علي محسن
هو أكثر الناس إثارة للجدل في اليمن وينقسم المجتمع في تصنيفه بين محب وكاره، ممجد للرجل وناقم عليه، وهو أمر ارتبط به منذ السنوات الأولى لحكم علي عبدالله صالح إذ كان الرجل الأكثر قربا له وتأثيرا عليه، وكان صاحب الفضل في تثبيت حكمه إلى أن افترقا حين أعلن اللواء (حينها) التخلي عن رفيقه وابن قريته وتصريحه بالانضمام إلى ساحة التغيير والاستعداد للدفاع عنها، وهنا كانت بداية القطيعة النهائية بين الرجلين إذ اختار كل منهما فريقا ينضوي في صفوفه.
اليوم يقف اليمنيون في حيرة من أمرهم تجاه الفريق علي محسن بعد تعيينه نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة.
في آخر زيارة لي إلى الرياض قبل أسابيع بحثت عنه ولم أجده، لكنه عاود الاتصال وكان اتصالا قصيرا أكد فيه أنه مع حقن دماء اليمنيين وعودة السلام إلى اليمن، واتفقنا على لقاء حال عودته إلى الرياض لكن ذلك لم يتم إذ غادرت قبلها.
ليس مفيدا ولا مجديا الحديث عن ماضي الرجل وارتباطه بالعهد السابق فكل من هم في دائرة «الشرعية» كانوا جزءا أصيلا منه منتفعين بدرجة أو بأخرى، وما يجب البحث فيه هو الدور الذي يستطيع أن يقوم به لإعادة الاستقرار إلى البلاد، فعلاقاته لم تنقطع يوما مع القبائل التي ساندت حكم صالح في العقود الماضية وربما شابها نوع من الفتور لكنه حتما قادر على استعادة الصلات القديمة، وليس سرا المحاولة التي قامت بها الرياض لمصالحته مع صالح وامتناع الأخير عن مصافحته في بادرة استهجنها الجميع حينها.
أمام علي محسن اليوم فرصة تاريخية لتصفية كل ما علق بذاكرة خصومه من أخطاء يرونها بلغت حد الآثام، وذلك بأن يجعل من موقعه العسكري وسيلة سلام لا انتقام، وطريق وئام لا افتراق وأعلم أن الأمر ليس هينا ولكن في مثل هذه المواقف تظهر مقدرات القائد الذي يجب أن يسمو فوق الأحقاد وتصفية الحسابات.
ربما يرى البعض في الحرب ضرورة لا يمكن تجنبها ولكنها لا يجب إلا أن تكون سبيلا للسلام، وبإمكان علي محسن أن يحفز ويشجع الأطراف كلها للانخراط في مصالحة وطنية هي طوق نجاة اليمن، ولا يدرك أهمية هذا العمل العظيم إلا من شاهد ويلات الحروب وكان جزءا من فعلها اليومي وليس في اليمن من هو أكثر منه معرفة لتبعات الحرب وتبعات التشبع بروح الانتقام.
ننتظر لنرى ماذا سيختار الفريق.
* كاتب يمني وسفير سابق