تعديل حوثي ينسف قانون القضاء في اليمن ونادي القضاة: انقلاب إمامي
تعديل حوثي ينسف قانون القضاء في اليمن ونادي القضاة: انقلاب يستعيد نظام القاضي الرقعة الذي كان في عهد الإمامة
فوق كل ما أحدثته من مآسٍ وتغييرات هدفت لإحكام السيطرة على السلطة القضائية وجعلها ساحة حصرية لأسماء بناءً على تصنيفات الولاء والعرقية، فوجئ القضاة بمشروع قرار جديد وصفه نادي قضاة اليمن بـ"المذبحة" و"الانقلاب القضائي"، إذ يشمل فيما يشمله تعيين أعضاء من خارج السلطة القضائية، التي أصبحت أداة بيد الجماعة بالفعل.
وكشف نص المشروع المقدم من رئيس واجهة سلطة الحوثيين في صنعاء، مهدي المشاط، إلى مجلس النواب، عن مشروع قرار لتعديل قانون السلطة القضائية، يسمح بتعيين أعضاء في وظائف ودرجات قضائية من خارج السلطة القضائية، مما يجعل السلطة التنفيذية كاملة بيد الجماعة، بعد أن أصبحت حالياً أداة من أدواتها.
وجاء في بند النيابات والمحاكم في أنحاء الجمهورية، المادة (1) تضاف إلى القانون رقم (1) لسنة 1991م بشأن السلطة القضائية المواد (57 مكرر) نصها الآتي: "مادة (57 مكرر): يجوز لرئيس الجمهورية - للاعتبارات التي تفرضها المصلحة العامة - أن يعين أعضاء من خارج السلطة القضائية في وظائف ودرجات السلطة القضائية من خارج أعضاء السلطة القضائية خلال فترة ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا القانون". ويشترط أن "يكونوا من بين أساتذة كليات الشريعة والقانون بالجامعات اليمنية أو من علماء الشريعة الإسلامية العاملين على إجازات علمية في الفقه المجهود بين المذاهب والنكافة والإصلاح بين الناس، محمودة السيرة والسلوك".
مذبحة وانقلاب قضائي
القرار، وعلى الرغم من العبارات التي دلعته بوضع اشتراطات، بدا كما لو أنه محاولة جديدة لإزاحة من تبقى من سلطة شكلية، بعد أن سيطرت عليها الجماعة في السنوات الماضية.
وفي الأثناء، جاء بيان نادي القضاء اليمني، الذي أدان واستنكر "بأشد عبارات التنديد والشجب والإدانة التمادي الذي تجاوز كافة الثوابت الوطنية والأخلاقية والدينية، بقيام الجماعة القابضة على صنعاء بتقديم مشروع قانون يمثل مذبحة وانقلاب قضائي، ممن أطلق على نفسه مجلس الوزراء، دون أن يكون لمجلس الوزراء أي اختصاص فيما يتعلق بالسلطة القضائية على الإطلاق".
وأضاف البيان: "هذا لو كان لمن قام بذلك تمثيل لإرادة الشعب، فكيف وهو منهم براء؟ مروراً بالمساس بحجية الحكم الدستوري والتعليق عليه، وهو ما يعد جريمة مستقلة علاوة على ما شاب ذلك من تهجم وتطاول بطريقة مملوءة بالسخرية والاستهزاء بالمكتسبات الوطنية".
بهتان يتحول إلى قانون
وتابع البيان، الذي حصل نشوان نيوز على نسخة منه، أنه لم يكن يتوقع أي عاقل أن ما سُمِّي بمشروع تعديلات قانون السلطة القضائية يُحال حتى للنقاش في أي بقايا مجلس نواب يحترم ذاته، إلا أن الكارثة العظمى كانت أنه وخلال يوم واحد تحوَّل البهتان والطلب المجرم إلى قانون معتمد بأغلبية من قبلوا أن يكونوا مجرد أُجراء لإرادة فرد، كما يقول حال واقع قانونهم الذي صدر في ظل إهدار للإجراءات الشكلية والموضوعية والضمانات الدستورية، والذي سيظل لعنة عليهم ما بقي الإنسان على المعمورة.
وقال نادي القضاة: "إننا ننعى إليكم الانقلاب القضائي الذي طال كافة المهن القانونية والقضائية، وعصف بقيم التماسك والتشارك والعدالة، وقدمها قرباناً وهو يستعيد نظام القاضي الرقعة الذي كان في النظام الإمامي، ويقضي على رسالة القضاء الواقف "المحاماة" بذات المنهاج الذي يهدف إلى التخلص من أي ضمانات شكلية حالت ولو لبرهة من زمن بينهم وبين شهوة التخلص من أبناء الشعب التواقين للحرية والكرامة والمتشبثين بقيم حقوق الإنسان، وفق نهج شيطاني بقاعدة (لأقتلناك)، وها هو القتل يطال ثوابت ومبادئ سلطة الحقوق والحريات".
وأضاف: "لقد طالبنا كل الشرفاء في هذا الوطن منذ سنوات بالذود عن حمى هذه السلطة التي باتت تنتهج مسارات غير سوية، ولطالما ناشدنا دعاة الإنسانية والسلام في العالم، والمبعوث الدولي، والشركاء، والقيادة الرئاسية، بالمخاطر المتزايدة الرامية إلى هدم المعبد. ومن المؤسف أن تجري المفاوضات الأممية والإقليمية بعيداً عن نهج الكرامة المتأصلة في الإنسان والثوابت الوطنية والدولية".
وشدد نادي القضاة على أنه "الأدهى من ذلك أن نجد من يخدمهم ويقدم المؤسسات الوطنية قربانا لهم، إن التماهي الذي تمضي فيه المفاوضات وتجاوز سلطان المفاوضات للثوابت قد خلقت هذا التمادي الهادف إلى تشتيت جهود إحلال السلام في هذا الوطن، وها نحن نصل لإهدار الحقوق والكرامة الإنسانية".
حتى لا نكون شهود زور ومجرد عكفه
وختم البيان بمخاطبة اليمنيين بالقول إن قضاة اليمن كانوا يمثلون "صمام أمان التماسك الوطني والمساحة الآمنة الأخيرة، ولطالما ثبتوا أمام سياسة الاستحواذ والحرمان كل ذلك لأجل الذود عن قيم المجتمع والحفاظ على المجتمع كأدنى واجب، وإننا نتابع ونتلقى البلاغات المستمرة عن تغول سلطة صنعاء على المؤسسات القضائية وتأكيد قضاتكم الشرفاء على الصبر من أجل بقاء القضاء سوح أمان لكم".
ومع ذلك يختم النادي إن "طوق الذود عنكم في حياض العدالة قد سفك، وحتى لا نكون شهود زور ومجرد عكفه وأعوان للظالمين فإننا ننعي لكم الثوابت الدستورية وضمانات حقوق الإنسان وحرياته ونعزي أنفسنا وكل أحرار العالم بهذه الكارثة التي باتت فيها كل الهيئات والسلطات إرادة فرد، ولن نالوا جاهدين معكم وكل أحرار المهن القانونية في لم الشمل واتخاذ كافة السبل الملائمة للذود عن سلطة الحقوق والحريات (العدل) واستعادة الجمهورية".