تقارير ووثائق

متغيرات ترجح العودة إلى المسار السياسي في اليمن

تسود حالة من الترقب والتفاؤل الحذر في اليمن مع الاختراقات السياسية التي تحققت أخيراً، وعلى إثرها توقفت المعارك في الحدود اليمنية والسعودية، وسيرت الرياض مساعدات إغاثية إلى محافظة صعدة، معقل الحوثيين، بالتزامن مع تراجع حدة المعارك والضربات الجوية في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى، قبل أيام على إكمال عام على بدء الحملة الجوية للتحالف العربي في البلاد.

 

وأكدت مصادر سياسية سعودية وأخرى يمنية مقربة من الحكومة، وجود متغيرات من شأنها ترجيح كفة الوقف التدريجي لإطلاق النار واستعادة المسار السياسي في البلاد ما لم يتعقد الوضع مجدداً، كما حصل في مرات سابقة، العام الماضي، مع وجود اختراقات غير مسبوقة هذه المرة.

 

وأشارت المصادر إلى أن التنازلات التي قدّمها الحوثيون وحلفاؤهم من حزب "المؤتمر" الذي يترأسه الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، بعد الخسائر التي تكبدوها ميدانياً، كانت عاملاً حاسماً في هذا السياق، فيما فضّل مصدر سعودي وصف ما جرى ب"الاستسلام" من الحوثيين وليس التفاوض الندي.

 
وعلى الرغم من غموض التفاصيل المتعلقة باللقاءات غير المعلنة، على صعيد وفد الحوثيين والجانب السعودي، وكذلك في ما يتعلق بتحضيرات الجولة المقبلة من المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، اعتبرت المصادر أن تهدئة الحدود التي صمدت مبدئياً حتى اليوم، تُعتبر أبرز معطى في هذا الجانب، وعلى صمود التهدئة في المناطق الحدودية من عدمه، يعتمد المسار السياسي والتهدئة الشاملة في الجبهات الداخلية.

 
وفي أبرز تصريح من جانب التحالف العربي بقيادة السعودية، أعلن المتحدث باسمه، العميد أحمد عسيري، في تصريحات، أمس الأول، أن "العمليات العسكرية الكبيرة للتحالف في اليمن أوشكت على الانتهاء".

 

وقال، في تصريحات نقلتها وكالة "فرانس برس"، إن "المعارك توقفت تقريباً على طول الحدود السعودية اليمنية بعد جهود الوساطة التي جرت، الأسبوع الماضي"، في إشارة إلى الوساطة التي قامت بها شخصيات قبلية واجتماعية يمنية مقربة من الحوثيين، وعلى ضوئها توقف القتال في الحدود وتوجّه وفد من الجماعة إلى السعودية.

 
وتابع عسيري: "نجد أنفسنا حالياً في نهاية مرحلة المعارك الكبيرة"، مشدداً في هذا السياق، على أن السعودية لن تتخلى عن اليمن ولن تتركه يتحوّل "إلى ليبيا ثانية"، كما فعل التحالف الدولي هناك، موضحاً "علينا أن نقدّم الدعم للحكومة والوقوف إلى جانبها مرحلة وراء مرحلة حتى تصبح قادرة على إقرار السلام والأمن".

 
وبدا لافتاً تأكيد عسيري أن العمليات التي أوشكت على الانتهاء هي "الكبيرة" ما يعني أن التحالف قد يواصل بعمليات محدودة، ما لم تظهر عوامل تصاعد الصراع مجدداً، كما حصل بعد إعلان إيقاف "عاصفة الحزم" عقب 27 يوماً على بدئها العام الماضي، إذ تم الإعلان عن بدء "إعادة الأمل" لتشمل شقاً سياسياً، غير أن التطورات الميدانية فرضت مواصلة عمليات التحالف بوتيرة غير مسبوقة.

 

من جهة أخرى، لا تزال التفاصيل المتعلقة بأيّ خطوات مقبلة غامضة بعض الشيء، الأمر الذي يفضّل معه العديد من السياسيين من مختلف الأطراف، عدم التعليق حتى تتضح "الطبخة"، كما وصفها أحد السياسيين الذين تحدثت إليهم "العربي الجديد"، وهو يشير إلى عدم وضوح التفاصيل المتعلقة بالخطوات المقبلة التي يجري الإعداد لها وفقاً للتفاهمات في الغرف المغلقة.

 
وكانت السعودية قد سيّرت للمرة الأولى، خلال الأيام الماضية، قوافل مساعدات إغاثية إلى محافظة صعدة معقل الحوثيين على الحدود، بعد أن كانت صعدة من أكثر المحافظات تعرضاً للضربات الجوية المتكررة التي تصاعدت بشكل غير مسبوق، بعد بدء الحوثيين هجمات على حدود السعودية أوائل مايو/أيار العام الماضي.

 

ويعتبر مصير صنعاء من أبرز الأسئلة التي تشغل المتابعين، إذ قالت مصادر قريبة من التحالف، إن الحوثيين أبدوا موافقة على الانسحاب من العاصمة، وليس من الواضح، حتى اليوم، موقع حزب "المؤتمر" وصالح في أيّ تسوية محتملة، خصوصاً مع بروز مؤشرات عن غياب صالح عن اللقاءات غير المعلنة التي عُقدت مع وفد الحوثيين في السعودية.

 
وتأتي هذه التطورات قبل أيام من إكمال عام على بدء عمليات التحالف بطلب من الرئيس الشرعي، عبدربه منصور هادي، عقب مهاجمة الانقلابيين مدينة عدن، التي أعلنها عاصمة مؤقتة، ليبدأ التحالف بشن ضرباته الجوية ضد مختلف المواقع والمعسكرات التي يسيطر عليها الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق بمحافظات متفرقة بالبلاد.

 
وحققت عمليات التحالف نجاحات غير قليلة، إذ تمكنت من إعادة عدن والمحافظات الجنوبية في محيطها إلى قوات الجيش و"المقاومة" الموالية للحكومة، كما حققت في مرحلة ثانية من "الانتصارات الميدانية"، تقدّماً بتحرير أجزاء كبيرة من محافظة مأرب، وتلاها الجوف وبالتزامن معها جرى التقدم إلى شرق صنعاء، لتصبح قوات الشرعية عملياً بمحاذاة معاقل الحوثيين في صعدة، وعلى بعد عشرات الكيلومترات من العاصمة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى