تقارير ووثائق

صيف ساخن لـ"القاعدة" في جنوب اليمن

يبدو أن صيفاً ساخناً بدأ في مناطق جنوب اليمن مع تصاعد الضربات الجوية التي تستهدف تنظيم "القاعدة" المسيطر على مدن عديدة في جنوب البلاد، بعدما توسع في الأشهر الماضية، مستغلاً الحرب الدائرة بين قوات الشرعية المدعومة من التحالف العربي من جهة وبين جماعة الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح من جهة ثانية.

 
وتؤكد مصادر محلية متطابقة وأخرى مقربة من التنظيم لـ"العربي الجديد" سقوط العشرات من القتلى والجرحى من مسلحي "القاعدة"، جراء سلسلة من الضربات الجوية التي استهدفت مراكز للتنظيم في محافظات عدة، في وتيرة غير مسبوقة، وتحديداً لجهة عدد الغارات وكثافتها خلال أيام.

 
ومن أبرز المراكز التي استهدفتها المقاتلات الحربية خلال الأيام الماضية معسكران؛ أحدهما كان للدفاع الجوي وآخر لقيادة المنطقة العسكرية الثانية في مدينة المكلا (عاصمة محافظة حضرموت). كما تحدثت الأنباء عن استهداف منزل كان يتبع سابقاً لقائد المنطقة العسكرية الثانية، غير أن المنزل وما في المدينة من معسكرات باتا تحت سيطرة التنظيم منذ أبريل/نيسان العام الماضي.

 

وتعتبر المكلا من أهم خمس مدن يمنية، وهي مركز محافظة حضرموت الأكبر مساحة بين المحافظات، إذ تصل مساحتها لثلث مساحة اليمن.

 

وشهدت المكلا الأسبوع الماضي ضربات جوية غير مسبوقة أودت بحياة العشرات من مسلحي التنظيم، بعدما استهدفت الضربات أحد المعسكرات التدريبية لـ"القاعدة". واعترف تنظيم "القاعدة" في بيان لاحق بمقتلهم، قائلاً إنهم كانوا يستعدون للتوجه للقتال في محافظة البيضاء، وسط البلاد، ضد الحوثيين.

 
وجاءت غارات المكلا بعد يوم من غارات مكثفة في محافظة أبين، الواقعة شرق عدن، حيث استهدفت المقاتلات الحربية مقراً رئيسياً للتنظيم في المدينة ومقر جهاز الاستخبارات ومعسكراً تدريبياً. كما نفذت غارات شمال عدن وفي مدينة الحوطة مركز محافظة لحج، القريب من عدن، والذي يبعد عنها نحو 20 كليومتراً ويقع تحت سيطرة التنظيم. وتقول مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن النفوذ شمال عدن وفي المناطق المحاذية لها في لحج، لا يقتصر فقط على "القاعدة" بل يشمل أيضاً مجموعات موالية لتنظيم "داعش".

 
وللمرة الأولى يتلقى تنظيم "القاعدة" هذا العدد من الضربات خلال أيام، إذ يتعرض منذ أواخر عام 2009 لضربات طائرات أميركية بدون طيار، لكنها عمليات محدودة، بمعدل يقل عن المائة سنوياً. ولا تزال هوية الطائرات التي قصفت في أبين والمكلا ولحج الأيام الأخيرة محل جدل، بين من يقول إنها طائرات التحالف العربي وبين من يعتقد أن الضربات مصدرها طائرات أميركية.

 
وبدا تنظيم "القاعدة" مرتبكاً خلال الأيام الماضية في مواجهة هذا العدد من الضربات، بعدما توسع على مدى أشهر واتخذ مقرات ومعسكرات معروفة. وهو الأمر الذي يجعله مكشوفاً أمام الضربات الجوية، على الرغم من الترسانة التي بات يمتلكها وسيطر عليها من المعسكرات على هامش الحرب بين الشرعية والانقلابيين.

 
في المكلا تحديداً، لجأ تنظيم "القاعدة"، والذي يعرف محلياً ب"أنصار الشرعية"، إلى تعليق لوحات تندد بالضربات ودعا إلى وقفة احتجاجية تندد بالقصف. كما أصدر بياناً حاول أن يربط فيه بين استهداف المعسكر التدريبي الأسبوع الماضي وبين الحوثيين، وهي تصرفات تعكس المرحلة التي كان "القاعدة" قد خلط فيها بين العمل السياسي المحدود وبين توجهه الأساسي كجماعة مسلحة متشددة.

 

وكان التنظيم قد استخدم المفاوضات مع السلطات المحلية والشخصيات في المناطق التي يسيطر عليها، ولم يتبن منذ أشهر عمليات تفجيرية أو اغتيالات في المناطق المحررة، واقتصرت العمليات التي يتبناها على مواجهة الحوثيين وحلفائهم، وخصوصاً في محافظة البيضاء.

 
ويتوقع محللون أن يلجأ "القاعدة"، في الفترة المقبلة، إلى استراتيجية الانتشار والابتعاد عن التجمعات في المعسكرات وغيرها، بعد تكرر الضربات الجوية. وعلى الرغم من الخسائر الناتجة عن الضربات، إلا أنها تأثيرها محدود بغياب قوات تسيطر على الأرض، وهو ما ثبت خلال عام من الضربات الكبيرة للتحالف ضد الحوثيين وحلفائهم.

 
ويسيطر تنظيم "القاعدة" على العديد من مناطق جنوب اليمن، بينها مدن ومناطق محافظة أبين ومناطق في محافظة شبوة المحاذية لها. كما ينتشر في مدينة الحوطة، مركز محافظة لحج، ويتمتع بنفوذ في محافظة "البيضاء" المحاذية لأبين ولحج، بالإضافة إلى سيطرته على مدينة المكلا. واستطاع التنظيم أن يجند أعداداً كبيرة في أماكن سيطرته.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى