تحرك روسي لإحياء محادثات اليمن... والشرعية تتقدّم ميدانياً
حركت الجهود الدبلوماسية لإحياء محادثات السلام في اليمن بعد تعثرها الشهر الماضي، بحيث يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة لمناقشة الوضع في البلاد الثلاثاء المقبل بناء على طلب روسي، في ظل التقدم الميداني لقوات الجيش الموالية للشرعية بالأطراف الشرقية لصنعاء.
وأفادت مصادر سياسية في العاصمة اليمنية بأن القائم بأعمال السفير الروسي أوليغ دريموف غادر صنعاء أول من أمس بعد لقاءات مع مسؤولين من جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، في مهمة مرتبطة بالجهود التي تتولاها بلاده بالدعوة إلى حل سياسي في اليمن، فيما عقد سفير روسيا لدى الرياض، أوليغ أوزيروف، لقاءً مع نائب الرئيس اليمني خالد محفوظ بحاح، وسلمه دعوة لزيارة روسيا لبحث مستجدات الوضع وتحديداً ما يتعلق ب"المسار السياسي".
ونقلت موقع وكالة الأنباء اليمنية بنسختها التابعة للشرعية، عن بحاح تأكيده خلال اللقاء، استعداد الحكومة لحضور "أي لقاء تشاوري وتحت مظلة الأمم المتحدة بما يخدم استقرار الوضع في البلاد". وثمّن "الموقف الروسي وما تبذله الدبلوماسية الروسية من جهود تدعم ما اتفق عليه اليمنيون من مخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور"، وقال إن "ما تقوم به الحكومة من حل عسكري هو في إطار استعادة الدولة وإنقاذ الوطن من المليشيات المسلحة".
وجاء اللقاء قبل أيام من جلسة من المقرر أن يعقدها مجلس الأمن، إذ أعلن المندوب الدائم لفنزويلا لدى المجلس، رافائيل راميريز، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية، أن هناك إجماعاً على إجراء مشاورات حول اليمن الثلاثاء المقبل، بناء على مبادرة روسية، فيما أعلن مندوب روسيا، فيتالي تشوركين، على أن بلاده "تنوي عقد مشاورات حول الأوضاع الإنسانية في اليمن، أسبوعياً، إلى أن يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة في البلاد".
وكانت تسريبات تحدثت الأسابيع الماضية عن مبادرة روسية تقدمت بها موسكو، وتتضمن نقاطاً قائمة على قرار مجلس الأمن الدولي 2216 الذي تطالب به الحكومة، غير أن المبادرة بحسب التسريبات لم تلق تجاوباً من الجانب الحكومي، في وقت تعتبر فيه سفارة موسكو لدى صنعاء، الدبلوماسية الوحيدة الفاعلة من خلال اللقاءات مع مختلف الجهات.
ومن المقرر أن يقدم المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إحاطة إلى مجلس الأمن، في الجلسة المقبلة، يستعرض فيها نتائج جولته في المنطقة، بعدما أجرى لقاءات الأسبوعين الماضيين مع مسؤولين من الحكومة اليمنية في الرياض، كما التقى بممثلي الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح في العاصمة العُمانية مسقط، من دون التوصل إلى نتائج تذكر، حول استئناف المشاورات.
وفشلت الأمم المتحدة بتنظيم جولة ثالثة من محادثات السلام بين الحكومة اليمنية والانقلابيين، إذ أُعلن في ختام الجولة الثانية في 20 ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، أن المفاوضات تستأنف في 14 يناير/كانون الثاني، الأمر الذي تعثر انعقاده بسبب الشروط المقدمة من الطرفين، إذ تطالب الحكومة بتنفيذ القرار 2216، وإطلاق سراح أبرز المعتقلين كخطوة نحو "بناء الثقة"، فيما اعتبر الحوثيون أن وقفاً شاملاً لإطلاق النار شرط لحضورهم أي جولة محادثات جديدة.
وحققت المقاومة وقوات الجيش اليمني المؤيدة للشرعية تقدماً نوعياً أخيراً شرق العاصمة صنعاء، بالتزامن مع تقدم مستمر في محافظتي الجوف وحجة شمال وغرب البلاد، الأمر الذي بات يمهد لنقل المعركة إلى معاقل الحوثيين في صعدة الحدودية مع السعودية، وصنعاء التي تسيطر عليها الجماعة وحلفاؤها الموالون لصالح.
ويثير الدور الروسي في اليمن جدلاً، إذ تعتبره مصادر مقربة من الحكومة وحلفائها محاولة لإنقاذ الحوثيين، فيما يقلل آخرون من دور روسيا، بالنظر إلى محدوديته في الجانب السياسي، في حين لم تعترض موسكو على قرار مجلس الأمن الذي صدر في أبريل/نيسان العام الماضي، ومنح تدخل التحالف العربي سنداً شرعياً بعملياته في اليمن.
من زاوية أخرى، يعتبر مراقبون أن تقدم الشرعية شرق صنعاء يؤثر مباشرة على الحل السياسي؛ فمن جهة يدفع الحكومة المدعومة من التحالف العربي إلى استكمال المعركة بالحسم العسكري، ومن جهة ثانية، يدفع الانقلابيين لتقديم تنازلات قد ترفع من فرص أي محادثات سياسية.