[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

المخلافي: لا جدوى للحوار قبل فكّ حصار تعز (حوار)

أنهى الوفد الحكومي اليمني ووفد الانقلابيين (الحوثيين) وحزب المؤتمر الشعبي بقيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح)، جولة مفاوضات جديدة في مدينة بييل السويسرية، برعاية الأمم المتحدة من دون إحراز تقدّم بارز. وظل الوفدان على مدى خمسة أيام يناقشان البند الأول في أجندة أعمال المفاوضات بدون تحريك هذ الملف قيد أنملة. بعض تفاصيل هذه المفاوضات يكشفها نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخارجية ورئيس الوفد الحكومي المفاوض في سويسرا عبدالملك المخلافي.

 

قبل المجيء إلى سويسرا، ناقشتم أجندة المفاوضات لمدة شهر ونصف الشهر، مع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، للوصول إلى أجندة متفق عليها، هل توصل المبعوث إلى اتفاق مع الجانبين حول هذه الأجندة؟

نعم، لم نأت إلى هنا إلا بعد جولة من المشاورات استمرت شهراً ونصف الشهر، سافر فيها المبعوث الأممي بين العاصمتين السعودية الرياض والعُمانية مسقط، لمرات عديدة، وقدمت لنا في المرحلة الأولى مسودة عن هيكلية وضوابط المشاورات. وناقشنا مع المبعوث الأممي هذه المواضيع، وقدّمنا ردّاً مكتوباً عليها. وقد استوعبت (تضمنت) بعضاً من ملاحظاتنا. ثم ناقشنا المسودة الثانية في جولة من المشاورات مع المبعوث الأممي، واعتبرناها جزءاً من التفاوض، لأننا كنا مصرّين على ألا نذهب هذه المرّة، كسابقتها بدون أن تكون القواعد الأساسية وجدول الأعمال للوفدين وتركيبتها متفقاً عليها، بما فيها عدد المشاورين والاستشاريين، ومشاركة المرأة وغيرها من التفاصيل. وأيضاً، في المسودة الثانية التي قدمت للمبعوث الأممي، جرى التعديل عليها ثم طرحت الأمم المتحدة أنه لا يمكن أن نستمر في إعداد أوراق إلى ما لا نهاية، خصوصاً أن الطرف الآخر أيضاً كان يطلب تعديلات. وأبلغني المبعوث الأممي أنه الأمين العام (للأمم المتحدة بان كي مون) يرجو أن تتعاون الحكومة في هذا الجانب، وأن تكون المسودة الثالثة نهائية، يعتمدها الأمين العام ولا يعيد عرضها على الأطراف. وكنا من باب التزامنا بالسلام قد وافقنا على ذلك، وأُبلغنا بأن الطرف الآخر وافق أيضاً. لكننا فوجئنا عندما جئنا إلى جنيف، بأن بعض العناصر في الطرف الآخر من وفد الحوثي ووفد المؤتمر، يقولون إنهم لم يطلعوا على الأجندة. وهذا كان محل صدام لهم مع المبعوث الأممي، وليس معنا.
نحن معنيون بما اتفقنا عليه مع المبعوث وليس بما يقول به الطرف الآخر. وقد أبلغنا المبعوث أن ما جرى معنا هو ما جرى معهم أيضاً، وأنهم وافقوا على المسودة النهائية، ومن ثم، فإن كل محاولاتهم حول المسودة والهيكلية التي استمرت حتى اليوم الأخير، من خلال تقديم جدول أعمال آخر، باءت بالفشل لأننا لم نأت إلى هنا إلا بعدما حسمنا هذه القضايا. وبالتالي، فإن المناورات في هذا الجانب كانت سيئة للطرف الآخر، باعتبارها مناورات مع الأمم المتحدة وليست معنا.

 

إذن وبناء على هذه التفاصيل، هل يعني فقط أن وفد الحوثيين وصالح جاءوا بلا أي هدف ولا أي أجندة، هل أرادوا فقط إيقاف الحرب بلا أي مقابل؟

أعتقد أنهم جاءوا إما بوعود غامضة أو بأوهام مفادها بأن وحدة المجتمع الدولي حول تنفيذ القرار 2216 قد بدأت تتفكك، وأنهم ربما يحصلون على وقف إطلاق نار شامل ودائم دون أن يقدموا شيئاً. أعتقد أنهم اكتشفوا بأن هذا وهم، وأن المجتمع الدولي موحد حول تنفيذ ذلك القرار، وحريص على السلام وعلى إيقاف الحرب مثلنا، ويدرك أن الطريق الوحيد لإيقاف الحرب هو تنفيذ القرار 2216.

