خالد سلمان يكتب عن الحوثي في اليمن بعد اتفاق غزة!
أصبح الحوثي، ابتداءً من يوم أمس، بندقية عاطلة عن العمل، وقوات متبطلة خارج الخدمة، عتاد مكدس في المخابئ والثكنات، وجيوش مسرحة بالمعنى العملياتي، إلا في حالة واحدة: توجيه هذه الترسانة إلى صدر اليمني، وإضافة نصف مليون قتيل ليكتمل العقد المليوني من ضحايا إجرام الحوثي.
لا أعتقد أن الحوثي سيستمر بالقصف واستهداف المنشآت والأجواء الإسرائيلية، إلا في حالة واحدة: أن يكون فلسطينيًا أكثر من الفلسطينيين، وغزاويًا أكثر من حماس. ستبقى هذه القوة في وضع التحييد، بانتظار ما بعد عشرين يناير، مقدم ترامب، ومراقبة الموقف من إيران، وما إذا سيتم تسوية ملفها النووي بالتفاوض أو بالقوة المسلحة. حينها سيعاود الحوثي مغامراته بالتكليف كوكيل، وربما بموجب نتائج المواجهة مع إيران يتقرر مصيره بالإبعاد الكلي من المعادلة، هذا إن لم يسبق هذا الاستحقاق تفاعلات الداخل اليمني، بإطاحته بثورة شعبية جراء ارتفاع سقف المظالم والتجويع والإبادات اليومية.
الحوثي يتسول التسوية بشروط الأمس حين كان قويًا، يبعث برسائله إلى الرياض لوقف الغارات الأمريكية البريطانية، يمد يده المرتعشة للمبعوث الأممي، وما لا يعلمه الحوثي أن شروط الأمس لا يعاد إنتاجها مرة أخرى، حال تغيير موازين القوى واحتراق أوراق القوة، وأن شروطًا أزاحت معطيات سابقة وأسسَت بدائلها، وأن تسوية، في حال قبول إحيائها، توجب إعادة صياغة يكون الحوثي على طاولة التفاوض هو الأضعف.
مصير الحوثي مفتوح على منعرجين: إما قبول ما يقدم له وهو القليل، أو الدخول في مواجهة مع قرار دولي بتصفيته، قرار لم يُرفع خارج التفعيل حتى وإن أوقف الحوثي صواريخه، فبحساب الاستراتيجيات يبقى خطره قائمًا وإن كان في حال استكانة مؤقتة.
مرة ثانية، البندقية العاطلة عن العمل ربما تتجه بكل طاقاتها لتفجير حرب داخلية، تعيد الحرب إلى المربع الأول، بحثًا عن تعديل التوازنات، وإعادة دفع الحوثي ثانية إلى قلب الصورة كركن أصيل في المعادلة لم يعد يملكها.