومدخل مدينة، وأطل بروقيه المقوسين من بوابات المؤسسات العامة.
يا ذا القرنين الهلاليين
جئناك متعبين
نتملّى في شعف الجبال
أثرا من قبضة ذاتنا الطريدة
ونلفى حافريك
يفتتان الصخور الواهية
حين قرناك يبقران بطن السحاب
والمطر يهطل
يا ذا القرنين
عيناك المنيعتان
وأنت الأعصم العاقل
ألأن "الهوية وعي متجدد بالذات"
تصقل قرنيك عن أشدّين
في العام مرة
أجمل عـُقَدا وأعلى قوسا
الحية تقرش جلدها أيضا
فاشحذ ياذا القرنين هلاليك
أبداً، لن نلدغ من جحر مرتين بعد الألف
ولن ننساك في تموز
فهبنا يا رأس الأعالي
يا روح الرمز المرموز
لنخصب من جدب
ونتحرر من الغبار
لنطل من قلل الرواسي
منيفين كما كنا في يوم إيل وتر
وذي ذاون
و إلى أصابع أقدامنا يشرئب الضباب
ونحن نتجلى من أفق
نشرب معاً نخب الشهب
وندل السيل من علٍ
أين يحط جلمود الصخر
والنجوم عند جباهنا متوسلات
أن نفسح لها الطريق
لكن ليس قبل أن نبصق في فم الحية
ونقتل السم.