 

يفترض أن يكون هناك أوراق ضاغطة في حال ذهبتم إلى مفاوضات جديدة في هذه الحالة، فهل لديكم أوراق ضغوط كافية لفرضها على الطرف الآخر، سواء عسكرية أو سياسية؟

لا علاقة لي بالملف العسكري أولاً، ولا إدراك حقيقياً لدي بما يدور فيه. لكن أعرف أن هناك مقاومة صامدة على الأرض. وأعرف أن القيادة السياسية والعسكرية أعدّت كل الخطط لاستعادة جميع المدن وفي مقدّمتها تعز. غير أنني كوزير خارجية، أعوّل على أنّ المجتمع الدولي أصبح يعرف مأساة تعز، ويوجه رسائل واضحة للحوثي. وقد أبلغني فخامة الرئيس بأنّه تلقى اتصالات من عدد من وزراء الخارجية حول أنّ هذه القضية صارت تعني المجتمع الدولي وليس فقط الحكومة الشرعية. ومن ثم عهدنا ووعدنا لأهلنا في تعز بأننا سنبذل كل جهد لفك الحصار عنها بالعمل السياسي وبالضغوط الدولية، وأيضاً هو عهد القيادة السياسية، بأنهم سيبذلون كل جهد لكسر هذه الموجة من الهجوم البربري والهمجي على هذه المدينة.

 

ما هي إذن أوراق الضغط المقبلة؟

أعتقد أنه يجب أن يسبق الذهاب في 14 يناير/كانون الثاني المقبل، فك الحصار عن تعز، لا أقول لن نذهب، لكن لن يكون منطقيا أو مقبولاً أن تستمر الأوضاع على ما هي عليه حتى ذلك الحين، وأن يكون ذهابنا مجدداً فقط لنعبث.

 

هل هذا موقف يعبّر عن قناعة نهائية؟

ليس موقفنا وحدنا، هذا موقف المجتمع الدولي كله. والمجتمع الدولي لديه قناعة تامة حول هذا الأمر. وأيضاً، لديه قناعة أنه من غير المنطقي أن تستمر مليشيا مسلّحة في السيطرة على منافذ الدولة. تصور أن هناك مليشيا تدير مطارا دوليا للعاصمة. هذا إخلال بجميع قوانين الطيران في العالم. وليس الأمر حصاراً فقط، كما يتم تصويره، بقدر ما هو التزام بقوانين الطيران العالمي. المجتمع الدولي يرى أن هذا المطار لا يخضع لسيادة دولة، وبالتالي من غير المنطقي أن تذهب إليه الطائرات أو تأتي منه.

 

هل يعني أنه سيكون هناك شروط مسبقة للذهاب إلى مفاوضات جديدة؟

ليس لدينا شروط. لدينا أجندة هيكلية للمشاورات والمباحثات تم الاتفاق عليها مع الأمم المتحدة. المطلوب فقط من الطرف الآخر أن ينفذها، خصوصاً أننا اتفقنا عليها في هذه الجولة، بما فيها موضوع الإغاثة. وبالتالي، ليس لدينا شروط. نطلب منهم فقط الالتزام بما تم الاتفاق عليه. ونطلب من العالم أن يضغط عليهم للالتزام. نحن لا نشترط، بل نطالب بتنفيذ ما التزموا به لنا وللمجتمع الدولي.

أعتقد أن الوفد الحكومي كان متماسكاً وموحداً، وعلى قدر المسؤولية. وكان فريق دولة بكل معنى الكلمة. وكان لدينا تحضير جيد والتزام واضح تجاه الأمم المتحدة. نحن تبادلنا مع المنظمة الدولية الوثائق والمسودات، ووصلنا إلى المسودة النهائية، وكنا ملتزمين بها. وبالنسبة للطرف الآخر، يبدو أنه لم يطلع على المسودة. بعضهم ادعى ذلك، وجزء آخر أراد الالتفاف عليها. نحن أداؤنا كان جيداً، وكان هناك تفوق في الرغبة تجاه السلام، وأجبرنا الانقلابيين على الاعتراف بالمرجعيات الأساسية المتمثلة في القرار الأممي 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وأنّ ما عليهم أن يتقدموا به يجب أن يكون في هذا الإطار، ولا إطار آخر غيره. كما أعدنا التأكيد على وحدة المجتمع الدولي والتزامه بتنفيذ هذا القرار، وعلى التوافق الذي بدأ بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الذي رعاه المجتمع الدولي.

 

أبلغ الحوثيون أحد أعضاء الوفد أن المعتقلين الحكوميين والسياسيين بصحة جيدة، ولا يزالون على قيد الحياة، وهذا كان أحد مطالبكم منذ وقت مبكر، ماذا يعني هذا الإعلان بعد انتهاء المفاوضات؟

نتمنى أن يكون هذا التسريب صحيحا، لكننا لسنا معنيين بالتسريبات. نحن معنيون بكلام رسمي يقال ويطرح على الطاولة، أو مكتوب، عبر المبعوث الأممي. ونحن تقدمنا برسالة مكتوبة للمبعوث الأممي ولا نزال ننتظر الإجابة منه. واعتماد أسلوب التسريبات يعني أن التسريب قد لا يكون حقيقياً، ويهدف إلى تحقيق أغراض سياسية.

