اليمن يعجز عن سداد فاتورة النفط المستورد
فاقم شح النقد الأجنبي في اليمن من أزمة الوقود التي تخنق مختلف أنحاء البلاد، بينما امتد الصراع الدائر إلى استيراد المشتقات النفطية.
وقال مصدر في المصرف المركزي اليمني، إن اليمن يعجز عن تغطية فاتورة استيراد المشتقات النفطية منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأكد المصدر عدم توفر أية مبالغ بالدولار تكفي لتغطية قيمة فاتورة استيراد المشتقات، في ظل أزمة مالية خانقة.
وأوضح أن احتياطي اليمن من النقد الأجنبي تراجع إلى 1.5 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مقابل 4.2 مليارات دولار في فبراير/شباط، مشيرا إلى أن الاحتياطي لم يعد كافيا لتغطية واردات البلاد من الوقود.
وأضاف أن الاحتياطات تتضمن وديعة بقيمة مليار دولار قدمتها المملكة العربية السعودية لليمن في عام 2012، ومطلوب من اليمن تسديد 250 مليون دولار للسعودية خلال يناير/كانون الثاني الجاري بحسب اتفاقية الوديعة.
وتشهد مدينة عدن (جنوبي اليمن) والعاصمة المؤقتة للبلاد، أزمة حادة في المشتقات النفطية جراء نفاد النفط الخام والمكرر من مصافي عدن.
وأكد مصدر في شركة مصافي عدن ل "العربي الجديد" نفاد مخزون مصفاة عدن من المشتقات النفطية المكررة، موضحا أن هناك باخرة محملة بالمشتقات النفطية تنتظر دخولها منذ مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى ميناء الزيت في عدن لتفريغها، لكن المصرف المركزي في صنعاء يرفض منحها اعتمادا بالدولار.
وأكد مسؤول نفطي يمني، أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، طرح حلولا لمشكلة انعدام الدولار، الذي تسبب في عدم القدرة على تغطية فاتورة الوقود.
وقال مدير شركة النفط في عدن، عبد السلام حميد، إن الرئيس هادي وجه بالسماح للقطاع الخاص باستيراد المشتقات من الخارج بالعملة الصعبة، على أن تقوم شركة مصافي عدن وشركة النفط بشرائها فور وصولها بالعملة المحلية وتوزيعها في السوق المحلية.
وتبلغ فاتورة المشتقات النفطية المستوردة ملياري دولار ويبلغ الاستهلاك المحلي لليمن من النفط قرابة 19.5 مليون برميل في السنة، بحسب تقرير حكومي.
وفاقمت حالة الصراع على مؤسسات الدولة، لاسيما من قبل جماعة الحوثيين المتمردة، من أزمة الوقود في البلاد، حيث سيطر الحوثيون على شركة النفط اليمنية، التي بدأت باستيراد المشتقات النفطية منذ مطلع العام الماضي 2015، بعد أن كان استيراد المشتقات امتيازا حصريا لشركة مصافي عدن.
وتقول الشركة إن المصرف المركزي يرفض تسديد قيمة الشحنات النفطية المستوردة. وبحسب الناطق باسم نقابة شركة النفط محمد الحمزي، فإن محافظ المصرف المركزي سبب رئيس في منع دخول المشتقات النفطيه بسبب امتناعه عن سداد قيمة شحنات المشتقات النفطية بالدولار.
كما قال المدير العام للشركة، علي محمد الطائفي، في مذكرة موجهة إلى رئيس ما أطلقت عليه جماعة الحوثيين "اللجنة الثورية"، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، إن شحنات من الوقود تم استيرادها مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، دخلت ميناء الحديدة على الساحل الغربي لليمن بالبحر الأحمر، لكنها تظل بدون تفريغ.
وأضاف الطائفي أن عدم قيام المصرف المركزي اليمني بتسديد قيمة الشحنات الموجودة في ميناء الحديدة تسبب في زيادة تكاليف تلك الشحنات وسيستمر تصاعد تكاليفها، موضحا أن الشحنات تشمل 256 ألف طن من الديزل و80 ألف طن من البنزين.
وفي ظل الحرب التي تسببت فيها جماعة الحوثي المتمردة، يعيش اليمن أزمة خانقة في الوقود الذي اختفى من منافذ البيع الرسمية ليظهر في السوق السوداء بأسعار مرتفعة إلى مستويات قياسية.
ويبلغ سعر البنزين الرسمي 3 آلاف ريال (الدولار = 214 ريالاً) لكل 20 لتراً، بينما يباع في السوق السوداء بصنعاء 10 آلاف ريال منذ نوفمبر/تشرين الثاني، بعدما وصل سعره خلال الفترة من مايو/أيار إلى أكتوبر/تشرين الأول إلى 20 ألف ريال (حو إلى 95 دولاراً).
ويعاني اليمن وهو منتج للنفط، ضائقة مالية بسبب الحرب وتوقف إنتاج وتصدير النفط، وتوقف الإيرادات الجمركية، وتفاقمت المشكلة مع استنزاف الحوثيين لما تبقى من موارد البلاد وتسخيرها للمجهود الحربي، الأمر الذي أدى إلى انخفاض وتراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد.
وسجل الريال اليمني، منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أدنى مستوى له أمام الدولار، حيث هوى إلى 270 ريالاً، بسبب امتناع البنوك الحكومية عن صرف الدولار واليورو.
وكان المصرف المركزي اليمني قد ألزم جميع المصارف العاملة في البلاد بمنع التعامل بالدولار، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على سعر العملة الوطنية، الريال، خشية انهيارها. وأبلغت المصارف اليمنية والأجنبية العاملة في البلاد عملاءها بعدم وجود دولارات لديها أو لدى المصرف المركزي.
وغادرت نحو 35 شركة نفطية اليمن خلال عام 2014، وفقاً لتصريحات حكومية، وبحسب تقرير صادر عن المصرف المركزي اليمني، فإن عائدات اليمن من قيمة الصادرات تراجعت إلى 1.673 مليار دولار عام 2014، قياساً مع أكثر من 2.662 مليار دولار عام 2013.