[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

موعد ولد الشيخ غير مضمون...وبوادر ظهور تيار ثالث

"لا يزال التباعد في وجهات النظر عميقاً بين الجهات اليمنية، ما يدعوني إلى التريث في الدعوة إلى جولة جديدة من محادثات السلام". بهذه الكلمات أفصح المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن استمرار تعقيدات المسار السياسي، تزامناً مع تصاعد العمليات العسكرية وتزايد آمال المنادين ب"الحسم العسكري". فيما برز تيار يدعو لـ"خيار ثالث"، بدا أضعف حظاً من الدعوات السياسية الأخرى. كل ذلك لم يمنع ولد الشيخ من تحديد موعد مارس/آذار المقبل كسقف زمني لاستئناف المفاوضات.

 
وجاء حديث ولد الشيخ في الجلسة الخاصة التي عقدها مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، حول اليمن، واستمع فيها الأخير إلى إفادة من المبعوث الأممي حول نتائج جولته في المنطقة. وأوضح ولد الشيخ أنّه عقد لقاءات مع المسؤولين اليمنيين والسعوديين في الرياض والتقى بمسؤولين حوثيين في صنعاء وفي العاصمة العُمانية مسقط، إلا أن هذه اللقاءات لم تسفر عن التوصل إلى توافق على استئناف المحادثات.

 

وكان من المقرر أن يستأنف طرفا الأزمة في اليمن (الحكومة الشرعية والحوثيون وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح)، في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، وفقاً لما أعلن في ختام محادثات سويسرا بالشهر الذي سبقه ديسمبر/كانون الأول 2015. إلّا أن المحادثات تعثرت في موعدها وجرى الحديث عن تأجيلها إلى أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، ويمرّ، اليوم، شهر على موعدها السابق.

 

ولخّص ولد الشيخ، في حديثه أمام مجلس الأمن، الأسباب التي تجعل "التباعد" عميقاً، قائلاً، إن "الأطراف منقسمة بين ضرورة إعلان وقف الأعمال القتالية قبل المحادثات (الشرط الذي أعلنه الحوثيون) أو الذهاب إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى وقف الأعمال القتالية (إشارة إلى رأي الطرف الحكومي)". ومع ذلك، أعلن المبعوث الأممي عن موعد مبدئي يسعى لإقراره، قائلاً في تصريحات صحافية عقب الجلسة، إنّه "لا يمكن تمديد المفاوضات إلى ما بعد مارس/آذار المقبل"، منوهاً إلى أنه سيقوم بجولة جديدة في المنطقة، يزور فيها الرياض، وصنعاء، والدوحة، وأبوظبي، والقاهرة.

 
وكان واضحاً من خلال سياق حديث ولد الشيخ عن شهر مارس كموعد للمفاوضات، أنّه استحقاق ستسعى إليه الأمم المتحدة وليس ناتجاً عن توافق مع طرفَي التفاوض، وهو ما يعني أن الموعد أيضاً قابل للتأجيل كما حصل للمواعيد السابقة. وعلى الرغم من ذلك، يرى محللون أن هناك دافعاً يمكن أن يساهم بعقد المحادثات خلال مارس، ويتمثل بمرور عام على بدء عمليات التحالف العربي في اليمن 26 مارس/آذار 2015.

 

على صعيد متصل، تضاءلت آمال اليمنيين بالتحركات والجهود للحل السياسي بعد سلسلة الجولات والمحطات الفاشلة خلال ما يقرب من عام مضى على تصاعد الحرب، إذ عُقدت جولتان من المحادثات في جنيف برعاية الأمم المتحدة في يونيو/حزيران، وديسمبر/كانون الأول، والعديد من اللقاءات والجولات التحضيرية. وانعكس الفشل السياسي على المعارك الميدانية التي تصاعدت وتيرتها في مختلف جبهات القتال شمالي البلاد، خصوصاً في أطراف صنعاء، ومأرب، ومحافظات الجوف، وحجة، وتعز. في الوقت عينه، ارتفعت فرص وآمال "الحسم العسكري" لصالح الشرعية، على أثر تقدمها في أطراف صنعاء الشرقية، وظهور مؤشرات على تراجع قدرات الحوثيين وحلفائهم العسكرية بعد أكثر من 10 أشهر على العمليات الجوية المتواصلة التي تستهدفهم.

 

وفي ضوء تراجع الآمال بالحلول التي ترعاها الأمم المتحدة، برزت أصوات جديدة تدعو لإيجاد "تيار ثالث" أو "خيار ثالث"، يتبنى حلاً سياسياً بالاعتماد على شخصيات ممن وقفوا في المنطقة الرمادية ولم يؤيدوا التحالف ولا الانقلاب. وأثارت الدعوة إلى "الخيار الثالث"، التي تبناها في البداية، السفير اليمني السابق، مصطفى النعمان، جدلاً واسعاً، إذ اعتبرها المنتقدون محاولة للالتفاف على الشرعية، وتصدير الانقلاب بوجوه جديدة. وعلّق وزير الخارجية اليمني، عبدالملك المخلافي، ضمناً، بتغريدة مقتضبة عبر صفحته على موقع تويتر، أن "بين الشرعية والانقلاب لا يوجد خيار ثالث".

 

وتكشف مصادر سياسية مطلعة عن أن الدعوة إلى "الخيار الثالث"، أثارت نقاشات في أوساط قيادية حكومية وحزبية، غير أنّ فرصها بدت أضعف مع الانتقادات التي وُجهت إليها من قبل مؤيدي الشرعية، كما لم يسلم من مثيلتها محسوبون على الحوثيين.

 
وبين مفاوضات ولد الشيخ التي تنتظر شهر مارس كموعد مبدئي، لم يتم التوافق حوله، و"الخيار الثالث" تبقى العمليات العسكرية والمواجهات الميدانية هي الأقوى صوتاً حتى اليوم. ومن المتوقع أن تستمر المعارك ما لم تطرأ معطيات ترجح كفة الجهود السياسية خلال الفترة المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى