السعودية تقطع علاقاتها بإيران وتطرد دبلوماسييها وتتعهّد بمواجهة سياساتها
وصلت العلاقات السعودية الإيرانية إلى أسوأ مراحلها، على خلفية الاعتداءات الإيرانية ضدّ المصالح الدبلوماسية السعودية في إيران، منذ تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ السعودي نمر النمر. وقررت الرياض، مساء الأحد، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وطرد البعثة الدبلوماسية الإيرانية من أراضي المملكة، بالتزامن مع إجلاء بعثتها الدبلوماسية من إيران، بعدما تعرضت المقار الدبلوماسية السعودية لاعتداءات طيلة الساعات الـ48 الماضية، في طهران وفي مشهد، على خلفية تنفيذ الرياض حكم الإعدام بحق الشيخ نمر النمر.
قرار أعلنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية في الرياض مساء الأحد. وأوضح الجبير أن المملكة قررت إجلاء أعضاء البعثة الدبلوماسية السعودية من إيران، وأعطى أفراد البعثة الإيرانية مهلة 48 ساعة لمغادرة الأراضي السعودية.
ولفت إلى أن البعثة الدبلوماسية السعودية في إيران بدأت بمغادرة طهران، وأن النظام الإيراني عطل مغادرة أسر الدبلوماسيين لأكثر من ثلاث ساعات قبل أن تسافر على متن رحلة طيران الإمارات عند الساعة العاشرة بتوقيت الرياض.
الرد الإيراني لم يتأخر، وجاء على لسان مساعد وزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، الذي قال إن إعلان السعودية قطع علاقاتها مع إيران "لا يغطي على خطئها بإعدام النمر"، وزعم أن إيران "من أكثر دول المنطقة أمناً لناحية البعثات الدبلوماسية التي تستطيع أن تكمل عملها من دون التعرض لها أو تهديد أمنها". كما ندد عبد اللهيان بالسياسات السعودية في المنطقة، معتبراً أن الرياض "ارتكبت أخطاء استراتيجية جسيمة، بسبب سياساتها غير المدروسة تزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة ما أدى لتقدم التطرف والإرهاب فيها"، بحسب تعبيره.
بدوره، اتهم وزير الخارجية السعودية النظام الإيراني بالتواطؤ مع عمليات اقتحام المقرات الدبلوماسية في إيران، مؤكداً أنه "عندما يكون هناك تحريض بصوت عالٍ، ويأتي متظاهرون أمام السفارة ونطلب من الحكومة الإيرانية دعم الأمن أمام السفارة أكثر من مرة ويرفضون، فهذا مؤشر على أن الأمور واضحة". وتابع الجبير قائلاً "عندما تم اقتحام السفارة، دخلت قوات الأمن في مبنى السفارة، ومنعوا الدبلوماسيين السعوديين من دخول السفارة، ثم لاحظنا أن المتظاهرين تم استبدالهم"، موضحاً: "شاهدنا الذين دخلوا السفارة خرجوا بالأجهزة والوثائق وهذا لا يجوز إذا لم تكن الحكومة الإيرانية متورطة في ما حدث، فهي مقصرة بشكل ملحوظ في حماية البعثة السعودية".
وشدد الجبير على أن النظام الإيراني "يحمل سجلاً طويلاً في انتهاك البعثات الدبلوماسية وعلى سبيل المثال احتلاله السفارة الأميركية في 1979 والاعتداء على السفارة البريطانية في عام 2011، ويوم البارحة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، هذه الاعتداءات تشكل اعتداء صارخاً لكل المواثيق والمعاهدات الدولية".
وأضاف: "هذه الاعتداءات جاءت بعد تصريحات نظام إيران العدوانية التي شكلت تحريضاً سافراً على الاعتداء على بعثات السعودية، وتعتبر استمراراً لسياسة النظام الإيراني في المنطقة الذي يهدف لزعزعة الأمن والاستقرار وإشاعة الفتن في المنطقة، وهذا يؤكد توفير نظام إيران ملاذاً آمناً لزعامات القاعدة منذ 2001، كما وفر الحماية لعدد من المتورطين في تفجير الخبر في عام 1996، وأيضاً قيامه بتهريب الأسلحة والمتفجرات وزرع الخلايا الإرهابية في المنطقة بما فيها السعودية، والتاريخ الإيراني مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في العالم العربي، ودائماً ما يصاحبه الخراب والدمار وقتل الأرواح البريئة".
وقال الجبير إن بلاده تحتفظ بحقها في ملاحقة النظام الإيراني على كل الأصعدة، وأضاف: "السعودية تنظر في كل الخيارات، سواء على مستوى الجامعة العربية أو منظمة العالم الإسلامي أو الأمم المتحدة، وسنعمل على حماية حقوقنا، الهدف هو حماية مصالح السعودية، والشعب السعودي، وأراضي السعودية، وتقديم الدعم للدول الحليفة للسعودية كي لا يصيبها الضرر من تصرفات إيران العدوانية".
كما نفى وجود تنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي لاتخاذ قرار مماثل، مشيراً إلى أنه: "لم يكن هناك تنسيق مع دول مجلس التعاون بهذا الخصوص، أمانة المجلس أدانت انتهاك إيران لحرمة السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد، ودول الخليج أيدت موقف السعودية"، وتابع: "القرار يعود لكل دولة ومصالحها، نحن اتخذنا القرار لأنه يخدم مصالحنا، ونحن نرفض التعامل مع دولة تدعم الإرهاب وتنشر الطائفية في المنطقة".
وتابع وزير الخارجية السعودية إن بلاده حريصة على أمن الدول العربية، وعلى التصدي للتحركات الإيرانية في المنطقة، والتي لا تخدم الأمن والاستقرار، وتابع: "هناك إنجازات تم تحقيقها للتصدي لمحاولة إيران السيطرة على المنطقة، كما حدث في اليمن، وفي سورية لن يستطيعوا إنقاذ نظام بشار الأسد، لهذا جاء التدخل الروسي، أما في العراق فكل طوائف الشعب هي ضد التدخل الإيراني في بلادهم، نشاهد تراجعاً إيرانياً في أسيا وأفريقيا، ولهذا لا أتفق مع من يقول إن الدول العربية والإسلامية فريسة لإيران".
وكشف الجبير أن بلاده أوضحت لوزارة الخارجية الأميركية أن لديها نظاماً قضائياً مستقلاً وعادلاً، وتابع: "نحن لا نقبل التشكيك في استقلالية القضاء، ما حدث هو إدانة أشخاص أدينوا بعمليات إرهابية أدت لقتل أبرياء، وتمت إدانتهم في المحاكم بشكل عادل، ومن ثم مرت القضايا بجميع المراحل القانونية، ثم تم تنفيذ هذه الأحكام".
كما لفت الجبير إلى أنه جرت مخاطبة الحكومة العراقية بعد سلسلة من التهديدات من شخصيات عراقية دينية ضد المصالح السعودية في العراق، وأضاف: "نحن ننظر للتهديدات بجدية، وتم التواصل مع الحكومة العراقية حيالها، وأكدت الحكومة العراقية التزامها بالقوانين والمعاهدات الدولية التي تطلب حماية المنشآت الدبلوماسية، والدبلوماسيين المعتمدين لديها، وأكدت أنها ستبذل كل جهدها لحمايتهم".