آراء

في تأبين المناضل الوطني محمد سعيد الجماعي

د. ياسين سعيد نعمان يكتب في تأبين المناضل الوطني محمد سعيد الجماعي


تعد مريس قلب المنطقة التي شكلت جغرافية العمل السياسي الوطني، وهي المنطقة التي تعرف اليوم إدارياً بمحافظة الضالع. من هذه المنطقة الجبلية الواسعة خرج مناضلون تصدروا ملاحم الكفاح الوطني اليمني في مراحله المختلفة، وعلى امتداد تاريخ النضال السياسي من أجل تحرير وبناء اليمن الجديد.

كان جُل ما يسعى إليه هؤلاء المناضلون هو أن يروا اليمن حراً ومزدهراً وسعيدا، يسوده العدل والمساواة وسيادة القانون ؛ الجميع فيه مواطنون بحقوق وواجبات ينظمها دستور يطبقه ويحميه نظام منتخب من الشعب، وحياة مدنية تقوم فيها منظمات المجتمع للمدني بدور فعال في تنظيم المبادرة الفردية والمجتمعية في حماية حقوق الانسان وتأهيل المجتمع ككل للانخراط في عملية البناء الوطني في ميادين السياسة والاقتصاد والمعرفة والعلوم والثقافة.

لطالما حلم هؤلاء المناضلون بتحويلهم بلدهم إلى وطن يختار فيه الناس حكامهم بحرية ودون إكراه، فذلك هو الحق الطبيعي الذي لا يجادل فيه أحد، وتقره نواميس الحياة حينما يتعلق الأمر باحترام انسانية الفرد وهو أن يمنح الحق في أن يختار من يحكمه.

كان الفقيد المناضل محمد سعيد الجماعي أحد هؤلاء المناضلين الذين أنجبتهم هذه الأرض في ظروفها الصعبة والقاسية، والتي دفعته الى الهجرة بحثاً عن لقمة العيش الشريفة وهو في سن الخامسة عشر ليعود بعدها بسنة إلى اليمن وقد أدرك أن الكفاح من أجل بناء وطن للجميع هو الطريق الذي يجب أن يسلكه كخيار لا يعلوه أي خيار آخر. ومنذ عودته في تلك السن المبكرة التي التحق فيها بالعمل السياسي الوطني كمناضل من أجل التغيير تدرج في العمل السياسي والنضالي ليقود العمل الحزبي في منطقته، ويخوض غمار المواجهة مع الظلم والتخلف بحثاً عن العدالة والتقدم الاجتماعي.

كانت وفاته خسارة كبيرة على العمل الوطني الذي ارتبط به ارتباطًا وثيقاً، حيث كان قائدًا سياسياً وإجتماعياً بكل معنى الكلمة، فالقائد السياسي الناجح هو القائد الذي يخرج من مجتمعه حاملاً هموم هذا المجتمع، ويجعل منها علامة على طريق كفاحه من أجل وطن حر ومستقر وسعيد.

رحم الله المناضل الفقيد محمد سعيد الجماعي.

 

زر الذهاب إلى الأعلى