قراءة على ضوء الاتفاق في غزة!

قراءة على ضوء الاتفاق في غزة! - مصطفى ناجي الجبزي
قراءة على ضوء الاتفاق في غزة! - مصطفى ناجي الجبزي

مصطفى ناجي الجبزي يكتب: قراءة على ضوء الاتفاق في غزة! 


مادياً،  تعرضت غزة لدمار غير مسبوق وقد تتوقف الحرب دون أي آلية لاعادة إعمار ودون ضمانات اقليمية دولية. 
إنسانياً، تعرضت غزة لمذبحة وتصفية في جريمة مكتملة الأركان. الثمن الذي دفعه سكان غزة لا يقدر وكبير جدا. صدمة متعددة الأبعاد. الغد الغزاوي هو غد بلا مؤسسات خدمية : لا مستشفيات ولا مدارس ولا روض أطفال ولا جامعات ولا أقسام أمنية. أكوام من الاحزان والآلام. تخيل ان تلك المساحة فيها قرابة 200 الف مصاب وبعضهم إصابته تعني اعاقة دائمة.   العنف الذي صُب عليهم سيولد عنفا إجتماعيا وسياسيا وأيديولوجيا بلا شك. ما حدث هو نكبة مضغوطة. 

سياساً، هذا اتفاق هو انتصار لترامب قبل استلامه الحكم وتمهيد لبداية مختلفة. يراهن ترامب على الصفقات دون التدخل الخشن. وقد يفعل كذلك في الملف اليمني. ربما تخضع خارطة الطريق لتعديلات جزئية لتمضي. 

انتصر ناتنياهو سياسياً خارج غزة حين استطاع بعكس تداعيات الطوفان لتقليم أذرع إيران في لبنان وسوريا. إسرائيل أقوى خارج فلسطين. 

التحدي القادم لعشر او عشرين سنة قادمة هو الحوثي. سينضج هذا التحدي الامني (الإسرائيلي والدولي) على نار هادئة. ربما نهاية الحرب في غزة تعني بداية الحرب على الحوثي ولكن خلال عقدين قادمين وليس في اليوم التالي. 

حركة المقاومة خسرت هيكلها وعدد كبير من أفرادها لكنها إذا استطاعت اخراج أسرى من السجون الاسرائيلية  من حركات فلسطينية اخرى فإنها تعيد موضعة نفسها داخل مجموع القوى السياسية. ستتحول من منطق المقاومة الإسلامية إلى منطق الوطني- الإسلامي (هناك دراسات عديدة حول الموضوع ) 

الميت السياسي مما حصل هو خيار الدولتين. وهذا مرتبط بإعادة ملف التطبيع والصفقات القادمة مع ترامب. 

دبلوماسياً تمكنت قطر من ادارة ملف من اكثر الملفات حساسية واستطاعت مصر ان تدفع إلى تفادي التهجير من قطاع غزة. 

معنوياً: استطاعت جماعة محدودة من جر جيش من أعتى الجيوش إلى حرب لمدة 15 شهرا وتورط في وحل دون ان يتمكن من استعادة صورته وهيبته ولم يتمكن من اخراج أسراه. بالنسبة للجيش الإسرائيلي حرب غزة حرب فريدة وتمرين شاق استخدمت فيها أساليب وادوات جديدة لكنها حرب إنهاك واختبار وجودي اظهر الهشاشة السياسية والوجودية اكثر مما أظهر القوة. 

الفاتورة الاقتصادية هي المتغير الاهم لما بعد الحرب. الجميع سيكون أمام مشكلة مؤجلة.