من الأرشيف

على هامش القول

لا ندري حقيقة لماذا يواصل الحوثيون القتال؟

 

انهزموا في كل المعارك التي خاضوها منذ بداية ضربات قوات التحالف، وإلى اليوم.

 

وفي كل مرة ينهزمون يذهبون إلى الأرياف والقرى في المناطق التي يسيطرون عليها، ويطلبون توقيع "وثائق شرف"، مع القبائل تلزمها بالدفع بأبنائها إلى المحرقة، وكلما عادوا بفوج التهمته النيران.
انتشرت بيوت العزاء والمقابر والجثث المتعفنة، واكتظت المستشفيات بالمساكين الذين ألقاهم حظهم العاثر في طريق عبدالملك الحوثي، وامتلات الشوارع بالمتسولين والمشردين، وانتشر اليتم على أديم هذه الأرض التي وعد "الأحمق المطاع" بأن يكون أباً لأيتامها.
بالطبع لا تنسى قناة المسيرة بعد كل هزيمة أن تطلق نشيداً جديداً عن الذين سيعيدون فتح مكة، بعد أن وصلت صواريخهم إلى العاصمة السعودية.

 

كنت في لقاء مرة مع أحد مؤيدي الحوثيين في قناة تلفزيونية. كابر، وأرعد وتوعد قوات التحالف و"المرتزقة والعملاء" من على الشاشة، وبعد البرنامج صار بيننا تواصل، وقال لي بعيداً عن الشاشة إن الكارثة لا يمكن تصورها، وانتهى قائلاً إن الحوثيين أخطأوا بدخول صنعاء.
الحوثيون يكابرون أمام الشاشات والميكرفونات فقط.

 

يعرف الحوثيون وصالح أنهم مهزومون، ولكن العناد والغرور الأحمق يسوقهم إلى النهاية المحتومة.
لم يعودوا يعولون على شيء.

 

روسيا منشغلة بسوريا، وإيران باعتهم في صفقة النووي مع واشنطن، وذهب ظريف لتناول وجبة عشاء لذيذة مع جون كيري، وأثناء العشاء يقول ظريف: نحن لن نتدخل عسكرياً في اليمن.

 

غسل ظريف يده من بقايا الطعام وغسلها من الحوثيين، وذهبت طهران تقول عن وكلائها الجدد في اليمن: نصحناهم ألا يدخلوا صنعاء، لكنهم لم يسمعوا لنا.

 

تبسم مسؤول إيراني، ورد على وفد حوثي زار طهران مؤخراً، وطلب المساعدة، رد بأن على الوفد أن يذهب لزيارة أضرحة الأئمة الصالحين في قم ومشهد، فعندهم الفرج.

 

لم يستطع الحوثيون إقناع الناس أنهم يدافعون عن الوطن.

 

الذي ينال شرف الدفاع عن الأوطان لا يتلبس بالفساد، ولا ولا يرفع شعارات طائفية، ولا يبيع الوطن في السوق السوداء.

 

الذي يدافع عن الوطن يؤمِّن أولاً جبهته الداخلية بالتعاون مع الشركاء في الوطن، ولا يعلن عن انقلابه في رابعة النهار.

 

المدافعون عن الأوطان لا يعتقلون الصحافيين في مخازن الأسلحة، ولا يفجرون المساجد وبيوت الخصوم، ولا يستولون على المال العام والخاص بسرقة المليارات من خزينة الدولة، ومن المؤسسات الخاصة.

 

لا يمكن أن يحظى اللصوص وقطاع الطرق وزعماء المليشيات وتجار المخدرات والمهربون وخريجو السجون وباعة الشعارات والأوهام، والطائفيون، لا يمكن أن يحظوا بشرف الدفاع عن الأوطان.

 

لم يستطع صالح والحوثي إقناع اليمنيين أنهما يدافعان عن الوطن، لأنهما أمس دمرا صعدة، وأهدرا مكتسبات الوطن في حروب استمرت لسنوات طويلة بينهما، فما الذي يمكن أن يجعلهما صالحين اليوم للدفاع عن الوطن؟
كيف يكون هذا الثنائي وطنياً اليوم، وهو بالأمس يخوِّن بعضُه بعضا؟!
يدرك اليمنيون اليوم بمن في ذلك من هو متحالف مع الحوثي، أن هذه الحرب ليست إلا للدفاع عن امتيازات الفاسدين وتجار الحروب.
يقول إعلام الحوثيين إن خصومهم عملاء ومرتزقة، وخونة باعوا وطنهم للسعوديين والإماراتيين.

 

وحتى هذه لم يصدقهم فيها غير مخدوع في المسبحة التي يعلقها أبوعلي الحاكم على "عسيب" جمبيته، أو طامع في الخزنة التي يضعها علي عبدالله صالح تحت يده.
العملاء عندما يكونون بالملايين شمالاً وجنوباً، فإن صفة العمالة تنتفي عنهم، ليعاد توصيف الحالة اليمنية لا على أساس معسكريين متمايزين:

 

الأول وطنيون والثاني عملاء، ولكن على أساس خصومة داخلية بين اليمنيين، أنفسهم، بعد أن فتح فريق منهم البلاد لـ"تاجر السجاد"، واستعرت الخصومة التي استدعت تدخل الجيران الذين رأوا النار تندلع في الشقة المقابلة، وهبوا لتدارك انتشارها إلى شقتهم والشقق الأخرى.
على الحوثيين وصالح تجنب المزيد من الدمار للناس والإمكانيات. ما لم فإن على قبائل صنعاء وعمران، وقبائل حجة وصعدة وذمار والمحويت، وعلى القيادات العسكرية أن تكفر عن خطيئتها الكبرى بالسماح للمليشيات باستباحة الوطن والزج به في معركة ضد أبنائه وأشقائه، بالعمل سريعاً على إنهاء هذه التراجيديا الإغريقية التي تجري في البلاد التي خرج منها الشعر والخيال والبخور والأقاصيص الجميلة.

زر الذهاب إلى الأعلى