آراء

مناضلون فير آند لفلي!

كامل الخوداني يكتب: مناضلون فير آند لفلي!


لماذا اغتاظ البعض من كمية التقدير والمحبة التي غمر بها اليمنيون بمختلف توجهاتهم، والأشقاء العرب وقياداتهم الأصيلة، وقيادات وسفراء الدول الصديقة، العميد طارق محمد صالح وتهانيهم له بالسلامة والدعاء بالعافية والخير بعد نجاته من حادث سير أثناء عودته من الخوخة إلى المخا؟

لماذا ثار جنون هذه الكائنات المأزومة وهي ترى اليمنيين قد رموا أحقاد الماضي وضغائنه ومشاريعه الصغيرة خلفهم وتوحدوا بمعركتهم وهدفهم، وبمحبتهم وتقديرهم لبعضهم.

لماذا لا يغادر هؤلاء الغارقون في وحل الكراهية والبغضاء الدائرة التي يعيشون داخلها منذ عقود، مقنعين أنفسهم بأنها اليمن وشعبها، وأن على الجميع الدوران معهم داخل هذه الدائرة، بينما اليمنيون يعيشون واقعاً مختلفاً، أحداثاً مختلفة، معركة مختلفة، أهدافاً مختلفة، وقضية واحدة عنوانها اليمن.

قال أحد "الكيوتين" المتنقلين ما بين تلال الدول الأوروبية وجبال طرابزون: ما الذي قدمه طارق صالح للمعركة ضد الحوثي ومعركة استعادة الجمهورية ليلتف حوله الجميع هكذا؟ وتناسى هذا "الكيوت" توجيه السؤال هذا لنفسه أولاً.

عزيزي الكيوت،
يحمل جسد طارق صالح العديد من الجروح والإصابات، لم تكن جروح معركة انتفاضة الثاني من ديسمبر أولها، ولن تكون جروح وإصابات الحادث الأخير في منطقة المواجهات وعلى خطوط النار آخرها؛ من جبال صعدة مشاركاً في قتال الحوثي خلال الحروب الست، إلى قائد قوة ضاربة في الساحل الغربي تقاتل الحوثي، بينما يحمل جسد "الكيوت" الحلو شعارات برشلونة وريال مدريد، ومن مساحة بتويتر لكبسو كبسو بالتيك توك.

ضحى طارق صالح بكل ممتلكاته ومنازله وأمواله وذاق المر وهو يرى أغلال القيود على أيدي وأقدام أبنائه وإخوانه وأبناء عمه لسنوات طوال، بينما ضحى "الكيوت" بربطتي عنق وقميص مخطط لم يتنبه لأخذهن حينما حزم حقيبته وغادر اليمن قبل عقد من الزمان.

قدم طارق صالح أربع مقابر من خيرة رجاله ومقاتليه ابتداءً من عدن وحتى شارع 22 مايو داخل الحديدة. رابط لسنوات بجبهته وهو القادر على الذهاب للحياة والعيش ملكاً غير متوج أينما يشاء، أسس من الصفر قواته وافترش الأرض والتحف السماء، لم يبالِ بقذيفة موجهة إليه ولا صاروخ إيراني مرسل لاستهدافه ولا مسيّرة مبرمجة لقصفه. آخرها عشرات المسيرات استهدفت مقره، نجا من متفجراتها وشظاياها وموتها المحقق، وليست الأولى بل مرات، ورغم هذا ما أرعبته أصواتها ولا قذائفها ولا متفجراتها ولا هدت عزيمته وإصراره؛ يُعالج ثم يعود مجدداً لجبهته ومترسه، بينما قدم "الكيوت الحلو" عشرة فيديوهات ريلز موزعة بين تويتر وفيسبوك، وكل فيديو من دولة، وليتها فيديوهات مجانية بل مدفوعة الأجر، معتبراً هذا إنجازاً كبيراً ونضالاً بطولياً.

عزيزي الكيوت،
ما هي معايير التضحية والقتال والمعركة ضد الحوثي والوطنية والانتماء من وجهة نظرك؟

وما الذي يغيظك في تألف اليمنيين واحترامهم ومحبتهم لبعضهم وتجاوزهم لأحقادهم وتوحدهم في سبيل معركتهم، وحرصهم على سلامة بعضهم ورموزهم وقياداتهم المقاتلة التي يلتف المقاتلون والناس حولهم، والتي في حال ما حصل لأحدهم مكروه فإن الخاسر الأكبر هي القضية والمعركة والهدف الذي ضحى في سبيله عشرات الآلاف من اليمنيين بدمائهم في كل جبهة وجبل وساحل.

عزيزي الكيوت الجميل،
الملمع شعره بنصف علبة جل وقارورتين دابر أملا، ممكن تشرفنا أسبوعاً للجبهة وليس بالضرورة الساحل الغربي؛ توجد عشرات الجبهات الأخرى. قم بزيارتها وعايش مقاتليها وقادتها وشمسها وحرها وبردها لبضعة أيام، عد من جنتك الأوروبية إلى اليمن وعايش أهلها وشعبها وتفرج جروحهم النازفة واستمع أنينهم وصرخات وجعهم وقهرهم. ربما تعرف سبب هذا الالتفاف حول هذه القيادات والمرابطين في متاريسهم وأسباب محبة وتقدير كل هذه الآلاف من الناس للعميد طارق صالح، ولماذا. ولا تقلق على احمرار خدودك وتسريحة شعرك؛ سوف نشتري لك كريم "فير آند لفلي" لتفتيح بشرة وجهك التي أصابتها لفحة شمس اليمن خلال الأيام التي تواجدت بها.

زر الذهاب إلى الأعلى