 

تم تشكيل لجنة للتواصل والتهدئة، ما دور هذه اللجنة؟

على سبيل إثبات حسن نياتهم لتخفيف معاناة الشعب اليمني، وتوفير أجواء آمنة لهذه المشاورات، إضافة إلى جو من التفاؤل. نحن أبدينا نوعاً من الاستعداد للهدنة، تمثل برسالة الرئيس عبدربه منصور هادي للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام قابلة للتجديد. وجددنا هذه الهدنة أيضاً. هم لم يلتزموا. ومن الطبيعي حتى لو كان هناك التزام، أن تحدث خروق، ومهمة هذه اللجنة التواصل ورصد الخروق وتهدئة الوضع في حالة حصول خروق، بهدف استمرار حالة الهدنة. وتضم اللجنة خبيرا من الأمم المتحدة من فريق المبعوث الأممي، ليس له علاقة بمجلس الأمن الدولي أو أي جهة، تنحصر مهمته فقط بتبادل المعلومات والاتصالات. نأمل أن تعمل هذه اللجنة وقد حدد لها مقرّ في الأردن، في جو آمن، بحيث يتم الحفاظ على وقف إطلاق النار المؤقت والمشروط. ليس هناك مهمة لها غير هذا الآن. والمهمة الأكبر من هذه، لن تكون إلا بعد الاتفاق الشامل لتنفيذ القرار الأممي.

نحن لم ولن نذهب لاتفاقيات جزئية. نهتم فقط بموضوع بناء الثقة بنقاطه الثلاث، بما فيها وقف إطلاق النار المؤقت والمشروط، والإفراج عن المعتقلين، والإغاثة. وكُلّف المبعوث الأممي بأن يعلن ما اتفقنا عليه. أما الاتفاق الشامل حول هذه القضايا وبقية القضايا الأخرى، فلن يكون إلا باتفاق واحد وموحد. وعندها ستوضع الآليات المناسبة عسكرياً وأمنياً وسياسياً وإنسانياً وما إلى ذلك.

 

هل صحيح أن رئيس هذه اللجنة تواصل مع رئيس الأركان اللواء محمد المقدشي وطلب منه وقف إطلاق النار؟

ليس من حقه ذلك. وليس في اتفاقنا ما يعطيه هذا الحق.

 

إذا انتقلنا للملف الدبلوماسي، ندرك أن هناك ما يمكن وصفه بالفراغ الدبلوماسي في السفارات اليمنية في معظم دول العالم، هل تعتقد أن هذا الفراغ تسبب بحصول إرباكات في موقف كثير من الدول حيال ما يجري في اليمن؟

في كل مكان كان لدينا وضع سلبي، نظراً لوقف أي إصلاحات أو خطوات تشديدية في العمل الدبلوماسي اليمني، وتجديد الخطاب الدبلوماسي مع ما يتناسب والقيادة السياسية وتوجهات الشرعية والحكومة. أثر هذا الأمر على الأداء السياسي لبعثاتنا في الخارج، والتي لا يوجد في معظمها سفراء معينون جدد، ويقوم بهذه المهام قائمون بالأعمال. كما أضرّ ذلك بمصالح المواطنين اليمنيين في هذه البلدان، نظراً لضعف العمل في تلك السفارات. نقوم حالياً بترتيب أوراقنا لتصحيح أوضاع السفارات، وسنصدر القرارات اللازمة في حركة التنقلات وتعيين الدبلوماسيين وتعيين السفراء خلال أقصر وقت ممكن لنعيد للدبلوماسية اليمنية فاعليتها، بما يخدم توجهات الدولة في استعادة الدولة من ناحية، وفي حشد التأييد الدولي لمتطلبات بناء الدولة اليمنية وفقاً لمخرجات الحوار الوطني.

 

ما هي ترتيباتكم لمناقشة وضع إغلاق المنافذ والمطارات أمام اليمنيين؟

نحن نبذل كل جهدنا في هذا الجانب خصوصاً مع الأشقاء في الأردن ومصر، لاسيما أن البلدين الشقيقين قدّما لليمنيين الكثير، إضافة إلى كونهما محطة آمال اليمنيين، ووجهة وصولهم وانتقالهم إلى الخارج. ومما لا شك فيه أنهما سمحا بعملية الدخول طوال عهد العلاقة بدون تأشيرة وبتسهيلات تامة. ولكن نحن ندرك متطلبات أمن وسيادة واستقرار البلدين ونحترم جميع خياراتهم. لكن نطلب منهم أن يستمروا في مساعدة اليمنيين خصوصاً في هذا الظرف الصعب.

ندرك متطلبات الأمن والاستقرار في هذه البلدان لا سيما أن الدولة لا تسيطر على العاصمة اليمنية، صنعاء، بل تسيطر عليها مليشيا، وهذا يخلق حالة من حالات القلق لدى مصر والأردن من خلال جواز السفر الذي يتم إصداره من قبل المليشيا حالياً، والذي يمكن أن يلحق ضرراً بأمن هذين البلدين. ولكن في كل الأحوال، فإن هناك خطوات أفضل ستكون في بعض الأمور، بما يضمن أمن واستقرار هذه الدول، كما يضمن التسهيل على اليمنيين ولا يضيّق عليهم أكثر مما هو عليه الأمر حالياً.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى