تقارير ووثائق

تهدئة الحدود اليمنية... القبيلة عنوان الاختراقات السياسية مجدداً

مرة أخرى تدخل القبيلة كعامل استثنائي يحقق الاختراقات السياسية في اليمن، بدلاً من الجهود الرسمية والدبلوماسية الدولية، الأمر الذي كشفته التهدئة في المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية أخيراً، والتي كانت الجبهة الأكثر اشتعالاً بالمعارك العنيفة وهدفاً لعدد كبير من الغارات المتجددة لنحو عام، غير أنها تشهد تهدئة، صمدت حتى اليوم.

 
وفي الوقت الذي كان التحالف العربي يؤكد، في بيان له، أن التهدئة على الحدود ناتجة عن جهود شخصيات اجتماعية وقبلية يمنية سعت إلى إيجاد تهدئة صمدت إلى حدّ كبير حتى اليوم، ذكرت مصادر محلية أن "الشخصيات التي ضمّها الوفد هي شخصيات قبلية حوثية مختلطة، ومن محافظة صعدة -معقل الجماعة- الحدودية مع السعودية، حيث دارت أعنف المعارك".

 

وعلى الرغم من أن غالبية أسماء الشخصيات القبلية والحوثية المشاركة في الوفد المتواجد في السعودية، الذي سعى إلى إبرام التهدئة بقيت طيّ الكتمان، إلا أن المصادر كشفت عن مشاركة الشيخ دغسان صالح دغسان، أحد الذين سبق أن شاركوا في لجان وساطة سابقة أثناء الحروب الست بين الحكومة والجماعة، وكذلك الشيخ علي ناصر قرشة، أحد شيوخ القبائل في صعدة، وسبق أن شارك في وساطة بين الحوثيين والسعودية أواخر عام 2009، تمثلت في تسليم الجماعة أحد الأسرى السعوديين إليه، فضلاً عن شخصيات أخرى محسوبة بالمجمل على الحوثيين، أو أدت دوراً بوساطات سابقة معهم.

 

مع العلم أن المناطق الشمالية في اليمن، وصعدة بشكل خاص، تتمتع بخارطة معقّدة من الولاءات القبلية المتعددة داخل القبيلة الواحدة، وبات زعماء أغلب هذه القبائل في السنوات الأخيرة أقرب إلى الحوثيين، باعتبارهم سلطة "الأمر الواقع". كما أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، يمتلك ولاءات قبلية في صعدة، التي نزح العديد من شيوخها الذين كانوا على خصومة مع الحوثيين إلى السعودية وصنعاء ومناطق أخرى.

 

أما في الجانب الحدودي، فتتمتع السعودية بنفوذ وعلاقات تاريخية مع أغلب رموز المناطق الحدودية، خصوصاً في مناطق قبائل وائلة، التي يسكن جزء منها في السعودية مع قبائل يام المشتركة بين البلدين، تحديداً في منطقة نجران من الجانب السعودي، ووائلة في صعدة من الجانب اليمني.

 

يُذكر أنه في تاريخ الحروب المحلية في صعدة ومختلف المناطق، كان للقبيلة دور فاعل في التوسط لإنهاء الحروب، وسبق أن أثبتت هذه الوساطات فاعليتها، في تبادل الأسرى بين الحوثيين و"المقاومة الجنوبية" في عدن، إذ جرى الإفراج عن المئات من الطرفين.

 

من جانب آخر، تُقلّل بعض الشخصيات اليمنية التي تواصلت معها "العربي الجديد" من اعتبار الجانب القبلي عاملاً وحيداً في نجاح التهدئة، وتربطه بالإرادة السياسية التي ترى الشخصيات القبلية وسيطاً مناسباً للتهدئة، حالما أراد أصحاب القرار ذلك.

 

يُشار إلى أن الحوثيين استخدموا مصطلح "القبائل اليمنية" في بداية المواجهات في المناطق الحدودية، باعتبارها الهجمات التي تنفذها الجماعة وحلفاؤها عمليات للقبائل، ويرى متابعون أن الحوار عبر، ومع القبائل، أمر تشجعه السعودية، لتخفيف الدلالات المرتبطة بالحديث عن حوار مع الحوثيين.

 

في سياق آخر، نُشرت صورة لافتة، منذ يومين، جمعت صالح مع أحد شيوخ محافظة صعدة الموالين له، وهو الشيخ فايز العوجري. وقد تعدّدت تفسيرات هذا الظهور، بين من اعتبرها رسالة تؤكد عدم وجود موالين لصالح ضمن وفد المفاوضات، وبين من فسّرها بأن صالح غير بعيد عن الجهود القبلية لوجهاء صعدة مع السعودية.

زر الذهاب إلى الأعلى