التهدئة اليمنية تترسّخ والغارات تتكثّف ضد "القاعدة" و"داعش"
نجح اختبار التهدئة إثر التفاهمات المباشرة بين السعودية والحوثيين للأسبوع الثالث على التوالي، الأمر الذي تعزز يوم الأحد، بالإعلان عن عملية تبادل أسرى جديدة، فيما تتجه الحرب شيئاً فشيئاً جنوباً باستهداف مسلحي تنظيم "القاعدة"، الذي يسيطر على مدن عدة في جنوب البلاد.
وعلى الرغم من تفجر القتال في منطقة حدودية بين قوات موالية للحكومة الشرعية، وبين الحوثيين والموالين للرئيس السابق علي عبدالله في محافظة حجة، المحاذية لصعدة من الغرب، أعلن الحوثيون والتحالف عن صفقة جديدة، شملت تسليم تسعة أسرى سعوديين وتسلّم الحوثيين 109 من مقاتلي الجماعة وحلفائها الأسرى لدى السعودية، وذلك عبر الوساطات المباشرة التي تجري في المناطق الحدودية بين الحوثيين والمملكة.
وتأكيداً على التوجه نحو التهدئة وتعميمها، رحّبت دول التحالف أمس ب "استمرار حالة التهدئة في إطار تطبيقها لخطة (إعادة الأمل)"، وأعربت عن أملها في بدء التهدئة في مناطق الصراع داخل اليمن. وهو أول بيان رسمي لقوات التحالف يعلق على ما أعلنه المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن وقف لإطلاق النار بمختلف جبهات القتال في البلاد يبدأ في 10 أبريل/نيسان المقبل. وجاء بيان التحالف على الرغم من مواجهات "ميدي" الحدودية، وسقوط قذائف على السعودية أصيب على إثرها ثمانية أشخاص.
وأظهر الحوثيون خلال الفترة الماضية "حرصاً استثنائياً" على نجاح التهدئة مع السعودية بعد تلقيهم ضربات مكثفة على مدى عام، وحتى اليوم لم تسجل خروقات كبيرة على الحدود بين صعدة (معقل الحوثيين) وما يتصل بها من الجانب السعودي، بل على العكس، تمّ تشكيل لجان مشتركة من الجانبين لنزع الألغام التي زرعها الحوثيون وحلفاؤهم في مناطق حدودية. كما سيّرت السعودية قوافل مساعدات إغاثية لمستشفى يعمل تحت رعايتها في محافظة صعدة، وكلها مؤشرات تقوّي احتمال صمود التهدئة في الحدود.
من جهته، أعلن نائب الرئيس اليمني، رئيس الحكومة، خالد بحاح، أمس الإثنين، أن "العمليات الإرهابية لن تثني مؤسسات الدولة عن مواصلة عملها والمضي قدماً نحو بناء الوطن". وجاء ذلك خلال تفقده مجموعة من النقاط الأمنية والمرافق العسكرية بعدن، تعرّضت أخيراً لاعتداءات عدة، راح ضحيتها عدد من عناصر الجيش والمواطنين، وتسببت في تدمير عدد من المواقع. ووفقاً للوكالة الرسمية للأنباء "سبأ"، أشاد بحاح ب"الجهود التي يبذلها التحالف العربي بقيادة السعودية، الداعمة لتعزيز الأمن والاستقرار في البلاد".
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر يمنية في السعودية، أن قوات الجيش الموالية للشرعية تتقدّم في منطقتي ميدي وحرض الحدوديتين، بهدف تأمين المناطق التي جرت السيطرة عليها الفترة الماضية. كما يُمهّد الأمر لفتح منفذ حرض الحدودي بين البلدين، الذي يُعدّ أهم المنافذ لكنه مغلق منذ بداية الحرب، في ظل تصاعد معاناة اليمنيين في منفذ الوديعة في حضرموت، الوحيد الذي يعمل منذ نحو العام.
وأعلنت قيادة الجيش الموالية للشرعية السيطرة على مدينة ميدي، بعد أن كانت قد سيطرت على الميناء الواقع في المديرية ذاتها، في يناير/كانون الثاني الماضي. ويُمكّن سيطرة قوات الشرعية على ميدي من التحكم بأهم منفذ بحري قريب إلى معاقل الحوثيين في محافظة صعدة، وكان أهم مرفأ يستخدم لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين وفقاً لاتهامات القيادات العسكرية الموالية للحكومة.
في الجبهات الداخلية الأخرى، لا تزال المواجهات المسلحة مستمرة بشكل يومي، وخصوصاً في محافظة تعز، التي تمكّن الحوثيون في الأيام الماضية من إعادة حصار المدينة فيها من المنفذ الغربي، بعد أسبوع من فتحه من قبل قوات الشرعية، وتتواصل المواجهات في أطراف مأرب والجوف وشبوة، مع غارات محدود للتحالف ينفذها في المناطق القريبة من المواجهات.
كما قصفت مقاتلات حربية بغارة جوية موقعاً يُعتقد أنه لمسلحين مرتبطين بتنظيمي "القاعدة" و"داعش" شمال مدينة عدن جنوبي اليمن. وذكر سكان محليون في مدينة عدن، أن "مقاتلة حربية يُعتقد أنها تابعة للتحالف العربي قصفت بغارة موقعاً في مزارع في منطقة جعولة، شمال عدن، وسط أنباء عن استهدافه إذ يستخدمه مسلحون مرتبطون بتنظيم القاعدة وداعش، ولم تعلن، على الفور، أي جهة رسمية تفاصيل حول الحادثة". وجاء هذا التطور بعد أن استهدفت مقاتلات حربية بغارتين منزلاً في مدينة الحوطة، مركز محافظة لحج، الذي يبعد أكثر من 20 كيلومتراً شمال عدن، ولم ترد أنباء عن ضحايا.
وفي محافظة أبين، شرق عدن، أفادت مصادر محلية بأن مسلحي تنظيم "القاعدة" الذين يسيطرون على مدينة زنجباز، مركز المحافظة، انتشلوا جثامين 11 قتيلاً على الأقل جراء الغارتين اللتين استهدفتا مقرين يسيطر عليهما التنظيم في المدينة، مساء الأحد. وكثفت الطائرات الحربية التي يُعتقد أنها تابعة للتحالف، ضرباتها الجوية ضد تجمعات عناصر "القاعدة" والمقرات التي يسيطر عليها التنظيم، إذ سجل خلال الـ24 ساعة وقوع غارات في مدينتين بمحافظة أخرى، بالإضافة إلى لحج وشمال عدن. ويسيطر مسلحو "القاعدة" على مدينتي زنجبار والحوطة، مركزي محافظتي أبين ولحج على التوالي، وهما مدخلا عدن الشرقي والشمالي، بالإضافة إلى ذلك ينتشر المسلحون ببعض أحياء عدن الشمالية.