عن مفاجأة عبدالملك الحوثي
خالد سلمان يكتب عن مفاجأة عبدالملك الحوثي
معركة العالم مع الحوثي في حالة إضطراب وعدم إنضاج لموقف موحد، أو أقرب للتجانس، إضطراب في تعريف مسمى الحوثي، وإضطراب في إنجاز خطة متفق عليها لكيفية مواجهته.
الحوثي ليس إرهابياً في عموم دول أوروبا على الرغم من كل فظاعاته، وليس إرهابياً في واشنطن على الرغم من تصنيفه كإرهاب دولي، فهي جد متسامحة معه إلى حد تقديم له مروحة خيارات بديلة، تبدأ بمخاطبته كجماعة سياسية وطرف تسوية، وتنتهي بامكانية إخراجه من خانة التصنيف الهزيل، الذي لم يعقبه إجراءات رادعه تتشابه مع التعامل مع إرهاب داعش والقاعدة.
إضطراب المجتمع الدولي لايطرح مفاضلة بين التحييد والإقصاء الكلي لقوة الحوثي، فقط يتجه كل الفعل العسكري الغربي نحو إضعاف متدرج مدروس بعناية فائقة، حيث يبقى الحوثي محافظاً على جسم عسكري قادر على تهديد الداخل إبتزاز الجوار.
إثنينهما واشنطن وعبدالملك الحوثي يدركان الخطوط المرسومة لهما وحدود اللعبة،مسموحاتها وممنوعاتها، مسموح للحوثي الفرقعات الإعلامية وتوظيفها لتوسيع قاعدته الداخلية، فرقعات صواريخ لا تضفي تغييراً على جواهر الصراع الإقليمي ولا تنصر غزة، بل تسحب بساط الإهتمام الإعلامي السياسي الدولي منها، وتجيره لصالح الجماعة على خلفية استهداف سفن البحر الأحمر.
ومقابل إبقاء حركة صواريخ الحوثي في هذا الهامش الضيق من المخاطر الشكلية، تمنح واشنطن صنعاء جوائز عدة: الحفاظ على ردع منخفض، وعدم شطبه من معادلات التسوية، أما الممنوع الأبرز الذي يدركه الحوثي،وسبق وان عممته طهران على أذرعها، هو الدم الإمريكي خط أحمر، ممنوع لم يتخطاه الحوثي على الرغم من إحصائيات الصواريخ التي أُطلقت وفق خطاب عبدالملك اليوم، وبقي بنك الدم المسفوك يمني خالص وبإمتياز، آخرها سبعة قتلى حوثيين في الحديدة في الساعات الماضية.
البحر الأحمر إستثمار إيراني طويل الأمد،يذهب نحو عمق الرؤية الإيرانية، بتحولها إلى اللاعب الأبرز في ترتيبات المنطقة وتقاسم المصالح والنفوذ، وبالتالي لن تغامر طهران بخسارة الحوثي ودفعه إلى مواجهة حقيقيقة تصل حد الإنتحار، باستهداف الإمريكان لأن ذلك يعني أن لا حضور قوي لحوثي في اليمن، إذا ماسفك قطرة دم واحدة من جنود اليانكي.
لا احد يأخذ صيحات عبدالملك الحوثي كل خميس بجدية كافية، وبالتالي تهديداته اليوم الخميس بعمليات نوعية ضد الأمريكان مفاجئة لهم وغير مسبوقة، تضع مصداقيته وجماعته على المحك، إذا لم يفِ بضرب الأساطيل فإنه يدغدغ مشاعر محازبيه وحواضنه التنظيمية ليس أكثر.
إتفاق التهدئة التي تشتغل عليها عواصم القرار الدولي حول غزة، والتي هي في طور الإنجاز، مخرج الحوثي الوحيد من مصيدة تحدي العالم، وبالتالي جعجعة قائد الجماعة الحوثية، مفتوحة على لفلفلة تهديداته والإنسياق خلف انفراجة الوضع في غزة ولو مؤقتاً، دون إغفال الإدعاء أنه وحده من أجبر إسرائيل على فعل ذلك، اي ان الحوثي يسرق غزة مرتين : مرة بزيف نصرتها، وأُخرى بالقول ان صواريخه هي من صنعت تفاهمات باريس للتهدئة.
ما الذي سيفعله عبد الملك بعمليته النوعية التي وعد بها؟
هل سينفذهجمات متعددة الأسلحة في توقيت واحد؟
هل سيغرق البوارج الحربية الأمريكية البريطانية؟
هل سيجعل البحر الأحمر حمام دم ومقبرة للإمريكان؟
ما الذي سيفعله عبد الملك؟
باطمئنان كلي للحقيقة نقول:
لن يفعل شيئاً.