أنواع متطورة من القنابل النووية بقدارت تدميرية مخيفة
الذي يظن أن القنابل النووية تنقسم إلى نوعين: القنبلة الانشطارية والقنبلة الهيدروجينية. فيبدو أنه لم يزل يعيش في عصر الستينات، ويبدو أن معارفه “النووية” متأخرة 50 عام فمراكز القوى الكبرى المصنعة عملت لازالت تعمل دون كلل على صنع الدمار والموت للبشرية وتطويرة في ظل التناحر العالمي من أجل السيطرة على عقول البشرية وثرواتها وصبها لمصلحة شعوب دون أخرى وأناس دون أناس.
فلقد توالت الأبحاث التي أفرزت أشكال جديدة ومتعددة من القنابل النووية والتي لا يعرفها كثير من الناس.
القنبلة النووية المعززة
هي أحد أنواع القنابل النووية، ويظهر من اسمها أنه تم تحسين القنبلة النووية المعتادة بطريقة تمنحها قدرات تفجيرية أكبر من المعتاد.
من المعروف أن القنبلة الهيدروجينية تعتمد على عملية الاندماج النووي، أي اندماج نواتي عنصر معين للحصول على نواة أكبر، إذ يتم دمج نواتي ذرتي هيدروجين للحصول على نواة ذرة هيليوم، إذ اكتشف العلماء أن الطاقة الناتجة عن دمج نواتين تزيد بمئات المرات عن الطاقة الناتجة من شطر نواة عنصر ما مثل البلوتونيوم أو اليورانيوم، لكن المشكلة في دمج نواتي ذرتين، هي أنها تحتاج في البداية لطاقة هائلة لا يمكن الحصول عليها، إلا عبر الطاقة الناتجة عن انشطار نووي، لذلك فإن القنبلة الهيدروجينية قنبلتان متحدتان يتم فيها تفجير انشطاري أولاً، تستغل طاقته في بدء التفاعل الاندماجي لينتج تفجيرا أقوى بمئات المرات. التفجيرات الاندماجية هي تلك التي تحدث في الشمس.
ما علاقة ما سبق إذًا بالقنبلة النووية المعززة؟ في هذه القنبلة يتم استخدام كمية ضئيلة من الوقود الاندماجي من أجل زيادة معدل وقوة التفاعل الانشطاري. أي أنها عملية معاكسة تقريباً لما يحدث في القنبلة الاندماجية، في التفاعل الانشطاري يتم قذف نواة عنصر مشع بنيوترون، فتنقسم النواة إلى نواتين، ويخرج نيوترونان جديدان يشطران نواتين جديدتين ليصبح عندنا 4 نيوترونات، وهكذا تستمر العملية في متوالية هندسية.
في القنبلة المعززة يتم استغلال التفاعل الاندماجي الحادث، والذي ينتج عنه أيضاً نيوترونات في زيادة عدد النيوترونات المهاجمة لأنوية ذرات التفاعل الانشطاري مما يسرع عملية التفاعل نحو نهايتها، وينتج عنها كميات أكبر من الطاقة، وذلك خلال الوقت القصير جداً، قبل أن ينفجر قلب القنبلة نفسه في النهاية محدثاً الانفجار النووي.
