تبعية الحوثيين لإيران ومستقبل علاقاتهم مع اليمنيين!
محمد الصباري يكتب: تبعية الحوثيين لإيران ومستقبل علاقاتهم مع اليمنيين!
لقد أصبحت تبعية الحوثيين لإيران واضحة للعالم أجمع منذ بدء الصراع في اليمن، حيث أدت هذه العلاقة إلى تفاقم الوضع الإنساني والسياسي في البلاد، الحوثيون، الذين ينتمون إلى الحركة الزيدية الشيعية، وجدوا في إيران داعمًا رئيسيًا من خلال تقديم الأسلحة والتدريب والدعم اللوجستي، إيران بدورها استغلت الحوثيين لتعزيز نفوذها في المنطقة، وذلك كجزء من استراتيجيتها الإقليمية لمواجهة النفوذ السعودي والأمريكي في الشرق الأوسط.
تبعية الحوثيين لإيران
ارتكزت العلاقة بين الحوثيين وإيران على قاعدة التبعية بدرجة أولى والمصالح بدرجة ثانية، حيث يسعى الحوثيون إلى السيطرة على اليمن ويعتمدون على الدعم الإيراني لتحقيق هذا الهدف، بينما ترى إيران في الحوثيين ورقة ضغط قوية تستطيع من خلالها تهديد أمن السعودية واستنزاف مواردها، كما تعتبر السيطرة على اليمن بموقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر جزءاً من النفوذ الإقليمي الإيراني.
إيران، من خلال الحرس الثوري والميليشيات التابعة لها، قدمت للحوثيين الدعم العسكري والتدريبي. وشملت هذه المساعدات تزويدهم بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي استخدموها ضد أهداف سعودية، هذا التعاون الوثيق زاد من تعقيد الصراع اليمني وتسبب في معاناة كبيرة للشعب اليمني، حيث تعرضت البنية التحتية اليمنية للتدمير، وانتشر الفقر والمجاعة والأمراض بشكل غير مسبوق.
هل ستتخلى إيران عن الحوثيين كما تخلت عن حزب الله؟
بالنظر إلى التجارب السابقة مع الجماعات التابعة لإيران، مثل حزب الله في الوقت الراهن، يمكننا أن نتوقع أن إيران قد تتخلى عن الحوثيين إذا لم تعد مصالحها الإقليمية تتطلب استمرار هذه العلاقة، وقد أظهرت إيران قدرتها على التخلي عن حلفائها حين تصبح الكلفة أكبر من الفائدة، كما حصل في عدة مواقف إقليمية.
حزب الله مثلاً، وعلى الرغم من استمرار علاقته الوثيقة مع إيران، إلا أن هناك إشارات إلى أن إيران قد تقلل من دعمها المباشر بسبب الضغوط الدولية والعقوبات الاقتصادية المتزايدة، مما يترك الحزب مع تحديات داخلية في لبنان، بعد مقتل قيادات الصف الأول للحزب وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصر الله.
إيران، التي تواجه ضغوطًا دولية متزايدة وصعوبات اقتصادية داخلية، قد تجد في مرحلة ما أن دعم الحوثيين لم يعد مجدياً من الناحية الاستراتيجية أو الاقتصادية. كما أن التغييرات في العلاقات الدولية، والضغوط من المجتمع الدولي، قد تؤدي في النهاية إلى تخلي إيران عن الحوثيين.
سيناريو انتقام اليمنيين من الحوثيين
إذا ما تخلت إيران عن الحوثيين في مرحلة ما، فإن الحوثيين سيجدون أنفسهم في وضع صعب للغاية، سيواجهون ضغطًا داخليًا متزايدًا من الشعب اليمني الذي عانى لسنوات من الحرب والجوع بسبب سياساتهم وتبعيتهم للخارج، سيكون هناك رغبة قوية لدى اليمنيين في الانتقام من الحوثيين بسبب الضرر الهائل الذي تسببوا فيه، سواء كان ذلك على مستوى البنية التحتية والحياة المعيشية أو الأرواح.
اليمنيون الذين عاشوا تحت وطأة الصراع لأكثر من عقد سيجدون الفرصة للثأر والتخلص من هذه الحركة التي جلبت لهم كل هذا الدمار، في هذا السياق، من المتوقع أن تشهد الساحة اليمنية صراعات داخلية بين القبائل والفصائل التي تحاول استعادة السيطرة على أراضيها، كما قد يتم تشكيل تحالفات جديدة تهدف إلى إقصاء الحوثيين من المشهد السياسي والعسكري تمامًا ليستعيد البلد عافيته تدريجياً.
في الختام، مما لاشك فيه بأن تبعية الحوثيين لإيران قد توفر لهم حاليًا مظلة من الدعم، ولكن هذه المظلة قد تختفي في أي لحظة إذا ما تغيرت أولويات إيران الإقليمية، وفي حال تحقق هذا السيناريو، فإن الحوثيين سيواجهون مصيرًا مشابهًا لجماعات أخرى تخلى عنها داعموها الإقليميون.. وسيكون للشعب اليمني الكلمة الأخيرة في هذا الصراع، حيث ستكون الرغبة في الانتقام قوية بعد سنوات من المعاناة والظلم والاستبداد والقمع.!