تقارير ووثائق

عدن.. مرحلة تحرير ثانية من "القاعدة"

تشهد مدينة عدن، جنوبي اليمن، مرحلة ثانية من التحرير، ولكن هذه المرة من مسلّحي تنظيم "القاعدة"، إذ كانت مديرية المنصورة خلال الساعات الـ48 الماضية، ساحة لمواجهات شاركت فيها مقاتلات التحالف بضربات جوية، للمرة الأولى منذ تحرير عدن من الحوثيين والموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

 

وأعلنت مصادر محلية وطبية في عدن، أمس الأحد، عن سقوط نحو 17 قتيلاً وإصابة آخرين، أغلبهم من المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم "القاعدة"، وقد قضوا بغارات جوية استهدفت مقراً للمسلحين في مديرية المنصورة، بعد ساعات من بدء مواجهات بين المسلحين وقوات من الشرطة و"المقاومة الشعبية" الموالية للحكومة.

 

مع العلم أن قوات الأمن المدرّبة من قبل قوات التحالف العربي في عدن، بدأت ما وصفتها ب"المرحلة الثانية" من الخطة الأمنية، علماً أنها كانت قد بدأت المرحلة الأولى منذ نحو شهرين، وكان نجاحها محدوداً ببعض الأحياء، ليتصاعد التوتر الأمني الشهر الماضي، الذي شهدت فيه عدن 14 محاولة اغتيال، بينها ثمان ناجحة وست فاشلة، كما شهدت تفجيرات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة.

 

وفي بيان لمحافظ عدن، عيدروس الزبيدي، أوضح أن الخطة تم وضعها من اللجنة الأمنية العليا، وتشارك فيها القوات الأمنية و"المقاومة الشعبية" بدعم وتوجيه من قيادة دول التحالف. وأضاف أن هذه المرحلة ستستمر إلى أن تحقق كل أهدافها، وعلى رأسها فرض هيبة الدولة وعودة الأمن والاستقرار في كل مديريات عدن وضواحيها، وإنهاء الفوضى الأمنية وملاحقة المتسببين بها حتى يتم تطهير عدن كاملة.

 

كما بدأت المرحلة الثانية من خلال حملة أمنية انطلقت باتجاه تقاطع كالتكس، عند مدخل المنصورة، وهو تقاطع شهير يُوصف من قبل بعض سكان عدن ب"جولة الموت"، نظراً للعدد الكبير من عمليات الاغتيال ومحاولات الاغتيال، التي شهدها التقاطع نفسه خلال الأشهر الماضية.

 

وأوضحت مصادر في المقاومة، أن المرحلة الثانية من الخطة الأمنية تتركز في تأمين المنصورة، بعد أن تحوّلت إلى معقل لـ"القاعدة" خلال الأشهر الماضية، وقد دخل الطيران على خط العملية بتنفيذ ضربات جوية إحداها استهدفت مبنى المجلس المحلي لمديرية المنصورة، الذي كان مقراً معروفاً للمسلحين.

 

وتعتبر المنصورة من أكثر مناطق عدن ازدحاماً بالسكان، ومن المفارقات أن الحرب بين الحوثيين و"المقاومة الشعبية" التي استمرت في عدن لنحو أربعة أشهر، وتسببت بدمار واسع في أحياء المدينة، لم تصل إلى المنصورة، ولكن بعد تحرير عدن في يوليو/تموز الماضي، شهدت العشرات من عمليات الاغتيال والاختطاف للمسؤولين والتفجيرات الإرهابية، وبات حالياً ساحة للمعركة المؤجلة مع "القاعدة"، ليأخذ نصيبه من الدمار، الذي لم يكن في فترة الحرب العام الماضي.

 

من جانبه، قلّل الصحافي والمحلل السياسي عبد الرقيب الهدياني من فاعلية الحملة الأمنية الجديدة، وأوضح لـ"العربي العديد"، أنه "سبق ونفذت السلطات في 1ц حملة في يناير/كانون الثاني الماضي، ضد تواجد الجماعات الارهابية وفشلت من دون تحقيق أي تقدم". وعبّر عن تخوفه من تكرار الفشل في الحملة الثانية، إذ إن "هناك صعوبات كثيرة ولن تكون المهمة يسيرة".

 

وتابع الهدياني قائلاً إن "القاعدة يسيطر على ثلاث مديريات في عدن، وهي المنصورة، والشيخ عثمان، ودار سعد، كما أن له وجوداً في مديريتين أخريين، هما البريقة وخور مكسر. ويُخشى أن تتحول عدن بكل امتداداتها إلى ساحة حرب مفتوحة، يصعب السيطرة عليها، إذا ما أخذنا بالاعتبار، أن محيط عدن بالكامل في أبين ولحج تحت سيطرة القاعدة".

 

وعقب بدء المواجهات في عدن، تلقى "القاعدة" تعزيزات من جهتي الشرق (أبين) والشمال (لحج)، الأمر الذي يُخشى معه، وفقاً للهدياني أن "ينقلب السحر على الساحر"، فيسيطر "القاعدة" على عدن، خصوصاً مع امتلاكه عتاداً عسكرياً ضخماً.

 

ويمتلك التنظيم صواريخ حرارية و53 مدرعة وأكثر من 60 طقماً عسكرياً وغيرها من الأسلحة المتوسطة، حسب لجنة الوساطة الرئاسية، التي فشلت في محاورة تنظيم "القاعدة" بعد تحرير عدن من قوات الحوثيين وصالح، كي يُغادر المحافظة إلى خارجها من دون قتال.

 

ورأى الهدياني أن عدن "أمام سيناريوهات بعضها مرعب، حتى لو افترضنا تحرير مناطق عدن من القاعدة عبر هذه الحملة، إلا أننا سنكون أمام مشوار شاق، فعدن بجميع طرقها البرية ستكون تحت رحمة القاعدة في أبين ولحج، وقد يفرض التنظيم الحصار على العاصمة المؤقتة".

 

وختم "لو أن السلطات جادة فعلاً في إنهاء خطر القاعدة، لما اكتفت بمواجهته في عدن، إذ لا بدّ من أن يكون هناك مواجهة تشمل محيط عدن في مدن زنجبار شرقاً والحوطة شمالاً، كونهما مخزن ومصدر تعزيزات ترفد القاعدة في عدن بالعتاد والمقاتلين".

زر الذهاب إلى الأعلى