لاحظ أن التفاعل الاندماجي في ذاته لا يضيف الكثير لقوة هذه القنبلة فهو تفاعل صغير ومحدود جدًا لا يمثل أكثر من 1% من إجمالي القنبلة، دعونا نفرض فرضية توضح لنا كيف يؤثر هذا التفاعل الاندماجي البسيط على تعزيز التفاعل الانشطاري المجاور والخروج بطاقة كبيرة جداً، بفرض أن القنبلة النووية تأخذ 10 ثواني منذ بدء التفاعل الانشطاري، حتى حدوث الانفجار، وبفرض أن كل تفاعل انشطاري يأخذ ثانية واحدة منذ أن يضرب النيوترون نواة اليورانيوم حتى يخرج 2 نيوترون كناتج للتفاعل، من هنا فإن إجمالي عدد النيوترونات التي سنصل لها قبل حدوث التفجير مباشرة يتمثل في هذه المتوالية الهندسية:
1 – 2 – 4 – 8 – 16 – 32 – ……………. – 512 نيوترون
لكن في حالة وجود تفاعل اندماجي يخرج لنا نيوترون واحد في البداية، فتكون بداية التفاعل الانشطاري بادئة بنيوترونين بدلاً من واحد، وبالتالي فبعد مرور 10 ثواني سنصل إلى:
2 – 4 – 8 – 16 – …… – 1024 نيوترون
نحن نتحدث هنا عن تضاعف القوة التدميرية إذا ما كان هناك تفاعل اندماجي وحيد، فما بالك بملايين التفاعلات الاندماجية التي تنتج ملايين النيوترونات، فكيف ستكون قيمة المتوالية الهندسية في هذه الحالة؟
فكرة القنبلة النووية المعززة ظهرت بين عامي 1947 – 1949 ، وتمثلت الفائدة الرئيسة وراء الفكرة في عملية تصغير حجم السلاح النووي، بالإضافة إلى التقليل من الحد الأدنى للوقت اللازم للوصول للكتلة الحرجة للانفجار عبر ضخ كمية نيوترونات كبيرة بشكل مفاجىء. هذا الأمر من شأنه التقليل من الحاجة لمعززات الألومنيوم وبعض المتفجرات المضافة للقنبلة النووية التقليدية، والتي يبلغ قطرها مترا ونصف المتر.
القنبلة النووية التقليدية المعروفة باسم “الولد الصغير” والتي تم إلقاؤها على هيروشيما تقوم باستهلاك 1,38% من الوقود النووي داخلها قبل حدوث الانفجار، والقنبلة المعروفة باسم “الولد البدين” والتي تم إلقاؤها على نجازاكي تقوم باستهلاك 13% من الوقود النووي قبل انفجارها. بالنسبة للقنبلة النووية المعززة فإن استهلاك الوقود النووي تصل إلى 20% قبل حدوث الانفجار.
القنبلة النيوترونية
هي إحدى أنواع القنابل النووية، لكنها تتميز بقلة قوتها الانفجارية والحرارية مقارنًة بالقنابل النووية التقليدية، تشبه القنبلة النووية الهيدروجينية في نفس آلية العمل، لكن الاختلاف يكمن في أن القنبلة النيوترونية يتم السماح فيها بشكل متعمد للنيوترونات الناتجة عن التفاعل الاندماجي بالهروب من القنبلة؛ حتى لا يتم امتصاص قدر كبير منها وزيادة التفاعل الاندماجي.
هذه القنبلة هي يتم استخدامها كسلاح نووي تكتيكي يستخدم ضد القوات المسلحة، وعناصر الجيش ولا يتم استخدامها لإبادة مدن كاملة وما شابه. هذه القنبلة تم اختراعها بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية؛ بغرض إيقاف أي هجوم شامل للقوات السوفيتية على الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة، دون أن يتم تدمير البنية التحتية لهذه الدول.
جسم القنبلة النووية التقليدية يتم صناعته من طبقة سميكة من اليورانيوم والرصاص أو الصلب، لكن في القنبلة النيوترونية فإن هيكلها يتم صناعته من أكثر مادة نحافة ممكنة بحيث تسمح بهروب النيوترونات، لكن مع هذا ورغم قلة القوة التفجيرية لهذه القنبلة مقارنًة بالقنبلة التقليدية، إلا أنها تتميز بقوتها الإشعاعية الكبيرة خصوصًا مع كمية النيوترونات الكبيرة التي تخرج منها، والتي لها تأثير قاتل على الكائنات الحية.
هذه القنبلة تشع منها كمية نيوترونات أكثر بـ10 مرات من النيوترونات الناتجة من القنبلة المعتادة. القنبلة الانشطارية المعتادة تبلغ نسبة الإشعاع الخارجة منها (أشعة غاما + النيوترونات) حوالي 5% من إجمالي الطاقة المنطلقة من القنبلة، لكن القنبلة النيوترونية تبلغ فيها نسبة الإشعاع 40% من إجمالي الطاقة المنطلقة.
