تقارير ووثائق

الهزائم الميدانية وسقوط الرهانات تعصف بشريكَي الانقلاب في اليمن

تصاعدت الخلافات بين تحالف الانقلاب في اليمن بشقَّيه الحوثي والموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، على ضوء الهزائم الميدانية التي تتعرض لها مليشياتهم، أخيراً، في العديد من الجبهات في المحافظات الشمالية. ويضاف إلى ذلك، تعثُّر مساعي حزب الرئيس السابق لإقناع الحوثيين بخطوات سياسية من شأنها إبعادهم عن واجهة السلطة الانقلابية، فضلاً عن السقوط المستمر لرهانات الطرفَين في الحرب.

 

في هذا السياق، توضح مصادر سياسية مقربة من الانقلابيين، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الخلافات وصلت إلى ذروتها على مستوى المؤسسات الحكومية التي يتشارك في إداراتها الحوثيون والمحسوبون على حزب المؤتمر". ويتابع أنّ "الجماعة لجأت لمزيد من التعيينات في مناصب إدارية وإقصاء محسوبين على صالح، الأمر الذي نشأت معه خلافات تحوّلت إلى رفض في بعض المواقع لقرارات الحوثيين واحتجاجات في مواقع أخرى".

 

وشهدت العاصمة اليمنية صنعاء، الأسبوع الماضي، سلسلة اغتيالات طاولت ثلاثة منها قيادات حوثية وأخرى ضابطاً في قوات الأمن الخاصة الموالية للرئيس لصالح. كما شهدت العاصمة هجوماً لافتاً استهدف منزل قائد اللواء الثالث مدرع الذي عيّنته الجماعة، العميد فؤاد العماد، وأعلن الحوثيون أن حراسته قتلت المهاجمين الاثنين، وأن أحدهم تم التعرف لاحقاً على هويته. وتبيّن أنه "أمير القاعدة في صنعاء"، على الرغم من أسمه عماد أحمد محمد إسماعيل شاس غير متداول. ويبدو لافتاً أن يقوم قيادي لـ"القاعدة"، بتنفيذ هجوم على منزل عسكري بما يحتمل مقتله، ما يطرح علامات استفهام ربطتها بعض التعليقات بالخلافات بين الحليفين.

 

ووفقاً لمصادر، تصاعدت الخلافات بين الطرفَيْن، منذ أواخر شهر ديسمبر/كانون الأوّل الماضي، إثر فشل محادثات السلام التي رعتها الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية والانقلابيين في سويسرا. وتشير هذه المصادر، إلى أنّ حزب صالح سعى إلى إقناع الحوثيين بإلغاء "الإعلان الدستوري" الانقلابي، الذي بموجبه استولت الجماعة على السلطة، بما يتيح عودة البرلمان كمؤسسة دستورية منتخبة (انتهت فترة حكمها منذ 2009 ومدّدت باتفاقات)، ويمتلك حزب المخلوع أغلبية فيها. هذا الأمر، رفضه الحوثيون واعتبروا أن القبول به يعد تنازلاً عما يطلقون عليه "ثورة الـ21 من سبتمبر/أيلول"، تاريخ اجتياح الجماعة لصنعاء وسيطرتها على مؤسسات الدولة عام 2014.

 

من جانب آخر، تطورت الخلافات بين الحوثيين وصالح إثر الهزائم الميدانية التي تلقاها الحليفان في مأرب والجوف وعلى ضوئها وصلت "المقاومة الشعبية" إلى الأطراف الشرقية لصنعاء، وسط اتهامات وُجّهت لشخصيات محسوبة على أحد الطرفَين بالتهاون مع القوات الموالية للشرعية والسماح لها بالتقدم، وتحديداً في محافظة "الجوف". وهو ما ألمح إليه زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، في آخر خطاب متلفز له أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي.

 

وفقد الانقلابيون الكثير من الأوراق التي كان يعوّلون عليها طوال الأشهر الماضية، وفي مقدمتها الاعتماد على عامل الوقت، باعتبار أنّ المماطلة ستدفع التحالف العربي الذي تقوده السعودية لإيقاف العمليات العسكرية التي تستهدف الجماعة وحلفاءها منذ ما يقارب من عشرة أشهر، دون رضوخ من قبلهم لمطالب الشرعية.

 

كل تلك الحسابات فشلت وأصبح تواصل الحرب أمراً محتملاً، في حين فشلت الضغوط الدولية والجهود الدبلوماسية في الوصول إلى تسوية سياسية لغاية اليوم. ووفقاً لمراقبين، فإنّ من شأن الوضع الذي وصل إليه الانقلابيون يعزز الخلافات في الفترة المقبلة على الرغم من الأصوات التي تسعى لإزالة الإشكالات بين الطرفَين. ويسعى طرف صالح على وجه التحديد، لتسوية تضمن له ولفريقه مخرجاً آمناً أو تسوية تحافظ على دور لحزبه، وكلها أجندات قد لا يحتاج فيها بالضرورة للتحالف مع الحوثيين المتمسكين بدورهم، بصفتهم "الثورية"، واحتكار النفوذ في العديد من المحافظات، بحسب هؤلاء المراقبين.

زر الذهاب إلى الأعلى