عبدالسلام الحاج يكتب: حنتوس.. جذوة الثورة

عبدالسلام الحاج يكتب: حنتوس.. جذوة الثورة - عبدالسلام الحاج
عبدالسلام الحاج يكتب: حنتوس.. جذوة الثورة - عبدالسلام الحاج

عبدالسلام الحاج يكتب: حنتوس.. جذوة الثورة 


علوٌّ في الحياة وفي الممات

لحقٍّ أنت إحدى المكرماتِ

في صولة الباطل، يتلفت الناس بحثًا عن بطل، وقد وجدوك شامخًا لم يكسر كبرياءه كِبرُ الغطرسة التي استعرضوا بها قوتهم الهشّة أمام صمودك الأسطوري، الذي قزَّم هيلمانهم، وكشف سوأتهم، وأظهر سوءَهم، وعرّى بالشائعات التي أطلقوها عليك حقيقتهم.

لقد كان الشيخ السبعيني شجاعًا لدرجة أنه ظل يواجه الخرافة بالمنطق الواعي، ورفض -لالتزامه- تدريس ملازمهم، لأنه يعرف أن الماء العذب لا يصلح للشرب إذا خالطه ماء الوحل.

لم يكن شهيد القرآن يمتلك معسكرات، ولا مقدرات تتيح له مواجهة الجماعة التي حشدت حشودًا هائلة لمواجهته فردًا،

ولكنه امتلك قلبًا صادقًا، ومعه تلك التي أحبها قلبه: زوجته، التي استبسلت معه، وسطّرا معًا ملحمة حرية خالدة في سجل الوطن، الذي لم يعد له إلا الاحتفاء برموزه، مستلهمًا مسيرتهم لمواجهة مسيرة الشر والخراب.

وامتلك عقلًا حماه من الوقوع في شباك الغفلة التي يرسلها هواة الصيد في بحر استغفال الناس.

لقد أحرجتهم حيًّا وميتًا،

وقد هزمتهم في اللحظة التي أعلنوا فيها انتصارهم عليك.

سجلت حديثك معهم، فأصبح ما قلته حديث الناس!

لقد صرخت في وجه أصحاب الصرخة:

"بيننا وبينكم النيابة"، وقلت ما قلت بلسان القانون الذي لا يلقون له بالًا، بل وانقلبوا عليه أصلًا.

لقد ناديت بنداء الأخوّة والدين والشهامة والمروءة، فارتقيت شهيدًا برصاص غدرهم، وسقطوا مهانةً وسفالةً، وهم يجترون الكذب، ويلوكون الشائعات ليقتلوك مرتين، ولكن هيهات، فقد كانت وسائل التواصل شاهدةً على مدى وعي الناس وتطلّعهم للحرية، وهم يحملونك على أعناق كلمات الفخر، وقصائد الاعتزاز، وأغاني الانبهار بما صنعت.

لقد جددت في شعبنا روح الأمل، وأوقدت شعلة الثورة، وأشعلت جذوة الحرية،

يا شهيد القرآن والكرامة.

لم يكن يعرفك إلا القليل، وقد صار القليل الآن من لا يعرفك.

فقد صرت أيقونة حرية، وصورك تشير إلى الفخر، وترمز للأمل القادم.

تقول قصتك البطولية إن اليمن الكبير لن يكون صغيرًا، وسيذهب الصغار إلى حيث اختاروا لأنفسهم، بعيدًا عن الكبار.

قال البعض: هذه مغامرة غير محسوبة، وغابت من حساباتهم معاني الإقدام، لإعاقة تقدم الأذى الذي تضرر منه الناس.

وقال البعض الآخر: كان بإمكانك تسليم نفسك، ونسوا مصائر الذين سلموا أنفسهم قبلك، فنكثت المليشيات عهودها وضماناتها لهم، وغيبتهم عن الدنيا أو عن أهليهم وذويهم.

لقد سطّرت مجدًا في لحظة صادقة، ليس فيها استعراض ولا أفلام، ولا هوليوود، بل صدقٌ وأمنية بلقاء الله في ساحة الدفاع عن وطن استُحِلَّت حُرماته باسمه.

أنت خطر، لأنك فعلاً كذلك عليهم،

فالقرآن الذي تعلّمته وتُعلّمه مخيفٌ جدًّا لهم!

فهو يدعو للمساواة بين البشر، وهذا يُسقط تسيدهم.

وهو يُحرر العقل، وهم يريدون للعقل أن يبقى خلف قضبان الخرافة، ليُخرْفِنوا ما تبقّى من الناس.

يرفعون شعارات "قتل اليهود"، ولا تسيل إلا دماؤنا!

ويزعمون أنهم ينصرون غزة، وهم يقتلون أهل السبق في مناصرتها!

الصراخ بـ"الموت على إسرائيل"،

والرصاص الحي على صدور اليمنيين!

لقد توجهوا نحوك بالبلطجة، ووجهتهم نحو الدولة التي انقلبوا عليها، والمؤسسات التي يديرونها لدعم مواردهم وتحسين صورتهم، ولكنهم لا يريدونها فيما يفضح فسادهم، ويناقض ما يمارسونه من ملشنة لا تنتمي للدولة.

لقد قلت لهم، على لسان إبراهيم أصلان:

"أنا لا يعنيني ما تؤمن به،

يعنيني: ما الذي يمكن أن تفعله بهذا الإيمان؟

تبني أم تهدم؟

تظلم أم تعدل؟

تسلب أم تمنح؟

تحب أم تكره؟

تحرر أم تستعبد؟"

لقد هدموا دور القرآن باسم "المسيرة القرآنية"! وقتلوا حفّاظ ومعلمي القرآن، وسجنوهم باسم "المسيرة القرآنية"!

وسيفعلون كثيرًا مما لا ينتمي للقرآن باسم "المسيرة القرآنية"...

لقد كان قتلك، يا شهيد القرآن، توصيفًا حقيقيًا لهم بأنهم "مَسِيرة ومُسَيَّرة إيرانية".

لقد هُزموا.. وانتَصرت.