بدت صنعاء خضراء في ذكرى المولد النبوي، للعام الثاني على التوالي بعد سيطرة الحوثيين، حيث زينت الجماعة وأنصارها شوارع العاصمة بحبال قماشية عليها مثلثات صغيرة باللونين الأبيض والأخضر، بالإضافة إلى عدد كبير من اللوحات الإعلامية والشعارات المكتوبة باللون الأخضر، وصولاً إلى تلوين بعض السيارات وأبواب المحال التجارية باللون ذاته.
ونشرت الجماعة، وفقاً لشهادات سكان لـ"العربي الجديد"، أعداداً كبيرة من المسلحين في شوارع رئيسية وفرعية وقرب بعض المقار والمؤسسات الهامة، واستحدثت العديد من نقاط التفتيش لتأمين الاحتفالات التي أقامتها في هذه المناسبة، حيث نظمت مهرجاناً رسمياً حاشداً في قاعة "ملعب مدينة الثورة"، شمال العاصمة.
وللمرة الأولى في تاريخ البلاد، أعلنت وزارة الخدمة المدنية التي يسيطر عليها الحوثيون، ذكرى المولد النبوي عطلة رسمية بناءً على قرار أصدرته "اللجنة الثورية العليا" منذ أيام. وأصدر المجلس السياسي لجماعة "أنصار الله"، بياناً بهذه المناسبة هنأ فيه زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، و"الشعب اليمني".
وتأكيداً للمناسبة، كذكرى تنضم إلى أهم الأعياد الدينية في اليمن، وجّه رئيس اللجنة الثورية العليا للحوثيين، محمد علي الحوثي، بالإفراج عن 208 من السجناء المعسرين بمناسبة "ذكرى المولد النبوي الشريف"، وأكدت التوجيهات، حسبما أفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية التي تديرها الجماعة، "أن تتولى الدولة دفع مبلغ 335 مليون ريال، وهو المبلغ المستحق على السجناء المعسرين الذين تم التوجيه بالإفراج عنهم"، وفقاً للمعايير المحددة من قبل "اللجنة العليا لرعاية السجناء ومساعدة المعسرين".
وبدأت الجماعة، منذ أيام، إحياء المناسبة بمهرجانات وفعاليات ثانوية في محافظات عدة، كما نشرت عدداً من اللوحات الإعلانية في الشوارع كُتبت فيها آيات قرآنية وعبارات تجسّد مكانة النبي محمد. وكان من اللافت انتشار رايات خضراء على بعض الأطقم والبنايات الحكومية كتُبت عليها عبارات مثل "لبيك يا رسول الله"، ووضعت بعضها في أماكن مفترضة للعلم الوطني.
تباينات تجاه إحياء المناسبة
وفي الوقت الذي يجمع فيه المسلمون حول مكانة النبي محمد (عليه الصلاة والسلام)، فإنهم يختلفون حول مسألة الاحتفال بذكرى مولده، إذ تحتفي بهذه المناسبة المذاهب الشيعية وبعض السنية، مثل الصوفية، في حين لا تعتبرها أغلب المذاهب السنية مناسبة رسمية، الأمر الذي جعل من إحياء المناسبة في اليمن، أخيراً، مرتبطاً بالاحتفالات والمهرجانات التي ينظمها الحوثيون، ولم يكن الأمر كذلك قبل سيطرتهم، على الأقل، بصورة رسمية.
ويعتبر المنتقدون للحوثيين أن إحياء المناسبة من قبلهم بما يصاحبها من فعاليات ومظاهر احتفال، يتم ليس باعتباره نبياً فحسب، بل كذلك باعتبار أن قادة الجماعة ينتسبون إليه. ووفقاً لتعبير الكاتب اليمني نبيل سبيع، في مقالة له بهذا الصدد، فإن "الحوثيين يريدون تحويل الرسول (صلى الله عليه وسلّم) من "نبي" إلى مجرد "جد".
وعلى الرغم من الجدل حول إحياء المناسبة والانتقادات، يبقى إحياؤها في نظر كثير من اليمنيين ممّن يختلفون أو يؤيدون، حقاً من حقوقهم كأي جماعة يحق لها ممارسة معتقداتها بالطريقة التي تريد، ما دام الأمر لم يُفرض على الآخرين.