فكرة القنبلة النيوترونية ظهرت لأول مرة على أيدي أحد العلماء الأمريكيين عام 1958، وقد تم تفجير أول نموذج لهذه القنبلة عام 1962 وتم تصميم أول سلاح نووي لهذه القنبلة جاهزا للاستخدام في عام 1963.
مقياس القوة التفجيرية التقليدي كيلو طن (المستخدم لقياس القوة التفجيرية للقنابل النووية التقليدية لا يعطي صورة صحيحة عن قوة القنبلة النيوترونية؛ لأن هذا المقياس يعبر عن قوة الانفجار ذاته مقارنًة بآلاف الأطنان من مادة (T.N.T)، لأن هذا المقياس لا يقيس كمية الإشعاع المنبعثة من القنبلة، وكمية الإشعاع الكبيرة هي نقطة القوة الرئيسة لهذه القنبلة).
المشكلة الرئيسة لهذه القنابل تكمن في عملية التخزين طويلة الأجل الخاصة بها، فالقنبلة النيوترونية يستخدم فيها مادة التريتيوم المشعة، والتي تملك فترة عمر نصف تقدر بـ12,32 عام فقط، (فترة عمر النصف هي الوقت الذي يقل فيه حجم المادة المشعة إلى نصف وزنها الأصلي نتيجة تحول الكتلة إلى إشعاعات) بالتالي فإن القنابل النيوترونية لابد من استبدال مادة التريتيوم فيها بشكل دوري حتى تظل محافظة على كفاءتها.
أهم استخدامات هذه القنبلة تتمثل في استخدامها كسلاح استراتيجي مضاد للصواريخ الباليستية أو الأسلحة المعدة للاستخدام ضد القوات المدرعة. أحد أهم مميزات هذه القنبلة هي استخدامها كسلاح فعال مضاد للدبابات، فالدبابات والعربات المدرعة توفر درجة عالية من الحماية ضد الانفجارات والحرارة المرتفعة، هذا الأمر يعني أن بعض الأفراد داخل الدبابات يمكنهم البقاء على قيد الحياة، حتى بعد التعرض لتفجير نووي تقليدي من مسافة قريبة نسبيًا، كما أن هناك بعض الدبابات ذات الدروع السميكة جداً المخصصة ضد الأسلحة النووية، لكن ونتيجة نسب الإشعاع العالية جداً في القنبلة النيوترونية، فإن هذه القنبلة قادرة على قتل أكبر عدد ممكن من الأفراد داخل الدبابات والمدرعات التي لا تتأثر بحرارة الانفجار.
أحد أهم مشاكل هذه القنبلة تكمن في ضرورة تعريض جنود العدو لكمية عالية من الإشعاع لضمان قتلهم في اللحظة ذاتها. فنسب الإشعاع أقل من 10 زيفرت سيتسبب في قتل نصف الجنود خلال بضع أسابيع، لكن لن يكون له تأثير ملحوظ خلال ساعات. كل شخص سيتعرض لجرعة من الإشعاع بين 10 – 50 زيفرت ستكون نهايته المحتمة هي الموت، لكن الشخص سيواجه في البداية نوبة قصيرة من القيء، والغثيان يعقبها فترة من الانتعاش المؤقت لساعات، مما يمكن لجنود العدو من إحراز تقدم على الأرض أو الانسحاب بشكل تكتيكي، الجرعات الإشعاعية فوق 50 زيفرت هي التي ستؤدي للموت في غضون 48 ساعة، بينما الجرعات التي تصل إلى 800 زيفرت ستكون هي الجرعات المميتة في التو واللحظة.
القنبلة الإشعاعية
السلاح الإشعاعي هنا يقصد به أي سلاح يقوم بانتاج كميات كبيرة من الإشعاعات بغرض قتل الإنسان، لكنه لا يحدث انفجارًا، وطبقاً لتعريف وزارة الدفاع الأمريكية، فإن السلاح الإشعاعي هو أي سلاح – عدا السلاح النووي الانفجاري – والذي يتم تصميمه خصيصًا لوضع مادة مشعة بداخله بغرض التدمير أو الاتلاف أو الإصابة عبر الأشعة الخارجة منه.
