الذكرى الخامسة للثورة اليمنية: قرب هزيمة الانقلاب الحوثي
يحتفي اليمنيون يوم غد الخميس بالذكرى الخامسة للثورة التي انطلقت ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وأنهت مشروع "التوريث"، ليأتي الانقلاب الحوثي لاحقاً ويدخل البلاد في أوسع حرب تشهدها منذ عام.
وخلافاً للأعوام الماضية التي كانت ذكرى انطلاق الثورة فيها تُحيا بفعاليات ومهرجانات في شوارع العاصمة، فقد جاء هذا العام والمعارك المسلحة متواصلة مع الانقلابيين، الأمر الذي لم يمنع شباب الثورة من الاحتفاء بالمناسبة بطرق عديدة، كلٌ من حيث يقيم، وخصوصاً في المدن المحررة، كما جرى الاحتفاء بها على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال تعميم شعارات الثورة والتأكيد على أهمية تحقيق أهدافها، بإقامة الدولة المدنية الحديثة.
ثورة 11 فبراير
انطلقت الثورة اليمنية من خلال احتجاجات على غرار تلك التي اندلعت في تونس ومصر. العملية السياسية في البلاد كانت قد وصلت إلى طريق شبه مسدود. تعطلت الانتخابات وكرس الرئيس السابق إجراءات من شأنها التوريث لنجله الأكبر أحمد. وانطلقت الاحتجاجات في البداية بدعوة من المعارضة ضد "التمديد" لصالح والمطالبة بإصلاحات، قابلها الحاكم بالاستخفاف، لتتحول إلى ثورة، متأثرة بربيع الحرية 2011.
وعلى وقع الحدث الكبير المتمثل بسقوط الرئيس المصري السابق حسني مبارك، تحولت احتجاجات اليمن إلى ثورة، ودشن الشباب أول اعتصام مفتوح في مدينة تعز، جنوبي اليمن. كما شهدت صنعاء ومختلف المدن تظاهرات واحتجاجات تطالب ب"إسقاط النظام"، وفي الـ20 من فبراير/ شباط دشن الثوار ساحة اعتصام مفتوحة استمرت قرابة عام.
انتهج الثوار في اليمن الخيار السلمي وفتحوا اعتصامات سلمية في مختلف المدن والمحافظات، لكن القمع الذي واجههم النظام به والتطورات اللاحقة دفعا الثوار إلى حماية اعتصاماتهم. وكان أهم تحول شهدته البلاد، في هذا الصدد، بعد "مجزرة الكرامة" الشهيرة، والتي قتل فيها مسلحون تابعون للنظام 56 متظاهراً في صنعاء بدم بارد، عقب صلاة الجمعة، في الـ18 من مارس/ آذار نفس العام.
وعقب الحادثة أعلن عدد كبير من القيادات العسكرية والمدنية عن انشقاقهم عن النظام، وكان من أبرزهم، قائد الفرقة الأولى مدرع سابقاً، اللواء علي محسن الأحمر، والذي نشر قواته في محيط ساحة الاعتصام لحمايتها.
ورغم بقاء الثورة، بنهجها السلمي، فقد شهدت مواجهات محدودة بين القوات المنشقة ومسلحي قبائل مؤيدة للثورة من جهة، وبين القوات الموالية للرئيس المخلوع من جهة أخرى، وكانت المواجهات بشكل محدود، في صنعاء وتعز وبعض المناطق المحيطة بالعاصمة.
المبادرة الخليجية
بعد تصاعد الأزمة والانشقاقات التي حدثت في صفوف النظام، أعلنت دول مجلس التعاون في الثالث من أبريل/ نيسان مبادرة سياسية تتضمن انتقالاً سلمياً للسلطة في اليمن. وتضمن المبادرة تنحي صالح وتسليم السلطة لنائبه، وتشكيل حكومة بالمناصفة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، وتترأسها الأخيرة، وغير ذلك من البنود، والتي تعرضت للإضافة والتعديل.
استمرت المفاوضات لتوقيع المبادرة جنباً إلى جنب مع مواجهات محدودة في مناطق الاعتصامات، حتى الثالث من يونيو/ حزيران، حيث تعرض الرئيس السابق ومعاونوه لحادث تفجير في جامع الرئاسة بمنطقة" النهدين" أصيب بحروق بليغة على إثره ونقل إلى السعودية، ليعود في سبتمبر/ أيلول من نفس العام، بينما كانت مفاوضات توقيع المبادرة مستمرة وانضم إلى جهود توقيعها المبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بنعمر.
في الـ23 من نوفمبر/ تشرين الثاني وقعت الأطراف المختلفة على المبادرة الخليجية إلى جانب "الآلية التنفيذية الأممية"، في العاصمة السعودية الرياض، وبموجب التوقيع سلم صالح السلطة لهادي تدريجياً، وأجريت انتخابات شكلية (غير تنافسية) في الـ21 من فبراير/ شباط 2012، كما تشكلت حكومة الوفاق برئاسة محمد سالم باسندوة.
ويعتبر ناشطون وقياديون في الثورة أن المبادرة كانت التفافاً على الثورة، وأبرز ما يُنتقد في هذا الصدد، أنها منحت حصانة للرئيس المخلوع ومعاونيه، ما أعطى له فرصة العمل على خلط الأوراق خلال المرحلة الانتقالية، وصولاً إلى تحالفه مع الحوثيين بالانقلاب على السلطة الشرعية، حيث اجتاح الحوثيون صنعاء في الـ21 من سبتمبر/ أيلول 2014.
حرب مؤجلة
في العام الرابع للثورة دخلت البلاد حرباً هي الأوسع في تاريخها، على إثر انقلاب الحوثيين وصالح، الأمر الذي أثر على مدى احتفاء اليمنيين وفرحتهم بالمناسبة، ويعتبر بعض المحللين أن الحرب الدائرة كانت إلى حد ما حرباً مؤجلة منذ عام 2011، ساهمت المبادرة الخليجية في تأجليها ولكن انقلاب النظام السابق دفع إليها من جديد.
وعلى الرغم من الحرب والأوضاع التي تمر بها البلاد، تأتي الذكرى وسط آمال يعبر عنها شباب الثورة وناشطوها، وهو الأمر الغالب في التعليقات والمنشورات، والتي رصدتها "العربي الجديد" للاحتفاء بذكرى الثورة، وذلك على إثر التطورات الميدانية التي تبشر ب"اقتراب هزيمة الانقلاب"، مع تقدم قوات الجيش الشرعية والمقاومة إلى الأطراف الشرقية لصنعاء.