[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اهتمامات

اليمن.. أزمات متجذرة وحلول متعثرة

تتطلب الحاجة لتغيير سياسي حقيقي في اليمن درجة عالية من الوعي والمسؤولية الوطنية؛ بما يؤدي لتغيير إيجابي في المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية لليمنيين، بحيث يلامس التغيير وعيهم الذاتي، وأهداف المجتمع اليمني، وطرق التخلص من تناقضاته، وصولا إلى دولة الدستور والقانون والمواطنة المتساوية، في بلد يتسم بالتنوع الثقافي والبيئي والسياسي والاقتصادي، ويعوزه استغلال هذا التنوع؛ للاستفادة منه في إيجاد تنمية حقيقة، تساهم في إيجاد نقلات نوعية، تقود لدولة المؤسسات والحرية والعدالة، ومن ثم إيجاد هوية وطن موحد ومستقر.
يعاني اليمن من تخمة في أزماته وتعقيداته المتجذرة، ذات الأبعاد السياسية المصطنعة، ما كان له الأثر الكبير في الحيلولة دون التطور الطبيعي للخريطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ لأن النخب المركزية السلطوية العصبوية، مستفيدة من هذا الوضع، الذي يفرز تميزاً مزيفاً يكفل لها إقصاء الآخرين، واستمرار بقائها وإحكام سيطرتها على مقاليد الأمور، وإعادة إنتاحها بما يتلاءم ومصالحها الذاتية، ومن ثم فإن آليات التحرر، وديناميكية التحول الفكري والثقافي الآتية من الأطراف يقابلها تصلب وجمود فكري سلطوي، يسيطر عليه، ما يمكن أن نطلق عليه بالنخب أو الصفوة المركزية.
مازالت المعادلة السياسية اليمنية غير موزونة، ولا تنبئ بتغيرات جادة، تصب في مصلحة الشعب اليمني، وبالتالي، فإن صراعات اليمنيين ستظل في دوائر مفرغة، ولن يحدث تغيير ملموس، إلا بتغيير أجهزة الدولة وأدواتها التي تستخدم لإنشاء الصراعات وتذكيتها؛ لأن ما يدور في جهاز الدولة، بشكله الحالي، يعمل على إعاقة تنمية اليمن ووحدته واستقراره.
آثرت النخبة التي حكمت اليمن، وتتطلع لاستمرار حكمه، التمسك بتعاليمها، وتذويب الآخرين داخل منظومتها، مستغلة جهل الناس، وبقائهم في أسفل درجات السلم الاجتماعي لضمان تبعيتهم الأبدية، وقد نجحت، إلى حد كبير، في تضليل الشعب اليمني عبر ممارسة الخداع السياسي، كما جعلت دائرة اللعبة السياسية مغلقة ومحصورة التداول، في مستواها التنظيمي البنائي، وعلى مستوى صناعة القرار وأجهزة الدولة. ولذلك، غاب مبدأ المحاسبة، حتى في حالات القتل والإبادة الجماعية.
جاءت ثورة 11فبراير/شباط 2011؛ لترفع الغبن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي عن الغالبية الساحقة من اليمنيين، حاملة أطروحات فكرية عميقة؛ لحل الأزمات اليمنية المتراكمة، من خلال رؤى وقراءات تحليلية دقيقة لجذورها وحواضنها الثقافية والسياسية والاجتماعية، إلا أن عصابة الحكم، ومع سيطرتها على الأجهزة الأمنية والعسكرية والاقتصادية، ومع تضليلها الإعلامي في مجتمع يشيع فيه الجهل والأمية، ظلت تتمسك بأطروحاتها المناقضة لتحقيق المصلحة العامة للمجتمع والمناهضة لأي جهود تعزز وتوطد فرص التعايش السلمي، وتساهم في ترسيخ الوحدة الوطنية، وتضع اليمن على طريق البناء والاستقرار.

زر الذهاب إلى الأعلى