هناك عدة أنواع للقنبلة الإشعاعية:
1– القنبلة القذرة
وهي عبارة عن قنبلة عادية، ليست نووية، يتم إرفاق بعض المواد المشعة بجانب المادة المتفجرة نفسها، هذه القنبلة ليست قنبلة نووية بالمعنى المتعارف عليه؛ لأنها لا تنتج انفجارا هائلا كما تفعل القنابل النووية، في هذه القنبلة يتم استخدام متفجرات عادية؛ من أجل نشر المواد المشعة على في مساحة واسعة نسبيًا، هذه المواد المشعة تكون غالباً بواقي المواد المشعة في المفاعلات النووية أو بواقي المواد المشعة المستخدمة طبياً.
2– القنبلة المملحة
هذه هي القنبلة الأهم والتي تعد أحد أسلحة الدمار الشامل، وأحد أنواع القنابل النووية بالفعل، والتي يطلق عليها اسم “قنبلة يوم القيامة”، هذه القنبلة تهدف إلى إنتاج كميات كبيرة من الغبار النووي، مما يتسبب في جعل مساحة واسعة من الأراضي غير صالحة للحياة.
اسم القنبلة مشتق من مصطلح “تمليح الأرض الزراعية مما يجعلها غير مناسبة للزراعة”، هذه القنبلة تجعل هذه الأراضي غير صالحة للسكن لأجيال عديدة. فكرة القنبلة جاءت عام 1950 على يد العالم الهنغاري الأمريكي ليو زيلارد. هذا العالم لم يكن ينوي من اكتشافه هذا أن يتم تحويل الفكرة إلى سلاح نووي مدمر، لكنه كان يريد أن يظهر للعالم كيف أن تكنولوجيا السلاح النووي ستصل إلى مرحلة تتسبب في إنهاء الحياة على كوكب الأرض.
لا توجد أي قنبلة مملحة تم استخدامها بالفعل، وحتى هذه اللحظة فإن الشائع حول العالم هو أنه لا توجد أي قنبلة مملحة تم بناؤها. والتصميم العام للقنبلة المملحة يمكن أن يكون انشطاريا أو اندماجيا؛ حيث تتم إحاطة قلب القنبلة بمادة تحتوي على عنصر يمكن تحويله إلى نظير عالي الإشعاع، بعد أن يتم قصفه بالنيوترونات الخارجة من التفاعل الأساسي. وعندما تنفجر القنبلة فإن هذا العنصر يمتص النيوترونات الصادرة من التفاعل النووي، ويتحول إلى النظير المشع الذي يتناثر على مساحة واسعة من الأراضي مما يجعلها مناطق غير صالحة للسكن بشكل أكبر بكثير من المناطق التي تتعرض لتفجير نووي تقليدي.
في القنبلة الهيدروجينية المملحة يتم استبدال الغلاف المحيط بالسائل الاندماجي المكون في الأساس من مواد انشطارية بعناصر مملحة كما ذكرنا. وفي القنبلة الانشطارية المملحة يتم استبدال المادة المخصصة لعكس النيوترونات وعدم خروجها خارج القنبلة بعنصر مملح. ويذكر أن أبرز العناصر المملحة هي بعض الفلزات مثل الكوبالت والذهب والتانتالوم والزنك والصوديوم.
وتتميز المادة المملحة بأنها مادة تتميز مشعة لإشعاعات غاما بصورة مكثفة، كما تتميز بأن لها فترة عمر نصف طويلة نسبياً حتى تبقى في الأرض لأطول فترة ممكنة. أيضاً من الضروري لهذه المادة أن تكون لها القدرة الكيميائية أن تتحول لغبار في الجو، ثم تهبط على الأرض، أي أن لها القدرة على التبخر؛ نتيجة قوة الانفجار الحادث ثم تتحول لمادة صلبة من جديد وتترسب على الأرض.