أخبارسلطة رابعة

صحفيو اليمن والفرار من الموت

لم يجد صحفيو اليمن غير النزوح والتشرد والمغادرة إلى خارج البلد فرارا من الموت وملاحقة وبطش المليشيا الحوثية، في وقت يقبع العشرات من الكتاب والمراسلين وحملة الأقلام في معتقلات سرية منذ أشهر وسط جهل كامل بمصيرهم.

 
وثمة تأكيدات من الأهالي على تعرض كثير من الصحفيين المعتقلين بأقبية السجون الحوثية إلى مختلف أنواع التعذيب الجسدي والإرهاب النفسي، وهو ما أكده الصحفي عبد الباسط القاعدي، مفيدا بتعرض شقيقه صلاح للتعذيب بأحد سجون العاصمة صنعاء.

 

القاعدي، وهو الملاحق أيضا من قبل المليشيا الحوثية، أشار إلى أن شقيقه اختطف وأخفي قسريا وتعرض للتعذيب حتى سالت الدماء من رأسه ومنعت عنه الزيارة، وهو مراسل قناة "سهيل" الفضائية، التي أغلقها الحوثيون ونهبوا محتوياتها كما حدث مع عشرات القنوات ووسائل الإعلام المختلفة.

 

وقال القاعدي إنها المرة الأولى التي تخلوا فيها صنعاء من الصحفيين والمراسلين بسبب المخاطر الجسيمة على حياتهم وسلامتهم، واستهدافهم بشكل متعمد وممنهج وخاصة أن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي حرّض عليهم بشكل مباشر في خطاباته.

 

أرقام مرعبة
وكان مركز الإعلام الاقتصادي، الذي يعنى بالحريات والتطوير الصحفي وقد أغلقه الحوثيون ونهبوا محتوياته، قد أصدر تقريرا حديثا رصد فيه 530 حالة انتهاك لوسائل الإعلام والصحفيين في اليمن خلال عام 2015.

 

وتوزعت الانتهاكات التي تسببت بها المليشيا الحوثية بين حالات قتل بلغت 14 حالة، و9 محاولات قتل، و214 حالة اختطاف، و40 حالة اعتقال، و69 حالة تهديد، و42 حالة اعتداء، و13 حالة إصابة.

 

وحتى نقابة الصحفيين اليمنيين، التي تنافح بالبيانات فقط عن الصحفيين الذين يتعرضون للملاحقة والاعتداء والقتل والاعتقال، أُغلق مقرها الرئيسي بصنعاء.

 

درع بشري
ولا يزال صحفيو اليمن في حالة صدمة لتعرض صحفييْن للقتل بوضعهما في مواقع عسكرية تعرضت للقصف الجوي، وهما مراسلا قناتي "سهيل" يوسف العيزري و"يمن شباب" عبد الله قابل في محافظة ذمار.

 
الأكثر بشاعة هو القتل قنصا كما جرى لمصور قناة "اليمن" الرسمية أحمد الشيباني، الذي سقط برصاصة أصابته في رأسه من قناص حوثي بينما كان يهرول مع عدد من زملائه بأحد الشوارع في تعز.

 
هذه الأوضاع الخطيرة غير المسبوقة دفعت مئات من الصحفيين والمراسلين إلى مغادرة البلد، والتشرد بمناطق مختلفة هربا من بطش المليشيا الحوثية، وهو ما أكده للجزيرة نت الصحفي وديع عطا المحرر بقناة "بلقيس" الفضائية والمقيم الآن في تركيا.

 

النجاة بالفرار
ويتحدث عطا عن اضطراره لمغادرة اليمن كحال المئات ممن تشردوا في بلدان خليجية وعربية وإسلامية، وأفاد بأنه واجه ضغوطا وملاحقات من مليشيا الحوثي ومن قيادات في حزب المؤتمر الشعبي الذي يقوده الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

 
وقال عطا إنه أخضع للتحقيق من المسلحين الحوثيين، ووجهت له تهديدات بالتصفية الجسدية، بعد أن كالوا له تهما ب"التخابر مع إعلام العدوان" وذلك عقب مداخلات صحفية مع قناة الجزيرة.

 
وأفاد بأن الإرعاب والإرهاب الحوثي "بلغ مداه بتهديدي مباشرة بتفجير منزلنا في مدينة حيس جنوب محافظة الحديدة، وأنني تحت طائلة الملاحقة والاعتقال في أي لحظة، وهو وضع أصبح بقائي معه بين أهلي يشكل ضغطا نفسيا عليهم ومعنويا عليّ، حينها قررت الخروج من بلادي، وإن كنت أترقب لحظة العودة ليلتئم شملنا بالوطن والأهل والأحباب".

 
أما رئيس تحرير صحيفة "شبابيك" صادق الشويع، المقيم حاليا بالسعودية، فقال إن اضطرار الصحفيين لمغادرة اليمن يرجع إلى وضع الحوثيين كل النشطاء وحملة الأقلام في قائمة الاستهداف المباشر.

 
وأفاد الشويع للجزيرة نت "لو كان بمقدور الحوثيين الوصول لجميع الصحفيين المعارضين لهم لأخمدوهم جميعا بالاعتقال أو القتل أو التعذيب".

 
وأضاف أن الحوثيين لا يريدون إلا "أبواقا إعلامية لا تكشف إرهابهم وانتهاكاتهم والجرائم التي يرتكبونها بحق اليمنيين، ولذلك أغلقوا ونهبوا كل القنوات والمواقع والصحف، ولاحقوا جميع الصحفيين الذين لا يدورون في فلكهم".

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى