"الحرب" و"الجفاف" يلسعان النحل في اليمن
تسببت الحرب المتصاعدة في اليمن منذ عام، والجفاف الذي يضرب البلاد بسبب ندرة الأمطار، في ركود تجارة وإنتاج العسل، بشكل لافت، بعد أن كانت صنعاء أحد أبرز مصدريه للأسواق العالمية.
وأجبرت المعارك العنيفة في عدد من المدن اليمنية، مئات مالكي "مزارع (مناحل) العسل" على النزوح من مناطق إقامتهم إلى قرى ومدن آمنة، تاركين خلفهم "مناحل" كانت مصدر رزقهم الوحيد.
ومنذ مارس/ آذار 2015 يخوض "الجيش"، و"المقاومة الشعبية" المواليين للرئيس عبدربه منصور هادي، بدعم من قوات التحالف العربي، معارك مع مسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى في البلاد.
وذكر عدد من منتجي العسل، أن الجفاف الذي يضرب البلاد، وندرة الأمطار تسبب هو الآخر في قلة الإنتاج منذ أشهر، وهدد حياة أسراب النحل، التي لم تعد تجد غذاءً لها.
وقال يحي محمد، وهو أحد منتجي العسل، في محافظة عمران، شمالي البلاد، للأناضول، إن "الحرب شردت العشرات من المزارعين. لا نفكر حالياً سوى بتأمين حياة أطفالنا، كما أن توقف تصدير العسل للخارج، كان سبباً في توقف وضعف الإنتاج".
وأضاف محمد، أن "مواطن النحل في غالبية مناطق عمران التي تشتهر بإنتاج "العسل العُصيمي" (نسبة إلى منطقة العصيمات)، لم تعد موجودة، وكذلك الحال في محافظات جنوبية مثل شبوة، والضالع، اللتين تشهدان معارك متواصلة منذ أشهر".
ويقول مزارعون إن الاضطرابات الأمنية التي تشهدها البلاد، وصعوبة التنقل بحرية من محافظة إلى أخرى من أجل تسويق العسل، من أهم أسباب ركود هذا القطاع الاقتصادي المهم.
وتعتمد العشرات من الأسر الفقيرة في محافظات يمنية متفرقة على إنتاج العسل كمصدر دخل وحيد لها، مستفيدة من دعم منظمات دولية تزودها، بخلايا نحل خاصة.
وكانت منظمات دولية قد لجأت، في العامين الماضيين، ومنها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى تدريب عشرات الأسر النازحة جنوبي اليمن، على تربية النحل وإنتاج العسل، لكن تصاعد العنف في البلاد، مؤخرا، جعلها تكافح لتقديم الإغاثات الطبية والإنسانية كضرورة ملحة .
ومن أبرز ما ينتجه النحالون اليمنيون "عسل السدر"، وهو من أجود أنواع العسل على مستوى العالم، ويصل سعر الكيلو غرام الواحد منه، إلى نحو 200 دولار، فيما يصل سعر أنواع العسل الأخرى مثل "العصيمي"، و" الدوعني" (نسبة إلى وادي دوعن بمحافظة حضرموت) إلى 100 دولار.
كما تشتهر اليمن، في إنتاج "عسل السُمر"، المستخرج من "أشجار شوكية"، تنتشر بكثافة في أنحاء البلاد. ويحتل هذه النوع من العسل المرتبة الثانية من حيث الجودة بعد "عسل السدر"، ويمتاز بمذاقه الحار ولونه الأحمر المائل للسواد، وتقتصر فترة إنتاجه على شهر إبريل/ نيسان من كل عام فقط.
وقال "سليم السفياني"، وهو أحد بائعي العسل في العاصمة صنعاء، إن "الحرب أثرت سلبا على تجارة العسل من ناحية الإنتاج والتصدير وكذلك على القوة الشرائية للمواطن".
وأضاف "السفياني"، أن "تجارة العسل كانت تزدهر في السوق المحلية خلال موسم الشتاء، لكن الظروف الاقتصادية القاسية جعلت الناس هذا العام يلهثون وراء الخبز والماء فقط، ولا يكترثون للعسل".
وبحسب "السفياني"، فقد تسبب ركود تجارة العسل في إفلاس عدد من مستودعات بيعه، وإغلاقها بعد أن عجزت عن تسديد التزاماتها من إيجارات، وأجور عمال وغيرها.
ويقول خبراء زراعيون أن سر تميز العسل اليمني، عن غيره من أنواع العسل في بقية الدول، يرجع إلى أن النحلة "هي من تبني خلايا العسل بنفسها دون تدخل الإنسان في ذلك".
كما يحتفظ العسل اليمني بخواصه ومكوانته الطبيعية من "حبوب اللقاح"، و"غذاء الملكات"، و"غذاء النحل"، وهو ما يجعله "ذو قيمة علاجية وغذائية فائقة"، بحسب الخبراء.