إذا كان لابد (شعر)
قصيدة الشاعر المثنى الهمداني بعنوان: إذا كان لابد (شعر)
ونحن المتاحون للموتِ
أقدامنا في ثباتٍ عليهِ
وأقدامه فوق أرواحنا سائرة
خرجنا مع حلمنا من حياة الدنى مجبرين
ولم ندخل الآخرة
بلا وجهةٍ
في دروبٍ من التيهِ نمضي
ويمضي بنا التيهُ في دائرة
على هذه الحالِ
تسع سنين علينا مضت
وها نحن نستقبل العاشرة
فمن نحن .. ؟
نحن الذين انقسمنا
ونحن الذين اختلفنا على لون رايتنا
وافترقنا
فكل فريقٍ له رايةٌ لا تُرى
وطريق ضبابية نحو غايتهِ
حيثُ لا غايةٌ ظاهرة
وكان لنا وطنٌ واحدٌ
هدفٌ واحدٌ
مسلكٌ واحدٌ
علمٌ واحدٌ
وكنا كباراً بحيث نرى الشمس من تحتنا مامررنا عليها
تخرُّ إلى ما لدينا من الكبرياء بكل جلالتها صاغرة
وكانت لنا أمة لا توالي سوى الله قطعاً
ولا تتلقى الأوامر إلا من اللهِ
والله صيرها في البسيطة ناهيةً آمرة
وكان الزمان لنا نحن
كنا ملوك الزمانِ
وقد كان ذلك في الحقب الغابرةْ
ودار الزمان
وفي لحظة منه دبت خلافاتنا بيننا
وانتحرنا بها
انتحرنا
لأن الخلافات في أصلها ناحرة
هنالك سار العدو إلينا بأفواجهِ
مستغلاً بنا حالة الانقسامِ الشديدِ
ليستثمر الفرصة النادرة
وكان من السهل جداً عليه بأن يحرز النصر فوراً علينا
ويسطو على أرضنا الطاهرة
ويرسم فوق طلول كرامتنا شارة النصر زهواً
ويرفع فوق المقابر رايته الظافرة
ونحن على حالنا
ألف جيشٍ
وألف زعيمٍ
وكلٌ فريق يقاتل ذات العدو على حدةٍ
فينكسرون جميعاً أمام العدو
ويرتد كل فريقٍ بما ظل من قوةٍ خائرة
لأن سلاح العدو تَفَرُّقنا
فمعاركنا كلها خاسرة
متاحون للموتِ
أقدامنا في ثباتٍ عليه
وأقدامه فوق أشتاتنا سائرة
فيا كل هذا الشتاتِ المجربِ لملم شتاتكَ
وحد صفوفك
واحشد قواك
وضمد جراحاتك الغائرة
وإن كان لابد من أن تعيش
فلا بد من ثورة هادرة
وإن كان لا بد من أن تثور
فلا بد من وحدة حاضرة
ولا بد من أمةٍ قادرة