موسى عبدالله قاسم يكتب عن السجون العلوية: الإرث البيولوجي والأيديولوجي!
تذكر كتب التراث الإسلامي أن علي بن أبي طالب كان أول من أنشأ سجنا للتعذيب وقمع الحريات في التاريخ الإسلامي. كان هذا السجن في منطقة الكوفة بالعراق وقد أطلق عليه سجن "نافع".
هذا التوجه القمعي أتى بعد مرور عقود من حكم الخلافة الإسلامية الراشدة التي سادتها الكثير من الصراعات الداخلية والخارجية لكنها رغم ذلك خلت تماما من السجون وأدوات التعذيب وقمع الحريات.
اليمن واحدة من البلدان التي نالت نصيبها من هذا الإرث العلوي البشع، فقد أنشأت العصابة الإمامية العلوية خلال القرن العشرين عشرات السجون والمعتقلات لقمع اليمنيين وتغييبهم في دهاليزها وحرمانهم من أبسط حقوقهم الآدمية لعشرات السنوات.
والمثير في الأمر هنا أن واحد من هذه السجون العلوية أُطلِق عليه "سجن نافع" الواقع في محافظة حجة غرب اليمن، وذلك تأسياً بسجن علي بن أبي طالب الذي أنشأه في محفل الكوفة كما أسلفنا، وقد كان هذا السجن من أبشع السجون تعذيباً وتنكيلاً لليمنيين وأكثرها قمعاً ودموية وامتهاناً لكرامة الإنسان في تاريخ اليمن.
من يقرأ تاريخ اليمن قبل ثورة 26 سبتمبر الظافرة، سيجد أن "سجن نافع" الرهيب كان مقصلة لأحرار اليمن وثواره ومتنوِّريه، فيه أعدمت الإمامة الكهنوتية نخبة من أحرار اليمن أبرزهم الشهداء محيي الدين العنسي وأحمد الحورش ومحمد المسمري وغيرهم، وسجنت وعذّبت قادة الثورات والانتفاضات الشعبية ورواد الحركة الوطنية اليمنية ومصلحيها، ومن أبرز نزلائه الرئيس عبدالله السلال والرئيس عبدالرحمن الإرياني والأستاذ أحمد محمد نعمان و الشهيد محمد محمود الزبيري والثائر هادي عيسى والمناضل حسن العمري وغيرهم الكثيرين من حملة مشاعل التثوير والتنوير الوطني.
السجون العلوية والممارسات اللاإنسانية فيها أصبحت متلازمة عربية حيثما تواجد العلويون حُكّاماً ومليشيات، لاسيما في العراق بعد الاحتلال الأمريكي الصفوي، ومشاهد أدوات التعذيب التي ابتكروها كالمثاقب والمناشير وغيرها من وسائل التعذيب البشعة التي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء.
أما ما كشفته الثورة السورية بعد سقوط العصابة العلوية الحاكمة في سوريا من قتل وتعذيب وتغييب لعشرات الآلاف من السوريين والعرب في هذه السجون، أبرزها "سجن صيدنايا" الرهيب، يجعلنا نتوقف أمام هذا الإجرام المتسلسل والسادية المفرطة في القتل والتعذيب وكأنها دين وعقيدة تجمع العلوية الأيدلوجية كحال عصابة الأسد والعلوية البيولوجية كحال عصابات جيش المهدي في العراق والمليشيات الإمامية في اليمن بنسختيها الحوثية والمتوكلية.
والأبشع من هذا كله هو سجن النساء وتعذيبهن وانتهاك شرفهن وامتهان كرامتهن. هذا الفعل الشائن لا يفعله الإنسان العربي لأي سبب كان، لما للمرأة من قدسية وتقدير في مخيالهم الشعبي وموروثهم الجمعي. واليمن على وجه الخصوص تأبى عروبة شعبها ونخوته وأعرافه وتقاليده ومكارم أخلاقه أن تسجن المرأة، إلا أن عصابة الحوثي السلالية العلوية ارتكبت كل عيب وانتهكت كل عُرف قبلي، فسجنت النساء وعذبتهن وانتهكت شرفهن بشهادات منظمات حقوقية محلية ودولية. والأمر كذلك في سوريا وقد شاهدنا كل ذلك الإجرام على شاشات التلفاز في مشاهد تدمي قلب كل عربي.
خلاصة القول، إن ثقافة السجون والتعذيب وقمع الحريات هي إرث علوي ثابت ومتجذّر، وعقيدة شيطانية تستعذب امتهان كرامة الإنسان تلبية لنزعات سلطوية تذبح في طريقها حق الإنسان في الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية، وقد حان التخلص من هذا الإرث الدموي اللاإنساني في وطننا اليمن كما تخلص منه أهلنا في سوريا العزيزة.