ثورة 26 سبتمبر ضد العنصرية في اليمن
همدان العليي يكتب: ثورة 26 سبتمبر ضد العنصرية في اليمن
بعد مسيرة من النضال والرفض المجتمعي اليمني لحُكم وعنصرية النسب والعِرْق والجينات المُقدَّسة، نجح اليمنيون في السادس والعشرين من سبتمبر 1962م في إشعال ثورة شعبية انتهت بتحقيق الجمهورية وإسقاط الحُكم الإمامي الذي كان يُمثِّلها في ذلك الحين من وصفوه بـ «الحاكم بأمر الله» أحمد بن يحيى حميد، وهو أحد أحفاد يحيى الرسي.
وبدعم كبير من جمهورية مصر العربية، نجح ثُوَّار اليمن في تثبيت الجمهورية، وأسَّسُوا مرحلة جديدة قائمة على مبدأ المساواة بين كافة فئات المجتمع اليمني، بعد فترة طويلة من هيمنة السلالة التي عملت على تقسيم المجتمع على أساس طبقي عنصري، وأدخلته في دوامات عنف مستمَرَّة.
وكان أبرز الأسباب التي أدَّت إلى اندلاع الثورة الكبرى في البلاد، هو «تطلُّع طبقات المجتمع اليمني المختلفة إلى إنهاء سُلطة الأئمة الأوتوقراطية الإقطاعية، وطغمة السادة التي أعاقت تطوُّر الحياة الاقتصادية والاجتماعية، والتي أبقت البلاد في مستوى البلدان الأكثر تخلُّفًا، والدول العتيقة في العالم» بحسب المؤرخة والكاتبة الروسية إيلينا جولوبوفسكايا.
ويتمثّل الهدف الأوَّل من أهداف ثورة اليمن في تحقيق المساواة، وإلغاء الحُكم الثيوقراطي العنصري وإزالة الطبقية بين أفراد المجتمع، وهو الحق الذي جعل اليمنيين يخوضون معارك طويلة منذ عام 897 ميلادية - 284 هجرية.
بدأ اليمنيون يتنفَّسون الصعداء مع ترسيخ الحُكم الجمهوري. فالحُكم بات للشعب (شورى)، وقيادة البلاد من عامة اليمنيين. أمَّا مصير السلالة التي اضطهدت اليمنيين لفترات طويلة باسم الدين والأفضلية، فقد عاشوا في زمن الجمهورية كغيرهم من أبناء الشعب اليمني، وحفظت فيها كافة حقوقهم الإنسانية مثلهم مثل بقية الفئات والمُكوِّنات، إلَّا أنَّ كثيرًا منهم ظلَّ مؤمنًا بأحقيَّتهم بالحُكم، وتميُّزهم عن بقيَّة اليمنيين.
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012م، نشر الدكتور يحيى بن يحيى المتوكل، وهو من الأُسَر الرسية في اليمن، مقالًا في صحيفة الثورة الرسمية والأولى في اليمن، وطالب بما وصفه «إزالة الغبن، واسترضاء بعض الفئات والمناطق التي تشعر بالإقصاء». مُشِيرًا لفئة «الهاشميين» باعتبارها واحدة من هذه الفئات التي يجب «استرضاؤها»، بالرغم أنَّ المذكور كان يشغل منصب وزير التجارة والصناعة، وقبلها نائبًا لوزير التخطيط والتعاون الدولي.
لم يستبعد الحكم الجمهوري الأُسَر العلوية من الحُكم رغم ما فعلوه باليمنيين، بل أشركهم في كُلِّ مفاصل الدولة العسكرية والأمنية والمالية والإدارية. كانوا كغيرهم من اليمنيين يتبوَّأون مناصب رفيعة وحسَّاسة، فمنهم الوزراء، والمحافظون، والقادة العسكريون والأمنيون، والوكلاء، والمدراء، والقضاة، والصحفيون.. لا يوجد مجال أو تخصّص أو حزب سياسي في اليمن، إلَّا وهُم أصحاب قرار ومؤثِّرون فيه بل ويهيمنون عليه.
عند توقيع وثيقة العهد والاتفاق بين شركاء الوحدة في قبيل حرب 1994م، كان علي سالم البيض ويحيى الشامي وحيدر العطاس مُمثّلين عن الحزب الاشتراكي، ويحيى المتوكل عن المؤتمر(بعدها كان وزيرًا للداخلية)، وعبد القدوس المضواحي ضِمْن الناصريين، وإبراهيم الوزير عن اتحاد القوى الشعبية، وكُلُّ هؤلاء ينتمون لذات السلالة (أبناء عمومة)، وهذا ملمح بسيط ينفي ادِّعاء المظلومية وإقصائها أثناء حُكم النظام الجمهوري في البلاد.
يرى كثير مِمَّن يَدَّعُون انتسابهم للعائلات العلوية في اليمن بأنَّهُم مظلومون مقهورون إذا كانوا لا يحكمون. فالحُكم حق إلهي وحصري لهُم، وأخذه منهم جريمة وعدوان عليهم. وعلى أساس هذا يعيشون دور الضحية والمظلوم، وهذا الشعور- بطبيعة الحال- مرتبط بالفكر الشيعي الذي يعتقد بأنَّ الحُكم أُخِذَ من علي بن أبي طالب والحَسَن والحسين رضي الله عنهم جميعًا، وذهب لغيرهم. ولهذا تجد أغلب من ينتسبون إلى هذه السلالة في اليمن تحديدا ينظرون إلى أيَة مقاومة لرغبتهم الشديدة في الحُكم بالقوة على أنَّها شكل من أشكال الاضطهاد لآل الرسول محمد ﷺ. فإمَّا أن يكونوا حُكَّامًا، وإلَّا فهُم مظلومون مقهورون، ويجب أن يحملوا البندقية، ويستعيدوا الحكم ولو على حساب دماء وكرامة وحقوق اليمنيين وهذا ما تفعله عصابة الحوثي العنصرية باعتبارها الامتداد العرقي والطائفي والثقافي ليحيى الرسي وأحمد يحيى حميد.