سوريا لروسيا وليبيا لأميركا!
بعد إعلان القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا عن تدخلها العسكري في ليبيا بدت الأمور تتكشف عمّا انطوت عليه لقاءات كيري و لافروف : سوريا لروسيا وليبيا لأميركا !
ترسيمٌ جديد لإعادة تقاسم مناطق النفوذ والسيطرة والثروة ، والجديد هنا هو انحسار أميركا من مربعات عرب آسيا بإتجاه مربعات أخرى عربية في أفريقيا !
صحيح أن أمريكا كانت تمتلك قاعدة عسكرية في ليبيا قبل ثورة الفاتح لكن ليبيا محسوبة للطليان ، و ذلك ما جعل وزير خارجيتهم باولو جينتيلوني يحذر مما أسماه التسرّع في التدخل العسكري بدعوى مواجهة الخطر الإرهابي, في الواقع ينظر الأمريكان إلى ليبيا بقلق بالغ لكنهم لا يستطيعون إبداء حقيقة ذلك القلق الذي مردّه إلى رُهاب الطاقة البديلة التي كانت مئات الشركات العالمية قد أجرت دراسات جدوى متعلقة بها وكانت خلاصاتها أن المكان الانسب على سطح الكوكب لحصاد تلك الطاقة هو شمال إفريقية ليبيا تحديداً غير أن اللجان الفنية أخطأها الصواب يومها حين خرجت عن اختصاصها الفني وتدخلت في الشأن الستراتيجي واستشراف المستقبل فقررت أن إمكان تحقيق ذلك كمشروع مرهونٌ برحيل العقيد بينما أن العكس كان هو الصحيح يومئذٍ فمثلما أنّ ليبيا هي البقعة الوحيدة على سطح الكوكب التي بالإمكان استثمارها لإنتاج الطاقة البديلة فإنّ معمر هو الوحيد كذلك على سطح نفس الكوكب الذي كان يمتلك الجرأة والمغامرة لتدشين مشروع عالمي وتاريخي تستغني بموجبه أوروبة عن غاز روسيا ونفط العرب و يفقد الأمريكان أنفسهم أهم عناصر الصراع العالمي الذي تتحكم فيه أميركا عن طريق التحكم في النفط ومنابعه وتسويقه وتحديد كميات الإنتاج !
عموماً تحرص الولايات المتحدة على الإمساك بالملف الليبي على حساب الفرنسيين الذين قادهم التشوق للعودة إلى مجالهم الكولونيالي القديم في الشرق الأدنى ليبيا بدلاً عن الجزائر قادهم ذلك إلى تزعم تحالف تلفيقي أدى إلى تصفية النظام الليبي جسديّاً . وفي فترة زمنية تُعَدّ في عمر الدول قياسية وخاطفة.
الأمريكان متضررون إذن من استقرار ليبيا بالذات إلّم يتدخلوا في صياغة أدوات الإستقرار وبالتالي صياغة القرار من خلال صياغة صناع القرار برمتهم.
الروس كذلك متضررون من استقرار ليبيا ومتخوفون من دخول فرنسا لتدشين مشروع سيكون مشروع القرن والذي سيجعل غاز روسيا غير مرغوب ولا مطلوب في شتاء أوروبة فضلاً عن صيفها !
بالتالي فمن البديهي أن اللقاءات المتكررة بين خارجيتي موسكو وواشنطن وكذلك لقاء أوباما و بوتين قد حددت تلك اللقاءات ملامح التقاسم الجديد للمصالح والنفوذ والسيطرة ، ومن البديهي أن يشترط الروس ضمان عدم تنفيذ المشروع مستقبلا ، و في كل الأحوال فما زال هناك هامش مريح للتدخلات يجود بذرائعها ذلك الجواد المِعطاء المُسمّى الإرهاب ذلك الوليد المفيد الذي ولّّده الأمريكان وسمّوه ثم احتضنه الروس وسمّنوه .. !