حديث محمد بن سلمان.. وهل يجنح الحوثيون إلى السلام؟
في أول ظهور إعلامي في وسيلة غربية، تطرق ولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان مع مجلة الإيكونوميست البريطانية إلى عدد من القضايا المثيرة للجدل على الصعيدين الداخلي والإقليمي وما يعنيني في هذا المقام هو ما أثاره بشأن الحرب الدائرة في اليمن.
الأمير محمد بن سلمان طرح وجهة نظر المملكة بدون غموض وقال بالحرف الواحد (إن كل جهودنا هي الدفع في اتجاه حل سلمي)، وأضاف (يجب أن يدركوا - الحوثيون - أن كل يوم يمر دون اقترابهم من الحل السلمي فإنهم يخسرون على الأرض).
معضلة الحوثيين الحقيقية هي تغييبهم للعوامل الموضوعية ومعايير تصرفات وردود فعل القوى الإقليمية والدولية على تصرفاتهم، وهي التي تفرض أحكامها على الأرض، ومن الواضح أن انعزالهم الطويل عن محيطهم الوطني بداية والإقليمي أبعدهم عن كيفية إدارة الاختلاف مع الآخرين في الداخل والخارج، وصاروا لا يتفهمون أن التغني بشعارات السيادة الوطنية مرتبط أيضا باحترام الجيران وعدم استفزازهم وكذلك احترام حقوق المواطنين في الداخل وحماية حرياتهم.
بالغ الحوثيون في استخدام الشعارات البالية فاستعاروا ما يشبه شعارات الستينات التي لم تصمت إلا بعد احتلال سيناء والجولان والضفة، وأوهام صدام في الوصول إلى القدس عبر الكويت. ودفعوا بالبلاد في حرب مدمرة لن تفيق منها اليمن إلا بعد عقود طويلة.
في حديث الأمير محمد بن سلمان إشارة إلى رغبة حقيقية عبر عنها دون مواربة وهي أن المملكة باعتبارها الأكثر تأثرا بما يدور في اليمن تنزع نحو السلام ولكن الأمر يتطلب شريكا يمنيا يعترف بحقوق الجيرة وعدم العبث بمتطلباتها ولو تفهم الحوثيون الرسالة وأدركوا مغازيها الظاهرة والباطنة لكان حريا بهم إعلان استعدادهم المساهمة في إيقاف النزيف والجنوح لدعوة السلام، وعليهم إدراك أن أي ثمن يدفعونه سياسي مقابل ذلك ليس تنازلا بل عمل يحفظون به دماء وأعراض اليمنيين وإخوانهم الخليجيين.
كم أتمنى أن يرتفع الحوثيون إلى مستوى المسؤولية الوطنية وأن يفهموا أن اللا مبالاة بالدمار وسيل الدماء لن يجعل منهم أبطالا، بل سيضيف إلى رصيدهم السلبي عند الغالبية العظمى من المواطنين الذين أقحموهم في أتون جحيم لن يتوقف إلا عندما يدركون أن اليمن أغلى من شعاراتهم البلهاء.
إن حروب الأشقاء لا يمكن لها تحقيق انتصار لطرف على آخر بل خسارة تدمي قلوب الجميع وتبقى جراحا لا تندمل بسهولة وعلى الجميع استعادة قراءة تاريخنا ليدرك فداحة الأمر وهول نتائجه.