عن محنة اليمنيين في زمن الرئيس المعجزة وشركائه المحتربين!
اليمن في ظل رئاسة هادي لـ"الحوار" تدحرج إلى الحرب. وفي ظل قيادته لـ"الحرب" يسقط في فوضى الميليشيات.
هذا هو العنوان الخاطف الذي يلخص محنة اليمنيية في اللحظة الراهنة!
لكن الإنصاف يقتضي القول إن هادي ليس المسؤول الأوحد عن تسليم رقاب اليمنيين للميليشيات المسلحة.
كان هناك صالح وقيادات المؤتمر الشعبي العام، يناورون ويتلكأون وينسجون تحالفات مع الحوثيين وغير الحوثيين.
وفي بلاط "الرئيس الصموت" ، بلّط قادة أحزاب المشترك، باسم ثورة مغدورة، وراحوا- بفطنة أغبى من الوتدِ، على حد وصف البردوني- يضخون الرطانات عن شكل الدولة واستكمال نقل السلطة وحق الأحزاب في انتزاع حصصها من المال العام والوظيفة والقضاء والأمن، بالمحاصصة وشراء الولاءات داخل أحزابها ومن شباب الساحات.
كان هناك الحوثيون يباركون ما يردده الرئيس هادي، ويشاركون في فندق موفنبيك "صناعة الإجماع"، ويصوتون على الدوام لصالح خرافات هادي والمشترك.
كان هناك سفراء الدول العشر الراعية للعملية السياسية يبدون إعجابهم بأطراف العملية السياسية، ويغرقون اليمنيين بمعسول الكلمات التي تفيد باطمئنان المجتمع الدولي لمسار الانتقال السياسي في اليمن.
كان هناك باراك أوباما الرئيس الأميركي يبشر العالم العربي بقصة نجاح باهر تحققه اليمن في ظل قيادة الرئيس هادي.
كان هناك جمال بنعمر، المبعوث الدولي السابق، يفاخر أمام مجلس الأمن ب"المعجزة اليمنية" التي تنزلت في اليمن بفضل حكمة الرئيس هادي.
كان هناك عبداللطيف الزياني، أمين مجلس التعاون الخليجي، يتباهى بالانجاز اليمني الذي تحقق بفضل المبادرة الخليجية والمساندة المستمرة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي لمسار تنفيذها في اليمن.
***
اللوم يتركز على الرئيس هادي لأنه الرجل الذي خرج اليمنيون للاستفتاء عليه في "انتخابات" الخيار الأوحد [الخيار الضرورة كما قال قادة المشترك لشباب الثورة في الساحات]، الخيار المتوافق عليه حزبيا واقليميا ودوليا.
لكن كل من ورد اسمه اعلاه، هو شريك في الجريمة التي جعلت من الشعب الذي خرج في اغلبيته الساحقة، في ثورة سلمية باهرة، ضد نظام الرئيس السابق صالح، ينشد المستقبل، شعبا تطحنه الحرب وتنهشه الميليشيات المسلحة وترتد به الجماعات الاسلاموية المسلحة إلى أدغال الماضي وكهوف التاريخ وحروب القيسية واليمانية في حلكة القرن العاشر الميلادي!
أجرموا - متضافرين- في حق الشعب اليمني المعذب والمظلوم.
جميعهم، قناصل وقراصنة!
القناصل الذين رعوا "الحوار" الاحتفالي، يتابعون رعايتهم الكريمة للحرب.
والقراصنة المحليون الذين جعلوا من "الحوار" بقرة حلوب، يحتربون على امتداد الخارطة اليمنية.
***
القناصل يواصلون الرعاية.
والقراصنة يحتربون.
لم يخرج أحد منهم في الناس، معتذرا.
فالقراصنة يختطفون وينتهبون ويغتصبون ويقتلون.
****
المجتمع الدولي يرعى الحرب، ومبعوثه عديم الحيلة يتنقل، بلا هدف، بين صنعاء وعدن والرياض وطهران ونيويورك.
اليمنيون يغرق في "فوضى الميليشيات".
الطغاة والبغاة والغلاة والغزاة يحفرون اخاديد في وجه اليمن ويغرسون خناجرهم في كبده.
ما من أحد من صناع الإجماع (وتابعيهم في اليمن وعواصم المنطقة) يتآسى على "العربية السعيدة" الغارقة في الدم.
لا أحد اعتذر عن خطأ في التقدير.
لا أحد استغفر عن خطاياه.
لا أحد يلوح متشككا أو مراجعا أو متراجعا [بل إن الرئيس المعجزة عين، مطلع هذا الأسبوع، وزيرا لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني من بين أولئك الذين صعدوا من ساحات الثورة!ٍ]
لا أحد!
فالمعجزة اليمنية التي بشر بها اوباما وتفاخر بها بنعمر وهادي وظهرت بشائرها في فندق 5 نجوم شرقي العاصمة صنعاء، لما يكتمل تنزيلها بعد!