تحويلات المغتربين اليمنيين تتآكل
توقع محللون تراجع حجم تحويلات العاملين في الخارج إلى اليمن عام 2015 بمقدار ملياري دولار، في ظل تهاوي أسعار النفط العالمية وتأثيراتها السلبية على دول مجلس التعاون الخليجي التي تمثل 91% من إجمالي التحويلات، كما أكدوا أن الحرب الدائرة في البلاد ستجعل العاملين في الخارج يحجمون عن ضخ أموالهم لليمن.
ويبلغ عدد المغتربين اليمنيين في الخارج نحو 3.9 ملايين مواطن يتركز معظمهم في دول الخليج العربي ويزداد عددهم سنوياً بشكل ملحوظ، وفقاً لوزارة المغتربين اليمنية.
وأكد المحللون، أن تأثر دول الخليج بتراجع أسعار النفط العالمية سيؤدي إلى انخفاض متوقع في تحويلات المغتربين اليمنيين والتي أصبحت تمثل المورد اليمني الرئيس حاليا في خضم الظروف السياسية الحالية، وفي ظل توقف إنتاج وتصدير النفط بسبب الحرب الدائرة في البلاد.
وقدّر الخبير الاقتصادي اليمني، أحمد شماخ، خسارة اليمن من تراجع تحويلات المغتربين اليمنيين في دول الخليج بسبب تهاوي أسعار النفط العالمية بحوالي ملياري دولار، وتوقع أن تتراجع التحويلات من 3.3 مليارات دولار في عام 2014 إلى 1.3 مليار دولار عام 2015.
وحسب إحصائيات المصرف المركزي اليمني، فإن تحويلات المغتربين اليمنيين الرسمية، بلغت 3.298 مليارات دولار عام 2013، بنسبة 9.5 %من الناتج المحلي.
ويعتمد اليمن بشكل كبير على تدفقات التحويلات الآتية من بلدان مجلس التعاون الخليجي حيث تشكّل أكثر من 91% من إجمالي تدفقات التحويلات، حسب الإحصائيات الرسمية.
وأكد رجل الأعمال حمود المتوكل، أن هبوط أسعار النفط سيكون تأثيره على اليمن أكبر بكثير من دول الجوار. وقال المتوكل إن "عواقب تراجع التحويلات في ظل الاضطرابات الأمنية التي تعاني منها المنطقة وتهاوي أسعار النفط ستكون كارثية".
ورغم أن السعودية أكدت على توفيق أوضاع اليمنيين العاملين المخالفين لديها وعدم الاستغناء عن أي عامل، عقب بدء التحالف العربي بقيادة السعودية ضد مليشيات الحوثيين، إلا أن دول الخليج الأخرى بدأت تستغني عن فائض العمالة لديها ومن بينهم يمنيون، للحد من أزماتها الاقتصادية بسبب تهاوي أسعار النفط، حسب تقارير رسمية.
وأوضح الخبير الاقتصادي اليمني ورئيس تحرير صحيفة "الاقتصاد اليوم" عبد الكريم سلام، لـ"العربي الجديد"، أنه نظراً لتوقف الصادرات النفطية بسبب الظروف والأوضاع الأمنية الراهنة والأحداث الحالية، تكاد تكون هذه التحويلات هي المصدر الرئيسي للدخل وتمويل الاقتصاد اليمني وتمويل نشاطات الحكومة اليمنية.
وأكدت دراسة حكومية يمنية، أن التحويلات ساهمت في دعم ميزان المدفوعات، وأدت في بعض السنوات إلى تحويل عجز الميزان إلى فائض، ما ساعد حساب التحويلات الجارية، الذي تجاوز 1.548 مليار دولار سنوياً في المتوسّط بين عامي 2000 و2010 من خلال تحويلات المغتربين، في دعم الحساب الجاري وبالتالي الميزان الكلي للمدفوعات.
وأفادت الدراسة بأن "تلك التحويلات تمثّل مصدراً مهماً لدخل الفقراء وغير الفقراء في الريف والحضر على حد سواء، ويحصل أكثر من ربع الفقراء على تحويلات من خارج البلد، ويتوزّعون على 22 %من فقراء المناطق الحضرية و29 %من فقراء الريف".
واعتبر رئيس المرصد الاقتصادي للدراسات الخاص، يحيى المتوكل، أن تحويلات المغتربين اليمنيين تمثل المصدر الأول للنقد الأجنبي في الاقتصاد اليمني حالياً، وأي تراجع سيفاقم أزمات اليمنيين المعيشية.
وحول تفاقم الأزمة الاقتصادية وتراجع مصادر الدخل الأخرى، أكد الخبير الاقتصادي أيوب الحمادي، لـ"العربي الجديد"، أنه في ظل تراجع أسعار النفط العالمية إلى ما دون 37 دولاراً للبرميل، فإن إنتاج النفط اليمني في حال استئنافه لن يكون مجدياً، وستنخفض حصة الدولة بنسبة كبيرة، وقال الحمادي: في حال استمرار أسعار النفط في الانخفاض، فإن عائداته ستكون أقل من تدفقات تحويلات المغتربين 5 مرات.
وتُظهر بيانات صادرة عن المصرف المركزي، أن الإيرادات النفطية انخفضت بقيمة 1.4 مليار دولار لتصل إلى 4 مليارات دولار في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول 2014، مقابل 5.4 مليارات دولار في عام 2013.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذر، في تقرير سابق، من تأثيرات هبوط أسعار النفط عالميا على الاقتصاد اليمني، وأكد أن "ثمة مخاطر أساسية تتهدد الوضع الاقتصادي لليمن، وهي تفاقم النزاع الحالي، وصعوبة استعادة زخم الإصلاحات الاقتصادية التي بدأت فيها الحكومة قبل اندلاع النزاع المسلح منذ عام تقريباً".
وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد اليمن بنسبة 28.1% في العام الجاري قبل أن يتعافى في العام المقبل لينمو بنسبة 11.6%. وأشار إلى أن تطور الوضع الاقتصادي لليمن في المدى القصير مرتبط بشدة بمدة استمرار الحرب الدائرة في البلاد.
وأوضح الصندوق، أن إنهاء الحرب في أواخر العام المقبل قد يؤدي إلى تعافي الاقتصاد اليمني في غضون عام، لا سيما في ظل وجود دعم كبير من المانحين الدوليين.