مع قيادات يمنية في الرياض
أبحث عن أخبار اليمن أينما ذهبت. لا تكفيني متابعة التلفاز والمذياع، وما تكتبه الصحافة. في الرياض، توجد الحكومة اليمنية برئاسة خالد بحاح الذي يشغل أيضاً موقع نائب رئيس الجمهورية، ويوجد بعض الوزراء. ولا ينفض اجتماع للحكومة إلا ويعقبه اجتماع آخر. يناقشون الحال في البلاد، ويخرجون بقراراتٍ، سرعان ما تجد طريقها إلى الأدراج المكتبية، يكتب عليها للحفظ.
الرئاسة اليمنية في عدن تعزل من تشاء من قادتها، وتنصّب من تشاء، وكأنها في غير الحال، وحال اليمن اليوم حرب وحصار وإرهاب وجوع ومرض ودولة بلا ميزانية.
(2)
دارت بيني وبين قيادات يمنية في الرياض حوارات. شعرت بأنهم يتحدثون في كل شيء، لكنهم لا ينطقون، وتذكّرت العبارة السودانية "والله، يا زول، فلان قاعد يتكلم ساكت". يتكلمون، لكنهم يريدون من المستمع أن يفهم ما يقولون، من دون الإفصاح عما يريدون قوله. سألت أحدهم: كيف تعمل الحكومة في الرياض والرئاسة في عدن؟ هل هناك انسجام بين رئاسة الجمهورية والوزارة؟ قال أحدهم، بعد تردد، إن الانسجام في أدنى درجاته، والرئيس يقرّر ما يشاء، ويعيّن من يشاء، ويعفي من يشاء، وكأن اليمن في حالة طبيعية. يقول آخر إن هذا ليس صحيحاً، والرئاسة على تواصل مع رئاسة الحكومة، ولا يجري الرئيس أي تعديل في الوزارة إلا بموافقة رئيس الحكومة نائبه. وفي تقدير كاتب هذه السطور، هذا غير صحيح، ومصدر معرفتي شخصيات يمنية، لا علاقة لها بالحكومة، وإنما على مقربة من كل الأطراف.
(3)
أعرف، حق المعرفة، أن بين المنظمات السياسية وحركات التحرر العاملة في الداخل، أو خارج القطر الواحد في أي مكان، تحدث بين الفاعلين فيها خلافات في الاجتهاد، بهدف الوصول إلى الهدف المنشود، ولكنْ لا يخوّن بعضهم بعضاً. في الحالة اليمنية، هناك حرب تشويه سمعة، ووشايات ضد بعض القيادات، بغرض النيْل منها، وإخراجها من دائرة الضوء السياسي، داخلياً وخارجياً، وقد كتبت في هذا الشأن في "العربي الجديد" (9/11/ 2015) تحت عنوان "الحكمة والنميمة السياسية يمانيتان".
على الرغم من محاولة تشويه قيادات عسكرية يمانية مرموقة، ومحاولة عزلها عن محيطها اليماني بكل الطرق، إلا أنها صبرت على كره، إلى أن أيقن القوم أنه لا مجال لتجاهلها، فدعيت إلى الميدان، ولبت النداء، وعملت وأنجزت في ميدان القتال، وحققت انتصاراتٍ لا ينكرها إلا حاقد.
في هذا الإطار، على دول التحالف العربي في اليمن، وخصوصاً السعودية والإمارات وقطر، الدعوة إلى لقاء مشترك بين القيادات العليا فيها والقيادة اليمنية الرئاسية والوزارية، لوضع النقاط على الحروف، فالموقف لا يحتمل وشاياتٍ ولا قراراتٍ منفردة ولا تأخيراً. أصبح اليمن اليوم من دول مجلس التعاون، وعلى هذه الدول مجتمعة أن تعمل متحدة متضامنة، بقيادةٍ صادقةٍ موحدةٍ على الإسراع في تحقيق الهدف المطلوب، وهو عودة الشرعية لتفرض سلطتها على ربوع اليمن.
(4)
يكسر التحالف العربي في اليمن الحصار الذي يقترفه حلف علي عبدالله صالح والحوثي، منذ فترة، على مدينة تعز التي حرمها من الماء والدواء والغذاء والكساء، ويمطرها ليلاً ونهاراً بالمدفعية الثقيلة وصواريخ الكاتيوشا، وتأبى المدينة الباسلة أن تستسلم للغزاة الحوثيين، ولأنصار صالح، على الرغم من قسوة الحياه تحت الحصار.
أسقطت قوات التحالف جواً أكثر من 40 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية على أهل تعز المحاصرين، ونتمنى على قوات التحالف أن تمد المقاومة الوطنية الشعبية والجيش في تعز بأسلحة حديثة ومدد عسكري، لكي يتغلبوا على الحصار، وليلحقوا الهزيمة بذلك التحالف الثنائي. وجدير بالذكر أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عيّن قائداً للعمليات في محافظة تعز، وهنا تسقط كل الذرائع التي كانت قائمة، وكانت تحد من الاندفاع لتحرير تعز، وتوحيد جبهتها تحت قيادة عسكرية، يسهل على قوى التحالف التعامل معها.
آخر القول: نريد وحدة وانسجاماً بين أركان الدولة اليمنية، بقيادة الرئيس هادي ونائبه خالد بحاح، ونذكّر الرئيس بأن الزعماء العرب الذين فشلوا في أوطانهم كانوا يعتمدون على أعوان ومساعدين يرتبطون بعلاقات صداقة وعائلية، وليس أسس الكفاءة والوطنية، فهل أنتم تعقلون؟